أحيل مشروع قانون الموازنة العامة مؤخرًا إلى مجلس الأعيان، تأتي هذه الخطوة ضمن مرحلة الإقرار التي يشترك بها كل من مجلسي النواب والأعيان، فالعملية التشريعية في الأردن ترتكز على ثلاث مراحل؛ حيث يعرض رئيس الوزراء مشروع القانون على مجلس النواب، فيقرر مجلس النواب القبول أو الرفض، ومهما كان قراره فإنه يتوجب عليه إحالة المشروع إلى مجلس الأعيان، ويجب أن يتطابق المجلسان في قرارهما؛ فإذا رفضا المشروع أعيد إلى الحكومة ولم تكتمل العملية التشريعية، وإذا قبلا المشروع يتم الانتقال إلى المرحلة الأخيرة وهي التصديق من قبل جلالة الملك (المادة 91 من الدستور).
كما أن المشرع أوجد مواجهة تشريعية لاختلاف قرار كل من المجلسين؛ فإذا رفض أحد المجلسين مشروع القانون مرتين وقبله المجلس الآخر (معدلًا أو غير معدل)فيجتمع المجلسان في جلسة مشتركة للوصول إلى قرار مشترك (المادة 92 من الدستور).يتضح مما سبق أن المشرع ساوى بين مجلسي الأعيان والنواب فيما يتعلق بمرحلة الإقرار، على الرغم من ذلك فإن الصورة الذهنية حول مجلس الأعيان أن موافقته على مشروع قانون الموازنة العامة تعد أمرًا حتميًا، وليس أدل على ذلك من أن التغطية الإعلامية تكون لمناقشات مجلس النواب لمشروع قانون الموازنة العامة بشكل أكبر من مناقشات مجلس الأعيان، وأن الحكومة والمعنيين بالشأن العام يولون أهمية لموافقة مجلس النواب على ذلك المشروع أكثر من مسألة موافقة مجلس الأعيان.إن مجلس الأعيان يشكل إلى جانب مجلس النواب مجلس الأمة، ذلك المجلس الذي يمثل الأمة، وهي الشخص الافتراضي الناشئ عن مجموع المواطنين، فلا يصح القول إن مجلس النواب هو من يمثل الأمة، إنما يمثلها إلى جانبه مجلس الأعيان (المادة 25 من الدستور).بناءً على ما تقدم، ولضمان تفعيل دور مجلس الأعيان في مشروع قانون الموازنة العامة وتغيير الصورة الذهنية حول المجلس فقد يكون من المناسب التوعية بالتنظيم التشريعي للمجلس وحصول المجلس على الوقت اللازم من مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة، وما يصاحب ذلك من تغطية إعلامية كافية، وأن ذلك يستلزم مناقشة فعلية من المجلس لمشروع القانون، خاصة وأن المجلس عادة ما يضم في عضويته رؤساء وزراء ووزراء سابقين على النحو الذي يضفي طابع الخبرة السياسية على المجلس (المادة 64 من الدستور).