منذ لحظة إعلان وقوع المنتخب الأردني في مجموعة واحدة مع بطل العالم، الأرجنتين، انفتحت شهية بعض وسائل الإعلام المحلية وخربشات مواقع التواصل والمجالس الشعبوية، على طبخ التحليلات خاصة القادمة من بوينس آيرس، ونقل بعضها أن الردود الأرجنتيية كانت متخوفة من المجموعة، ووصلت إلينا بعد رحلة طويلة من "الترجمة المزاجية" التي جعلت الجمل البسيطة تبدو وكأنها تخوفات.
والحقيقة بعيدا عن التهويل، وبحسب رصد وسائل إعلام الأرجنتين التي خرجت بتحليلات هادئة كتبتها صحف مثل (Olé) و(TN) و(El Economista)، قالت ما هو منطقي: مجموعة مناسبة لبطل العالم، لا سهلة جدًا ولا "مجموعة موت"، وأشارت أيضًا إلى أن لقاء الأردن سيكون أول مواجهة رسمية بين المنتخبين، وهذا يجعله اختبارًا جديدًا، ليس أكثر، لا صدمة، لا ارتباك، ولا حتى رعشة خوف واحدة سجّلتها الصحف هناك.المشهد الحقيقي أبسط بكثير، الإعلام الأرجنتيني يتعامل مع المجموعة بعقلانية، ويحترم الأردن كمنتخب صاعد يعيش أول مونديال له، يملك فرصة للمفاجأة، وفي المقابل، بعض الإعلام الشعبوي يفضّل إضافة الملح والفلفل حتى على الأخبار الرياضية.لكن وسط هذا الضجيج، هناك نقطة ذهبية لا ينبغي أن تضيع: وجود الأردن في مجموعة الأرجنتين صنع موجة اهتمام عالمية لا علاقة لها بالخوف الكروي، البحث عن كلمة (Jordan) ارتفع في جمهور أمريكا الجنوبية، وبدأ كثير من المشجعين والسياح والمهتمين بالثقافات الجديدة يتساءلون: ما هو الأردن؟ أين يقع؟ وكيف يبدو منتخب هذا البلد الذي يواجه بطل العالم؟هذه فرصة يجب ألا تمرّ مرور الكرام، كما قال أحد المتابعين في تصريح نقله موقع اخباري "هذه أفضل حملة إعلامية للأردن الآن، هناك سائحون يبحثون عن الأردن لمجرد أنه في مجموعة الأرجنتين، ولا بد من إبراز الفرصة السياحية في بلدنا".بمعنى آخر، المونديال ليس فقط نتائج وترتيب مجموعات، إنه واجهة عالمية مفتوحة، ولو أحسنا استغلالها يمكن للأردن أن يترك بصمة خارج الملعب لا تقل أهمية عن البصمة التي يصنعها النشامى داخله، ملايين يشاهدون، آلاف يبحثون، وخريطة كاملة من الاهتمام المجاني تهبط علينا دون أن ندفع شيئًا.السؤال الحقيقي: هل نحن مستعدون لتحويل هذا الزخم إلى قصة نجاح أردنية؟ بعيدا عن النتائج، التي سوف يصنعها النشامى، ولدي ثقة بأنه سيكونون الرقم الصعب في المونديال.المنتخب قادر على تقديم كرة قدم تشرف الأردن، لكن الدولة كلها قادرة على استثمار هذه اللحظة لتعريف العالم ببلد جميل ومختلف وواعد، بدون مبالغة، وتضخيم ..المبالغة مكانها الاحتفالات، أما في الترويج الوطني، فالصوت الواقعي هو الذي يصنع الأثر… والبصمة التي لا تُنسى.النشامى والمونديال: فرصة الأردن تتجاوز النتائج
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ