أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين رياضة اخبار خفيفة ثقافة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

ابتزاز سياسي


د. صلاح العبادي
صحفي أردني

ابتزاز سياسي

د. صلاح العبادي
د. صلاح العبادي
صحفي أردني
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

فجأةً يصبح الخطر الإقليمي مبررًا لإنهاء محاكمة رئيس حكومة في إسرائيل، مع من يسميه نتنياهو بأحداث غير عادية ستشهدها المنطقة في الأشهر المقبلة، وكأن المنطقة كانت تشهد أحداث طبيعية قبل هذهِ التصريحات!.

وهو ما يثير تساؤلاتٍ حول استخدام نتنياهو الشرق الأوسط والأمن القومي كدرعٍ وذريعة؟ ولماذا يربطُ مصيره الشخصي بما يعتبرهُ أخطر لحظة استراتيجيّة تعيشها إسرائيل منذُ عقودس من الزمن، أم نحن أمام مرحلة تعاد فيها صياغة موازين القوى؟

نتنياهو اعتبر أن إنهاء محاكمته فورًا من شأنه تعزيز مصلحته الوطنيّة في إسرائيل، وأنّ الأشهر المقبلة ستشهدُ في الشرق الأوسط أحداثًا غير عادية.

زعيم المعارضة يائير لبيد قال إنّه لا يمكن منح العفو لنتنياهو قبيل الاعتراف بالذنب والانسحاب من الحياة السياسيّة وابداء الندم واعتزالٍ فوري من السياسة. كما قال أفيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا "ما أقدم عليه نتنياهو ليس طلب عفو بل ابتزاز بالتهديد"، حتى أن وزير الدفاع الأسبق بيني جانس قال إنّ نتنياهو يعلم أنّ طلب العفو لا يتوافق مع الاجراءات المتبعة في إسرائيل وهو مزيف تمامًا".

نتنياهو يحاول تحويل هذا الملف القضائي إلى ملف أمن قومي، فالإشارة المتكررة إلى أحداث غير عادية ستشهدها المنطقة في الفترة المقبلة؛ هي رسالة مزدوجة تعني بأنّ محاكمته ترفٌ سياسيٌ لا يمكن تحمله الآن؛ وهو بذلك يدخل نتنياهو القضاء في صلب الصراع السياسي، وهي سابقة خطيرة في إسرائيل. وفي حال منح العفو دون اعتراف أو انسحاب، سينظر إليه كضربة مباشرة لاستقلاليّة القضاء، وهو ما سيدفع بتأزيم المشهد في الداخل الإسرائيلي خصوصًا في حال رفض طلبه، لأنّ نتنياهو سيستخدمه كذريعة لاظهار بأن المؤسسة القضائيّة في تل أبيب تعمل ضده بشكلٍ متعمد.

فعليًا إسرائيل لم تشهد أي نوع من الاستقرار في عهد نتنياهو، فقبل السابع من اكتوبر كانت المظاهرات الرافضة للتعديلات التي تمسَّ بالقضاء، وكذلك عدم اعترافه بمسؤوليته تجاه أحداث السابع من أكتوبر وفشله بالتعامل معها، وفتح العديد من الجبهات إن كان على صعيد الحوثيين أو إيران أو حزب الله في الجنوب اللبناني، وكذلك جنوب سوريا؛ وبالتالي فإن الملفات التي فتحها نتنياهو لم تغلق بالشكل النهائي، وهو ما يثير تساؤلات حول هل من الحكمة أن ينسحب نتنياهو من المشهد؟ أم يستمر بما قام ويقوم به حتى لا تبقى النيران التي أوقدها مشتعلة؟.

الطلب الذي تقدّم به رئيس الوزراء الإسرائيلي بشكلٍ رسمي في قضايا الفساد التي تلاحقه منذ سنوات، يأتي في وقت أشار استطلاع للرأي موجه للرأي العام الإسرائيلي، وأجرته القناة الرابعة عشر الإسرائيليّة وأفاد بأنّ واحدًا وستين في المئة من المشاركين في الاستطلاع يأيدون موافقة طلب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ. بينما ارتفعت أصواتٌ إسرائيليّة معارضة لذلك، وخرجت مظاهرات أمام منزل الرئيس الإسرائيلي في تل أبيب احتجاجًا على احتمال منحه للعفو لرئيس الحكومة.

فهل تتمكن الأصوات والتحركات المعارضة من وقف هذا المسار أم يحصل نتنياهو على العفو؟ وما شروط ذلك؟ وما هو المسار القانوني لذلك؟ وهل يقبل نتنياهو أن يكون الثمن اعتزاله للعمل السياسي؟

بالقانون الإسرائيلي حتى يتمكن رئيس الحكومة من طلب العفو يجب أن يعترف بالذنب، في وقت تطالبه المعارضة الإسرائيليّة بالتنحي.

في إسرائيل هناك من يرى بأنّ نتنياهو لا يطلب العفو فقط، بل يشعل معركًة جديدًة في تل إسرائيل المنقسمة سياسيًا، ولكنّ نتنياهو يرى بأنّ إنهاء محاكمته من شأنها تعزيز المصلحة الوطنيّة.

الرئاسة الإسرائيليّة وصفت الطلب بالاستثنائي وبأنّ له تداعيات كبيرة أهمها أنّ العفو قد يشعل الخلاف في المجتمع الإسرائيلي الذي شهد في الفترة الماضية إنقسامًا غير مسبوق. أما إن رفض هذا الطلب فستجد إسرائيل نفسها أمام رئيس وزراءٍ محاصراً قضائيًا وسياسيًا وقد يزداد تشددًا في الملفات الحساسة.

طلب نتنياهو بالعفو من الرئيس الإسرائيلي يعتبر ضمنيًا إقرارًا بالذنب أولًا، وهو الطلب الذي جاء بالقضية التي بدأ التحقيق بها قبل نحو عشر سنوات، وقبل ست سنوات بدأت المحاكمة، وهي سابقة قضائيّة في إسرائيل.

أن يقول نتنياهو إنّ استمرار هذهِ المعركة يمزق المجتمع الإسرائيلي؛ فهذا يعني أنّ لما يجري اليوم تأثير مباشر في الداخل الإسرائيلي. وهو ما يقود تساؤلات حول أسباب إخفاقات نتنياهو وأسباب اللجوء إلى المحكمة لطلب العفو في وقت الرأي العام يتذكر كيف كانت الشوارع في تل أبيب قبل أحداث السابع من أكتوبر 2023 تكتظ بالمتظاهرين ضد نتنياهو.

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ