مدار الساعة - كتب : فراس نصوح المجالي - في نهائي بطولة كأس العرب، حيث امتزجت أهازيج الفرح بلوعة الختام، رأيت الدمع يترقرق في عيون فتية بلدي، لا دمع انكسار، وإنما دمع محب عانده القدر في اللحظة الأخيرة.
وفي ذلك الميدان تهيأت لنا أسباب المجد، إلى أن سرق الحظ منا حلاوة المشهد الأخير، وكأن لمنتخبنا مع النهائيات عهداً من الشوق الذي لا يكتمل، تكراراً لمشهد آسيوي سابق، أبى فيه الكأس إلا أن يتمنع على من استحقوه بجدارة.إلا اننا رأينا في تلك المدرجات ميلاداً لجيل عظيم، حيث أثبت النشامى بأن حضورهم في كرة القدم ليس ومضة عابرة، بل منظومة راسخة، وفكر مؤسسي استعاض عن غياب الأسماء بحضور الروح.تلك الروح القتالية، وذلك الانضباط الحديدي الذي أذهل المراقبين، لم يكن وليد اللحظة، بل ميراث جينات في الشخصية الأردنية التي كلما اشتدت عليها الخطوب، تحولت إلى كتلة من البأس والصمود، تماماً كما يشتد العود بالنار ويقدح بالصخر الشرار.كفكف دموعك ايها النشمي ، فلعل الله قد منع عنك قمة ليدخرك لقمة أعلى، ولعل في غصة نهائي آسيا، وغصة كأس العرب، الوقود والعزم الذي سيحملنا إلى المونديال الحلم.فقد أدركنا اليوم أننا نملك ما هو أغلى من الذهب؛ نملك وطناً واحداً، وراية واحدة، تلتف حولها القلوب وتتوحد الغايات، في مشهد يعيد تعريف الانتماء.فجوهر الشجاعة ليس في ضمان النصر، بل في روعة الإقدام وأنت تدرك احتمالات الخسارة، فتبذل الروح بلا تردد، وتلك هي البطولة التي سطرها أبطالنا بمداد العرق، وأظهروها بعزم واقتدار.لقد أثبت الأردن بأبنائه النشامى وقيادته وشعبه الأبي أنه ليس مجرد بقعة على الخريطة، بل هو فكرة حية، وروح لا تقهر، ومعنى يعيد للانتماء بريقه المفقود في زمن تاهت فيه البوصلات.ارفعوا الرأس أيها النشامى، إذ غرستم في قلوبنا يقيناً راسخاً بأن الأردن، مهما طال الطريق إلى القمة، فهو قادم لا محالة، بخطى الواثقين الذين لا يعرف اليأس إلى نفوسهم سبيلاً.المجالي يكتب: ملحمة عز أردنية
مدار الساعة ـ





