أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

العتوم يكتب: ضجة القرم والدونباس.. لماذا؟


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: ضجة القرم والدونباس.. لماذا؟

مدار الساعة ـ

المتابع للأزمة الأوكرانية – الروسية منذ انقلاب عام 2014 الدموي في العاصمة ( كييف ) ، وقبل ذلك مع بدء نيران الانتخابات الرئاسية و الثورات البرتقالية ، لا بد له و أن يلاحظ بأن التيار البنديري المتطرف القادمة جذروه من أتون الحرب العالمية الثانية و جناحها الهتلري و ارتباط جدهم بانديرا مبكرا به ، ارتبط بعلاقات لوجستية مع المملكة المتحدة ( بريطانيا )، و مع رئيس وزارئها باريس جونسون ، ومع الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن ، و إبنه هانتر بايدن ، و لوجستيا الغرب ، بهدف الجنوح غربا بعد ادارة ظهر أوكرانيا بالكامل لروسيا الاتحادية زعيمة الاتحاد السوفيتي السابق ، و عن كافة الدول المستقلة عن الاتحاد لتحقيق أهداف غربية ذات علاقة بأهمية ديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح ، و استهداف روسيا وصولا لامكانية أقوى من شأنها استهادف الصين الشعبية ، وكامل شرق و جنوب العالم بعدما رشحت معلومات عن الشروع ببناء عالم متعدد الاقطاب يلغي احادية القطب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، ويعمل على زجه في منظومة تعددية الاقطاب، بعد الارتكاز على فكر المفكر الروسي الكسندر دوغين و أخرون مثل ديفيد كامبف ، و ديل أولتون ، و ديليب خيرو ، و فابيو بيتيتو .

اعتقدت العاصمة ( كييف ) ونظامها السياسي بقيادة الفنان البهلواني فلاديمير زيلينسكي بأنها ستنجح بعد انفكاك أوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي بالتجذيف صوب الغرب ، و أعمق تجاه حلف ( الناتو ) المعادي لروسيا ، و الرافض عام 2000 ضم روسيا إليه ، وهي التي هدفت لردم الحرب الباردة و سباق التسلح ، و لمنع اندلاع حرب ثالثة عالمية مدمرة للحضارات و البشرية رغم امتلاكها ترسانة نووية تصنف على أنها الأولى و الأقوى في العالم . ولم تلتفت ( كييف ) لأتفاقية تفكيك الاتحاد السوفيتي لعام 1991 التي اشترطت على الدول المستقلة عدم الارتباط بتحالفات معادية لروسيا و للمنظومة السوفيتية السابقة وفي مقدمتها ( الناتو )، الخط الأحمر لهم ، فشكلت صناديق الاقتراع في إقليم ( القرم ) ، و في أقاليم ( الدونباس – دونيتسك و لوغانسك صدمة قاضية لها ،و خرجت بنتيجة واضحة لصالح الانضمام لروسيا و رفض نظام ( كييف ) و توجهه تجاه الغرب . و أفصحت روسيا – بوتين ، بأن أوكرانيا دخلت الاتحاد السوفيتي عام 1922 من دون امتلاكها للقرم و الدونباس الروسيين الأصل ، و منحتهما لها روسيا بعد استقلالها عام 1991 ولكي تبقى في الحلف الروسي و الدول المستقلة ،و رفضت خطوة الزعيم السوفيتي نيكيتا خرتشوف عام 1954 بضم القرم لأوكرانيا لأسباب اقتصادية و مائية ، و فقط لأنه أوكراني الأصل .

وفي العملية العسكرية الخاصة الدفاعية التحريرية عام 2022 ، ارتكزت روسيا على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 571 التي تسمح للدولة المعتدى على سيادتها مثل روسيا الدفاع عن نفسها ، في وقت تعتبر العاصمة ( كييف ) و نظامها الذي يقوده زيلينسكي ،المنتهية ولايته معتدى على سيادتهم ، وفي زمن يتم تفسير القانون الدولي بطريقة يختلف فيه الموقف الروسي عن موقف الاتحاد الأوروبي تحديدا أكثر من موقف الولايات المتحدة الان في عهد الرئيس دونالد ترامب . و تقارب روسي – أمريكي في أيامنا هذه يقوده الرئيس فلاديمير بوتين و ستيف ويتكوف لم يشهده تاريخ العلاقات الروسية – الأمريكية من قبل ، وخط ساخن مباشر بينهما ، و دخول جاريد كوشنر صهر ترامب على خط المفاوضات الأمريكية –الروسية مع بقاء الاتحاد الأوروبي في الجبهة المعادية و المفسرة للقانون الدولي خطأ من دون الأخذ بعين الاعتبار لخصوصية استقلال أوكرانيا بالنسبة لروسيا مانحة الاستقلال و الاتحاد السوفيتي لها طوعا .

فما هو أهمية القرم و الدونباس بالنسبة لروسيا ؟ وما أهميتهما بالنسبة للغرب و ليس للعاصمة ( كييف ) فقط ؟ إن القرم و الدونباس بالنسبة لروسيا جزء لا يتجزأ من الوطن الروسي الكبير ،و صفحة من صفحات الدستور الروسي نفسه ، و من تاريخ روسيا المعاصر ، فلقد حرر القرم مرتان عام 1783 و عام 2014 ، وحمل إسم – تافريدا - شمال البحر الأسود ،و هو مطل على بحر أزوف ، و تبلغ مساحته 2600 كم ، و عدد سكانه أكثر من 2 مليون نسمة ، 58 % من سكانه روس ، و يحق لكل جنسياته العيش فيه مثل الأوكران و نسبتهم 24%، و التتار و نسبتهم أكثر من 12 % . و يتمركز على شاطئه الأسطول الروسي النووي العملاق لغايات إستراتيجية عسكرية ، و فيه ثروة سمكية مربحة . و أهم مدن القرم بعد عاصمته سيمفيروبل ، هي مدينة يالطا ، التي اجتمع فيها قادة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ( ستالين ، و روزفلت ، و تشرشل ) . و الدونباس مكون من أربع مناطق (لوغانسك ، و دونيتسك ، و زاباروجا ، و خيرسون ) ، و ينتج 12 تريليون دولار ، و 56 % من فحم أوكرانيا ، و 80 % من احتياط النفط و الغاز الأوكراني ، ومليون طن حبوب ، ومعادن عديدة نادرة ثمينة .

في المقابل لقد خسرت العاصمة الأوكرانية الرهان على التمسك بالغرب و بحلف (الناتو) ، و خسرت تواجدها في القرم ستون عاما ، وهاهي تخسر الدونباس ، و تطالبها روسيا بمغادرة دونيتسك بالكامل حتى يتحقق السلام المنشود بعدما تتحقق في ( كييف ) الشرعية السياسية عبر صناديق الاقتراع . ولقد رسخ الغرب الأمريكي مطامعه مبكرا في الأراضي الأوكرانية ، بهدف توسيع انتشار حلف الناتو ، و تقريبه من الحدود الروسية ، وهو الأمر الذي رفضته روسيا كما سبق لها و أن رفضت هبوط ( الناتو) في أفغانستان عام 1979 . ومع تطور الحدث الأوكراني ، و بقدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، و رغم ضغوطات الاتحاد الأوروبي لإعاقة السلام الروسي – الأوكراني ، تم فتح خط ساخن بين أمريكا و روسيا ، و بدأت أمريكا تقترب كثيرا من روسيا خاصة بعد الزيارة الشجاعة للرئيس فلاديمير بوتين لإقليم الاسكا ولقاء الرئيس ترامب هناك . وهاهي زيارات ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي لموسكو تتجدد ، و لازال الاتحاد الأوروبي في المقابل بقيادة بريطانيا يضع العصا في دالوب السلام طمعا في الحصول على مكاسب ليس لأوكرانيا و لكن له ، و لكي تخرج ( كييف ) منتصرة ما أمكن ، و هو المستحيل في السياسة و العسكرة الروسية . و روسيا كما أعرف عن قرب و أكتب دائما لا تقبل أقل من النصر ، وهي منتصرة في حربها الدفاعية لامحالة .وما أقوله هنا يؤكده المفكر الروسي دوغين .

الموقف الروسي قوي في شأن الحرب و السلام وسط الأزمة الأوكرانية ، و أصبح أكثر قوة بإقتراب ساسة أمريكا منه ، و المراهنة على علاقات تجارية و اقتصادية متطورة تفتح افاق المستقبل لقرن قادم واعد خالي من الحروب الكبيرة .

مدار الساعة ـ