أثار فوز الأردن على مصر في كأس العرب عاصفة من ردود الفعل بين المصريين، إذ انهمرت مئات آلاف التعليقات والفيديوهات.
أعجبني في رد فعل المصريين أمرين، أولهما غيرتهم الشديدة على مصر، وهذه ميزة معروفة في الشخصية المصرية التي يستحيل أن تطعن في بلدها مهما كانت ظروف حياتها، وأيضا احترامهم للأردن فلم ينالوا من الأردن بكلمة سوء على الأغلب، بل أشادوا بالمنتخب الأردني وقدراته ولاعبيه، واتسمت تعليقاتهم بخفة الدم والتقدير.لم يعجبني بالمقابل مبالغتهم في الغضب، فهذه مجرد مباراة كرة قدم، أيا كان الفائز بها فهو يمثل الآخر العربي، مثلما أن النتيجة غير مجروحة ويستحقها الأردن، الذي سيذهب إلى كأس العالم، إلا إذا كان البعض يستصغر مسبقا قدرات الأردن الرياضية، ولا يريد أن يصدق أن لا حقيقة ثابتة، فالضعيف في الرياضة قد يصبح قويا.يوم غد الجمعة سيلعب الأردن مع العراق، ولنا تجارب سابقة مع الأشقاء العراقيين، تم فيها قدح الكلام، والرد على القدح بقدح مضاعف، وهذا أمر لا يرضاه أحد، لأننا جميعا في نهاية المطاف أبناء أمة واحدة، لا تفرقنا مباراة، ولا يشطرنا تعليق، ولا فيديو، وهي مناسبة أن ندعو مشجعي الأردن والعراق معا إلى التأني في ردود الفعل، أيا كانت نتيجة المباراة، وعدم الاستدراج وراء كلمة هنا أو هناك من المشجعين، فما بين الناس روابط عمرها آلاف السنين.ما بين الأردن ومصر والعراق وبقية الدول العربية، أكبر بكثير من مباريات كرة قدم، من التاريخ إلى الهوية، إلى العلاقات الطيبة.من حق الأردن أن يفرح هنا، وتسمع تعليقات لا تفهم طبيعة أصحابها، يقولون لك إن لا داعي لان نفرح كثيرا لان كل المنطقة تحت الحرب والذبح، وللغرابة فإن أهل غزة ذاتهم ابرقوا بفيديوهات باركوا فيها للأردن بعد أن تابعوا المباراة مع مصر، برغم ظروفهم، إلا إذا كان البعض يريد تحريم ساعة فرح عليهم أيضا، وهم ذات الجمهور الذي احتفل بفوز الفريق الفلسطيني، وهذه هي سيكولوجيا الحياة التي تشتد الرغبة فيها برغم كل المآسي التي يعيشها الغزيون.لا تسمع الوعظ حول قصة فرح الأردنيين بنتائج كأس العرب إلا إذا فاز الأردن، ولو لم يفز لما سمعنا سوى اللطم، فيما الفوز مثال على قدرة الأردني على التفوق، لأن العنصر البشري في هذه البلاد إذا حصل على التدريب والتأهيل والخبرة والفرصة والرعاية يبدع، ليس في الرياضة وحسب، بل في كل القطاعات، فهذا أمر يثبت أن لدينا القدرة إذا قررنا الاستثمار جيدا في القدرة والكفاءة والإنسان.مما لا ننكره هنا أن حياتنا تفيض بالضغوطات، وربما الكل بحاجة إلى مسرة، وقد تنزلت علينا المسرة لما حققه الأردن، أيا كانت النتائج اللاحقة، فالمهم أن نحاول ولا نتردد، ومن حقنا أن نسترد سمعة الأردن في كل القطاعات، وهي سمعة ذهبية تعرضت إلى تغيرات بسبب عدم المتابعة والإهمال، فيما يقال نهاية المطاف إن اللعب النظيف هو العنوان الأهم، وهذه هي الحقيقة الأبرز الواجب أن نتذكرها، فتكون الرياضة هنا عاملا سياسيا واجتماعيا يرص الصفوف ولا يفرقها بين أبناء أمة واحدة بطبيعة الحال.كل فريق فائز يمثل الآخر في كأس العرب.. اليس كذلك؟!.غضبة المصريين بعد فوز الأردن
مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ