مع تكرار الحوادث المؤلمة المرتبطة بوسائل التدفئة في فصل الشتاء، تعود إلى الواجهة موجة من الاتهامات التي توجه في كل مرة إلى نوع معين من المدافئ، وكأن المشكلة محصورة في جهاز بعينه، غير أن "قراءة متأنية" لما حدث خلال السنوات الماضية تكشف حقيقة مختلفة تماما، مفادها ان المدافئ لا تقتل وحدها، فمن هو القاتل الحقيقي؟.
"الحوادث الأخيرة" التي تم ربطها بنوع محدد من المدافئ وهي "ليست الأولى" ولن "تكون الأخيرة"، ما لم نواجه جذور المشكلة، فقد سمعنا مرارا وتكرارا عن حالات اختناق وقعت بسبب أنواع مختلفة من المدافئ، سواء كانت تعمل بـ"الكاز أو الغاز" أو حتى أنظمة التدفئة الحديثة التي تم تركيبها داخل المنازل، وفي جميع هذه الحالات، كانت الأسباب متشابهة وتتكرر في كل مرة كسوء التهوية وغياب إجراءات السلامة الإهمال في الصيانة أو اللامبالاة أثناء الاستخدام.وليس خافيا على أحد، أن بعض الوفيات "وقعت نتيجة" الاختناق بالغاز الناتج عن أنظمة تدفئة مركبة حديثا، ما يؤكد أن الخطر لا يرتبط بوسيلة تدفئة تقليدية أو قديمة فقط، بل يمتد إلى كل وسيلة تستخدم دون الالتزام بشروط السلامة العامة.المسؤولية هنا مسؤولية مشتركة، تبدأ من ضرورة الالتزام بالصيانة الدورية، و"عدم إغلاق" جميع المنافذ داخل المنزل وتوفير تهوية كافية، وإبعاد الأطفال عن وسائل التدفئة، إضافة إلى التأكد من إطفائها جيدا قبل النوم، و هذه الإجراءات البسيطة قد تكون الفاصل بين شتاء آمن ومأساة جديدة.الأرقام في احد المواسم الشتوية وأعلن عنها الدفاع المدني تشير إلى خطورة الوضع، حيث تم تسجيل 25 وفاة و 568 إصابة في 509 حوادث متعلقة بسوء استخدام وسائل التدفئة، وهذه الأرقام لا تشير إلى خلل في نوع واحد من المدافئ، بل تعكس حجم المشكلة المتكررة سنويا، والتي تتجدد مع كل شتاء.حتى المدفأة التي أشير إليها في "الحوادث الأخيرة"، والتي قيل إنها خارج المواصفات، ليست رخيصة الثمن، إذ يتجاوز سعرها 75 دينارا، ويصل إلى 100 دينار للأنواع الأكبر حجما منها، ما يدحض فكرة أن "الخطر" مرتبط فقط بالمنتجات الرديئة أو الرخيصة.خلاصة القول، يبقى الحل الحقيقي في رفع الوعي، وتحمل المسؤولية، والالتزام بتعليمات السلامة، بدل البحث في كل مرة عن متهم جديد، او سبب يبرر الموت، فالشتاء قاس بما يكفي، ولا يحتمل المزيد من الخسائر التي يمكن تجنبها بالقليل من الانتباه والحرص، ولهذا نقول، تعددت الاسباب والموت واحد.المدافئ.. لا تقتل وحدها
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ