أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

النشامى.. ليلة الهوية الوطنية


فهد الخيطان

النشامى.. ليلة الهوية الوطنية

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

مشاهد الاحتفالات الشعبية في عمان والمحافظات بفوز المنتخب الوطني الأردني "النشامى" في تصفيات كأس العرب وتأهله للمباراة النهائية، تشي بأكثر من فرح جمهور كرة قدم.

من متابعة تلك المشاهد لآلاف المواطنين على شاشات التلفزيون، وتصفح تعليقات مواقع التواصل الاجتماعي، تلاحظ وبسهولة مجاميع اجتماعية من مختلف الأعمار، لا تربطها صلة دائمة بالرياضة أو كرة القدم، ويمكن تمييزها عن المجموعات المعروفة التي تشجع الأندية الأردنية الكبرى في دوري المحترفين.

روح احتفالاتهم ليس مجرد تعبير عن فرحة رياضية، إنما تأكيد للذات والهوية الوطنية الأردنية. احتفال بقدرة الأردن على المنافسة، والحضور والقدرة على مقارعة الكبار والفوز عليهم. ليس بوصفها كرة قدم فحسب، بل كدولة ومجتمع وهوية، طالما لاحقتها الشكوك والطعون.

"النشامى" في هذه المواعيد جسدوا رغبة الأردنيين الجارفة لتقديم هويتهم بما تحمل من سمات وصفات.

الأعلام والشماغ والأهازيج والمنسف طافت عبر الشاشات ومواقع التواصل دول العالم العربي كلها. حضرت كرموز لهوية طالما جرى تجاهلها في السرد التاريخي العربي.

وفي اعتقادي أن نزول الأردنيين بهذه الأعداد الكبيرة إلى الشوارع، وحضورهم المدهش على منصات التواصل، كان بمثابة احتفال بنيلهم الاعتراف بهويتهم الوطنية؛ لا بهم كدولة يحترمها الجميع فقط. بدا هذا الشعور الواثق بالهوية يتشكل منذ أن تمكن الأردن من التأهل لكأس العالم لأول مرة في تاريخه، وقد سبق منتخبات عربية عريقة، كان لها من قبل، باع طويل في البطولات العالمية.

الرياضة والثقافة والموسيقا والأعمال الإبداعية عموما، هي اليوم مفاتيح المجتمعات للحضور العالمي وإثبات الذات في المشهد الحضاري.

كل ما عرفناه صغارا عن البرازيل والأرجنتين كان بفضل كرة القدم. وكل ما حلم به الشبان، من بذلات وربطات عنق كان إيطاليا. عالم الموضة عند النساء يرتبط بباريس وميلانو، ومثلها أشهى أطباق الطعام.

والإبداع في صنوفه تلك، له رموز شقوا عنان السماء في نجوميتهم وحضورهم. لم نكن أن نتخيل يوما أن يكون لدينا نجوم في عالم كرة القدم، سواء في أوساط شبابنا الأردني أو العربي. كان لنا هذا أخيرا؛ يزين النعيمات صار أيقونة بالنسبة للأردنيين، وموسى التعمري مبعث فخر وطني في حضوره العالمي بالدوري الفرنسي. عودة الفاخوري، الشاب الواعد الذي فتن الجمهور في المدرجات. علوان والرشدان وشرارة وسواهم من فرقة المقاتلين، تجسد شعورا بأن لهم أخيرا مكانا في عالم المنافسة العربي والعالمي.

وللإنصاف، الأردني لم يكن غائبا عن ميادين المنافسة بشكل عام، فقد كان حاضرا في قوائم التفوق العلمي والأكاديمي والطبي، وفي قصص النجاح الاقتصادي على أكثر من صعيد، مثلما كان وما يزال حضورنا في الرياضات الفردية مميزا على المستويين العربي والعالمي.

لكن تبقى كرة القدم الأكثر شعبية على المستوى العالمي، والحضور فيها لا يدانيه حضور.

بالنسبة للأردنيين، فوز "النشامى" ومشاركتهم المقبلة في كأس العالم، ليست حدثا رياضيا بالمعنى المعتاد، إنها لحظة الهوية الوطنية الأردنية بكل مكوناتها ورموزها.

الرغبة بالفوز في نهائي العرب، ليس طموحا بالكأس، بل بالبطولة. يرغب الأردني أن يملأ صدره بالفخر بهويته ووطنه، ذلك ما يحرك المجاميع التي خرجت في الليالي الباردة للاحتفال بتأهل النشامى.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ