أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

العنانزة يكتب: ما الذي يحدث؟ وكيف حصدت (الشموسة) التي حذر منها الأمن العام (أرواح الأبرياء)؟


محمد العنانزة

العنانزة يكتب: ما الذي يحدث؟ وكيف حصدت (الشموسة) التي حذر منها الأمن العام (أرواح الأبرياء)؟

مدار الساعة ـ

div style="">تحولت مدفأة “الشموسة” التي حذر من استخدامها الامن العام ببيان رسمي ، من وسيلة تدفئة رخيصة إلى عنوان مأساوي في شتاء الأردنيين، بعد أن تسببت بوفاة 15 شخصًا حتى الآن نتيجة حالات اختناق، رغم التحذيرات المتكررة التي أصدرتها الحكومة ومديرية الدفاع المدني بشأن الاستخدام الآمن لوسائل التدفئة داخل المنازل.

الجهات الرسمية كانت قد نشرت تعليمات واضحة تحذر من تشغيل المدافئ أثناء النوم، وتشدد على ضرورة التهوية وعدم استخدام وسائل تدفئة غير مطابقة للمواصفات، إلا أن استمرار وقوع الضحايا يطرح سؤالًا جوهريًا: هل المشكلة في قلة وعي المواطنين وعدم التزامهم بالتعليمات، أم أن الخلل أعمق من ذلك؟

الوقائع تشير إلى أن عددًا من حالات الوفاة وقعت أثناء النوم، في سيناريو معروف تحذر منه الجهات المختصة منذ سنوات. غير أن اختزال ما حدث في “سوء الاستخدام” فقط، يتجاهل واقعًا اجتماعيًا واقتصاديًا ضاغطًا، حيث يعيش كثير من الأردنيين تحت وطأة فقر متزايد وارتفاع حاد في كلفة التدفئة، ما يدفعهم للبحث عن الأرخص، لا الأكثر أمانًا.

سعر مدفأة “الشموسة”، الذي لا يتجاوز 25 دينارًا، لم يكن تفصيلًا عابرًا، بل كان العامل الحاسم في انتشارها السريع داخل البيوت، خاصة في المناطق الأكثر فقرًا. هذا السعر المنخفض عكس فجوة واضحة بين القدرة الشرائية للمواطنين وكلفة وسائل التدفئة الآمنة، ما جعل الالتزام بالتعليمات الرسمية في بعض الحالات أشبه بنصيحة غير قابلة للتطبيق.

الفقر لا يبرر ما حدث، لكنه يفسره. فرب الأسرة الذي يشغّل المدفأة وينام، قد لا يكون جاهلًا بالمخاطر بقدر ما هو عاجز عن توفير بديل آخر، في منازل صغيرة، وبرد قارس، وخيارات محدودة. وهنا يصبح السؤال الحقيقي: هل نحمّل الضحية مسؤولية اختيار لم يكن يملك سواه؟

وتزداد خطورة القضية مع كون مدفأة “الشموسة” منتجًا محلي الصنع، ما يفتح باب التساؤل حول مدى جودة الرقابة على المصانع، ومعايير السلامة المعتمدة، وآليات الترخيص التي سمحت بطرح هذه المدفأة في الأسواق. كيف اجتازت هذه الصوبة مراحل الفحص؟ وهل خضعت لاختبارات تحاكي استخدامها الفعلي داخل المنازل؟ أم أن السعر المنخفض غلّب السلامة؟

ورغم كل ما سبق، فإن المسؤولية لا يمكن أن تقع على عاتق المواطن وحده. فالمؤسسات الرسمية المعنية بالرقابة وحماية المستهلك تتحمل مسؤولية أساسية في منع تداول أي منتج يشكل خطرًا على حياة الناس، لا الاكتفاء بالتحذير بعد وقوع الضحايا. فالتوعية مهمة، لكنها لا تعوض غياب الرقابة، ولا تحمي من منتج خطر تم السماح بتداوله.

ضحايا مدفأة “الشموسة” لم يكونوا متهورين، بل كانوا ضحايا برد قاسٍ، وفقر ضاغط، ومنظومة لم تتدخل في الوقت المناسب. وإذا لم تتحول هذه الحادثة إلى مراجعة جادة وشاملة لسياسات التدفئة والرقابة الصناعية، فإن السؤال سيبقى مفتوحًا ومؤلمًا: كم روحًا أخرى يجب أن تُفقد قبل أن يصبح الدفء في الأردن حقًا آمنًا، لا مخاطرة قاتلة؟

و بالرغم من كل هذا ، المسؤوليه وقعها على عاتق المؤسسات الرسمية المعنية بهذا الأمر .

مدار الساعة ـ