المتابع للأزمة الأوكرانية – الروسية منذ انقلاب عام 2014 الدموي في العاصمة ( كييف ) ، وقبل ذلك مع بدء نيران الانتخابات الرئاسية و الثورات البرتقالية ، لا بد له و أن يلاحظ بأن التيار البنديري المتطرف القادمة جذروه من أتون الحرب العالمية الثانية و جناحها الهتلري و ارتباط جدهم بانديرا مبكرا به ، ارتبط بعلاقات لوجستية مع المملكة المتحدة ( بريطانيا )، و مع رئيس وزارئها باريس جونسون ، ومع الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن ، و إبنه هانتر بايدن ، و لوجستيا الغرب ، بهدف الجنوح غربا بعد ادارة ظهر أوكرانيا بالكامل لروسيا الاتحادية زعيمة الاتحاد السوفيتي السابق ، و عن كافة الدول المستقلة عن الاتحاد لتحقيق أهداف غربية ذات علاقة بأهمية ديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح ، و استهداف روسيا وصولا لامكانية أقوى من شأنها استهادف الصين الشعبية ، وكامل شرق و جنوب العالم بعدما رشحت معلومات عن الشروع ببناء عالم متعدد الاقطاب يلغي احادية القطب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، ويعمل على زجه في منظومة تعددية الاقطاب، بعد الارتكاز على فكر المفكر الروسي الكسندر دوغين و أخرون مثل ديفيد كامبف ، و ديل أولتون ، و ديليب خيرو ، و فابيو بيتيتو .
اعتقدت العاصمة ( كييف ) ونظامها السياسي بقيادة الفنان البهلواني فلاديمير زيلينسكي بأنها ستنجح بعد انفكاك أوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي بالتجذيف صوب الغرب ، و أعمق تجاه حلف ( الناتو ) المعادي لروسيا ، و الرافض عام 2000 ضم روسيا إليه ، وهي التي هدفت لردم الحرب الباردة و سباق التسلح ، و لمنع اندلاع حرب ثالثة عالمية مدمرة للحضارات و البشرية رغم امتلاكها ترسانة نووية تصنف على أنها الأولى و الأقوى في العالم . ولم تلتفت ( كييف ) لأتفاقية تفكيك الاتحاد السوفيتي لعام 1991 التي اشترطت على الدول المستقلة عدم الارتباط بتحالفات معادية لروسيا و للمنظومة السوفيتية السابقة وفي مقدمتها ( الناتو )، الخط الأحمر لهم ، فشكلت صناديق الاقتراع في إقليم ( القرم ) ، و في أقاليم ( الدونباس – دونيتسك و لوغانسك صدمة قاضية لها ،و خرجت بنتيجة واضحة لصالح الانضمام لروسيا و رفض نظام ( كييف ) و توجهه تجاه الغرب . و أفصحت روسيا – بوتين ، بأن أوكرانيا دخلت الاتحاد السوفيتي عام 1922 من دون امتلاكها للقرم و الدونباس الروسيين الأصل ، و منحتهما لها روسيا بعد استقلالها عام 1991 ولكي تبقى في الحلف الروسي و الدول المستقلة ،و رفضت خطوة الزعيم السوفيتي نيكيتا خرتشوف عام 1954 بضم القرم لأوكرانيا لأسباب اقتصادية و مائية ، و فقط لأنه أوكراني الأصل .وفي العملية العسكرية الخاصة الدفاعية التحريرية عام 2022 ، ارتكزت روسيا على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 571 التي تسمح للدولة المعتدى على سيادتها مثل روسيا الدفاع عن نفسها ، في وقت تعتبر العاصمة ( كييف ) و نظامها الذي يقوده زيلينسكي ،المنتهية ولايته معتدى على سيادتهم ، وفي زمن يتم تفسير القانون الدولي بطريقة يختلف فيه الموقف الروسي عن موقف الاتحاد الأوروبي تحديدا أكثر من موقف الولايات المتحدة الان في عهد الرئيس دونالد ترامب . و تقارب روسي – أمريكي في أيامنا هذه يقوده الرئيس فلاديمير بوتين و ستيف ويتكوف لم يشهده تاريخ العلاقات الروسية – الأمريكية من قبل ، وخط ساخن مباشر بينهما ، و دخول جاريد كوشنر صهر ترامب على خط المفاوضات الأمريكية –الروسية مع بقاء الاتحاد الأوروبي في الجبهة المعادية و المفسرة للقانون الدولي خطأ من دون الأخذ بعين الاعتبار لخصوصية استقلال أوكرانيا بالنسبة لروسيا مانحة الاستقلال و الاتحاد السوفيتي لها طوعا .فما هو أهمية القرم و الدونباس بالنسبة لروسيا ؟ وما أهميتهما بالنسبة للغرب و ليس للعاصمة ( كييف ) فقط ؟ إن القرم و الدونباس بالنسبة لروسيا جزء لا يتجزأ من الوطن الروسي الكبير ،و صفحة من صفحات الدستور الروسي نفسه ، و من تاريخ روسيا المعاصر ، فلقد حرر القرم مرتان عام 1783 و عام 2014 ، وحمل إسم – تافريدا - شمال البحر الأسود ،و هو مطل على بحر أزوف ، و تبلغ مساحته 2600 كم ، و عدد سكانه أكثر من 2 مليون نسمة ، 58 % من سكانه روس ، و يحق لكل جنسياته العيش فيه مثل الأوكران و نسبتهم 24%، و التتار و نسبتهم أكثر من 12 % . و يتمركز على شاطئه الأسطول الروسي النووي العملاق لغايات إستراتيجية عسكرية ، و فيه ثروة سمكية مربحة . و أهم مدن القرم بعد عاصمته سيمفيروبل ، هي مدينة يالطا ، التي اجتمع فيها قادة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ( ستالين ، و روزفلت ، و تشرشل ) . و الدونباس مكون من أربع مناطق (لوغانسك ، و دونيتسك ، و زاباروجا ، و خيرسون ) ، و ينتج 12 تريليون دولار ، و 56 % من فحم أوكرانيا ، و 80 % من احتياط النفط و الغاز الأوكراني ، ومليون طن حبوب ، ومعادن عديدة نادرة ثمينة . في المقابل لقد خسرت العاصمة الأوكرانية الرهان على التمسك بالغرب و بحلف (الناتو) ، و خسرت تواجدها في القرم ستون عاما ، وهاهي تخسر الدونباس ، و تطالبها روسيا بمغادرة دونيتسك بالكامل حتى يتحقق السلام المنشود بعدما تتحقق في ( كييف ) الشرعية السياسية عبر صناديق الاقتراع . ولقد رسخ الغرب الأمريكي مطامعه مبكرا في الأراضي الأوكرانية ، بهدف توسيع انتشار حلف الناتو ، و تقريبه من الحدود الروسية ، وهو الأمر الذي رفضته روسيا كما سبق لها و أن رفضت هبوط ( الناتو) في أفغانستان عام 1979 . ومع تطور الحدث الأوكراني ، و بقدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، و رغم ضغوطات الاتحاد الأوروبي لإعاقة السلام الروسي – الأوكراني ، تم فتح خط ساخن بين أمريكا و روسيا ، و بدأت أمريكا تقترب كثيرا من روسيا خاصة بعد الزيارة الشجاعة للرئيس فلاديمير بوتين لإقليم الاسكا ولقاء الرئيس ترامب هناك . وهاهي زيارات ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي لموسكو تتجدد ، و لازال الاتحاد الأوروبي في المقابل بقيادة بريطانيا يضع العصا في دالوب السلام طمعا في الحصول على مكاسب ليس لأوكرانيا و لكن له ، و لكي تخرج ( كييف ) منتصرة ما أمكن ، و هو المستحيل في السياسة و العسكرة الروسية . و روسيا كما أعرف عن قرب و أكتب دائما لا تقبل أقل من النصر ، وهي منتصرة في حربها الدفاعية لامحالة .وما أقوله هنا يؤكده المفكر الروسي دوغين .الموقف الروسي قوي في شأن الحرب و السلام وسط الأزمة الأوكرانية ، و أصبح أكثر قوة بإقتراب ساسة أمريكا منه ، و المراهنة على علاقات تجارية و اقتصادية متطورة تفتح افاق المستقبل لقرن قادم واعد خالي من الحروب الكبيرة .العتوم يكتب: ضجة القرم والدونباس.. لماذا؟
مدار الساعة ـ