أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

صندوق الضمان ودوره الاستثنائي في الاقتصاد


سلامة الدرعاوي

صندوق الضمان ودوره الاستثنائي في الاقتصاد

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

يكشف الحوار الإعلامي المطول مع رئيس مجلس صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي عمر ملحس عن عدة رسائل جوهرية تتعلق بسياسة الاستثمار، وهيكل الحوكمة، والتوجهات الجديدة للصندوق، إضافة إلى تفاصيل مالية غير مسبوقة عُرضت بأرقام دقيقة؛ كما قدم للمرة الأولى تفاصيل واضحة عن آلية إدارة الصندوق وهيكل الاستثمار فيه.

وتفتح التصريحات التي قُدمت حول سياسات واستثمارات صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي بابا واسعا لأسئلة مشروعة تحتاج إلى إجابات واضحة في المرحلة المقبلة: إلى أي مدى يستطيع الصندوق تحقيق التوازن بين الدخول في مشاريع رأسمالية كبرى وبين الحفاظ على مستويات المخاطر المقبولة؟ وهل يشكل الاعتماد الكبير على السندات الحكومية خيارا إستراتيجيا أم نتيجة لقيود تشريعية يجب إعادة النظر فيها؟

ومن هذا المدخل بدأ النقاش حول كيفية اتخاذ القرارات الاستثمارية، حيث أوضح أن القانون يفصل بين من يقترح السياسة الاستثمارية ومن يقرها ويراقب تنفيذها، فيما يتولى الصندوق التطبيق ضمن محددات رقابية وتشريعية معلنة، ما يضمن وضوح العلاقة بين التنفيذ والرقابة.

وعُرضت تركيبة المحفظة الاستثمارية كما هي في 31-10-2025؛ إذ بلغ حجم الموجودات 18.2 مليار دينار موزعة على أدوات نقدية بقيمة 2.3 مليار دينار، وسندات حكومية بقيمة 10 مليارات، وقروض بقيمة 560 مليونا، وأسهم بقيمة 3.5 مليار، إضافة إلى 890 مليونا في العقارات و320 مليونا في المحفظة السياحية.

وهذه الأرقام تؤكد اعتمادا كبيرا على السندات الحكومية ضمن الحدود التي يسمح بها القانون (بين 50 و60 بالمائة)، وهو ما يعكس نمطا يتفق مع طبيعة صناديق التقاعد التي توازن بين العائد والمخاطر عبر أدوات الدين الآمنة.

كما تم استعراض التطور التاريخي للموجودات منذ عام 2003، حين بدأت الوحدة الاستثمارية بموجودات تقارب 1.9 مليار دينار، وصولا إلى 18.2 مليار اليوم، وبأرباح تراكمية بلغت 7.5 مليار دينار خلال الفترة نفسها، معظمها من عوائد نقدية وأرباح تقييم، هذه الأرقام تعكس نموا كبيرا، لكنها لا تلغي أهمية إدارة المخاطر وتنويع أدوات الاستثمار في ظل ظروف إقليمية غير مستقرة.

وفيما يتعلق بالتوجهات الجديدة، برز سعي الصندوق للانخراط في المشاريع الوطنية الكبرى، وعلى رأسها مشروع الناقل الوطني، حيث طلب الصندوق تمويل الحصة المحلية كاملة بقيمة 1.2 مليار دينار نظرا للعوائد المتوقعة والمكفولة، ودخول البنوك بقوة رفع حجم الاكتتاب، ما سيؤدي إلى تخصيص جزء من التمويل للصندوق، كما طلب الصندوق امتلاك حصة في شركة المشروع تصل إلى 15 بالمائة، ما يعني الانتقال من الدور التمويلي إلى دور الملكية.

وتشمل التوجهات الجديدة كذلك دراسة مشروع نقل غاز حقل الريشة، وهو مشروع بنية تحتية طويل الأجل يتسق مع هدف تنويع المحفظة بعيدا عن الأدوات التقليدية، إلى جانب ذلك، يبحث الصندوق الدخول في شراكات تصل نسبتها إلى 40 بالمائة مع شركات صناعية كبرى تعمل على تأسيس مصانع جديدة، وهو توجه نحو الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي وليس المالي فقط.

أما النقطة الأكثر لفتا للنظر فهي شراء 12 بالمائة من أراضي المدينة الجديدة بأسعار أقل من القيمة الإدارية بنحو 30 بالمائة، إذ إن الاتفاقيات المبرمة تمنح الصندوق حقوق تطوير وتأجير وبيع، ما يفتح مجالا واسعا لعوائد مستقبلية مرتبطة بنجاح المشروع.

ويستند هذا الخيار إلى طبيعة الصندوق الممتدة زمنيا، حيث يسمح متوسط أعمار المشتركين (نحو 32 عاما) بأفق استثماري طويل يتجاوز 30 سنة، وهو ما يجعل الاستثمار طويل الأجل ممكنا وملائما.

كما تم التوضيح أن الصندوق يمتلك أسسا واضحة وشفافة جدا لتأجير الأراضي وتمويل المشاريع، سواء عبر عقود BOT أو التأجير التمويلي أو نماذج الشراكة، وأن هذه الأدوات تُستخدم وفق محددات معلنة تضمن العدالة والرقابة وتجنب الاجتهاد الفردي.

في النهاية، يبقى الحكم على هذه التوجهات رهنا بالنتائج الفعلية والعوائد المتحققة وقدرة الصندوق على تحقيق التوازن بين الأمان والعائد في واحدة من أكثر الملفات ارتباطا بالأمن الاجتماعي والاقتصادي في الأردن.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ