أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات خليجيات مغاربيات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

أبو دلو يكتب: تعقيدات الداخل وصراع المحاور لبنان


المحامي الدكتور معاذ وليد ابو دلو

أبو دلو يكتب: تعقيدات الداخل وصراع المحاور لبنان

مدار الساعة ـ

لبنان يعيش حالة عدم استقرار ممتدة منذ عقود، تعود جذورها إلى الحرب الأهلية التي تركت آثارًا عميقة على بنيته السياسية والاقتصادية وحتى و

الطائفية. وبرغم محاولات إعادة بناء الدولة بعد اتفاق الطائف عام 1989، بقيت موازين القوى الداخلية هشة، وتقاطعات النفوذ الخارجي شديدة الوضوح. وفي هذا السياق، شكل صعود حزب الله لاعبًا أساسيًا في المعادلة اللبنانية، ثم الإقليمية، نقطة تحول مفصلية في المشهد السياسي، خصوصًا بعد حرب تموز عام 2006 التي عززت من قوة الحزب العسكرية والشعبية، وزادت من استقلالية قراره عن مؤسسات الدولة الرسمية ومخالفتها دائماً .

ومع مرور السنوات، عانى الداخل اللبناني من حالة استقطاب حاد، نتيجة تضخم نفوذ الحزب في مؤسسات الدولة، وامتلاكه ترسانة سلاح خارج إطار الشرعية القانونية والدستورية للدولة والتي يدافع بأنه ليس الوحيد الذي يمتلك السلاح من الفصائل المتواجدة على الساحة .

واليوم يقف لبنان على مفترق طرق خطير، بعدما شهد الإقليم تطورات متسارعة بدأت من الحرب الإسرائيلية على غزة بعد السابع من أكتوبر، وامتدت لاحقًا لتطال إيران بشكل مباشر، الدولة التي تعد الراعي السياسي والعسكري الأكثر تأثيرًا على حزب الله.

في الأشهر الماضية، وحرب الأسبوعين بمواجهة ايران نفذت إسرائيل سلسلة اغتيالات طالت قادة بارزين في فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني داخل إيران وخارجها، وأتبعتها باستهداف قيادات تاريخية وميدانية لحزب الله، كان آخرهم القائد العسكري الطبطبائي. هذه العمليات حملت رسائل مزدوجة: الأولى تؤكد تفوقًا استخباراتيًا وعسكريًا إسرائيليًا، والثانية تظهر قدرة إسرائيل على ضرب مراكز الثقل في “محور المقاومة” دون ردع حقيقي حتى الآن.

ورغم اندلاع جولة من المواجهات بين إسرائيل وحزب الله على الجبهة الشمالية، فإن قواعد الاشتباك لا تزال مضبوطة إلى حد ما رغم الاختراقات الاسرائلية للعاصمة بيروت بين حين والأخر ، غير أن وتيرة التصعيد تشير إلى أن هامش المناورة يضيق، خاصة في ظل تراكم الضربات التي طالت الحزب وإيران، وهو ما يطرح سؤالًا محوريًا ، هل تغيرت قواعد اللعبة فعلاً؟ وهل أصبح الحزب عاجزًا عن الرد كاملًا بسبب حسابات إيرانية أوسع ترتبط ببرنامجها النووي ومفاوضاتها الدولية واهتماماتها ومشاكلها الداخلية؟

تعمل قوى إقليمية ودولية، من واشنطن وباريس إلى دوحة والقاهرة، على محاولة نزع فتيل الحرب ومنع توسعها. إلا أن المعضلة الأساسية تكمن في تشدد إسرائيل التي تطرح شروطًا تعتبرها “ضرورية للأمن القومي”، وعلى رأسها سحب السلاح الثقيل والقدرات الصاروخية من جنوب لبنان وفقًا لتفسيرها للقرار الأممي رقم 1701. وفي المقابل، يتمسك حزب الله، المدعوم سياسيًا وعسكريًا من إيران، برفض أي خطوة تؤدي إلى نزع سلاحه، معتبرًا أن هذا السلاح “جزء من معادلة الردع” وشرط لحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية ، لعدم ثقته بالدولة اللبنانية.

ويتساءل البعض ما إذا كانت إيران قد خففت دعمها للحزب أو رفعت الغطاء عنه جزئيًا في بعض الملفات ؟ لكن كاتب هذا المقال يشير بأن أغلب المؤشرات العملية لا تزال تدل على أن طهران لن تتخلى بسهولة عن أهم ورقة نفوذ عسكرية وسياسية تمتلكها على في الأقليم وحال كان ذلك يعني أن ما هو ظاهر بالعلن غير ما ماهو متفق عليه بالخفاء ،خصوصًا في ظل ما نشهده بالعلاقة مع الولايات المتحدة والصراع مع اسرائيل في الإقليم.

على الجانب الآخر، يحاول لبنان الرسمي إعادة ترتيب أوراقه، بعد انتخاب رئيس يحظى بدعم عربي ودولي، وتكليف رئيس حكومة يتمتع بخلفية قانونية وقضائية، ما يمنح الحكومة المرتقبة فرصة لطرح مشروع لإعادة الاعتبار لسيادة الدولة، ولإجراء إصلاحات تلبي تطلعات غالبية اللبنانيين ومختلف القوى السياسية الذين باتوا يطالبون بوضوح بإعادة سلطة السلاح إلى الدولة ومؤسساتها الشرعية. لكن هذا الطموح يصطدم بواقع معقد، عنوانه ارتباط القرار اللبناني بصراع المحاور الإقليمية المتشابكة.

الأيام المقبلة تحمل الكثير من الغموض، في ظل غياب أي مؤشرات حقيقية على إمكانية الوصول إلى تهدئة شاملة أو اتفاق مستدام. فالمنطقة لن تشهد هدوءًا بعد السابع من أكتوبر، ولا الأطراف المتصارعة تظهر مرونة كافية للانتقال إلى مسار سياسي جاد. وإذا استمر غياب الضغط الدولي الفعال، فإن الشرق الأوسط قد يدخل مرحلة جديدة من عدم الاستقرار ستنعكس آثارها على العالم بأسره، خاصة في ظل الواقع الجديد والمستجدات بالمنطقة.

مدار الساعة ـ