أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة شهادة الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون جامعات خليجيات مغاربيات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

حمادنة يكتب: وصفي التل.. الفارس الذي ترجل


العميد الدكتور زيد حمادنة

حمادنة يكتب: وصفي التل.. الفارس الذي ترجل

مدار الساعة ـ
حمادنة يكتب: وصفي التل.. الفارس الذي

في ذكرى استشهاد وصفي… نستحضر رجولة لا تتكرّر، ونقاء قائد عاش للفكرة ومات من أجلها، يفتح بوابة الحنين، ويوقظ رجولة كانت وما زالت مدرسة قائمة بذاتها.

رجلٌ تجسّد فيه شموخ السيف، نقاء القلب، وصلابة الموقف… حتى صار الأردن يُشبهه في عناده، في صبره، وفي قدرته على الوقوف مهما اشتدّ الظلام.

وصفي لم يكن منصبًا ولا لقبًا… كان ضمير وطن وذاكرة شعب، ورمزًا لا تزال هيبته حيّة في القلوب...

كان فارسًا يمشي في دروب الوطن كما يمشي العاشق إلى محبوبته؛ بلا تردّد، بلا خوف، بلا حسابات...

كان صوتًا حين خفتت الأصوات، وثباتًا حين ارتجفت الأرواح، وجرسًا يرنّ كلما حاول أحدهم أن يُطفئ نور الحقيقة.

كان يعرف أن حبّ الوطن لا يُقال… بل يُعاش.

وأن الرجولة موقفٌ قبل أن تكون كلمات، وأن الشهادة قدرٌ لا يُعطى إلا لمن صدق ما عاهد عليه.

ويبقى وصفي ثابتًا في وجدان الأردنيين، يزداد حضورًا كلما مرّ عام.

وفي هذا اليوم، تهمس ذاكرة أغنيةٌ سكنت الوجدان منذ الطفولة، بصوتٍ يعرفه كل أردني:

رفن رفوف الحجل رفن ورا رف

و خيل أصايل لفت صفن ورا صف

أقول ي صويحبي يكفي عتب يكفي

و يا مهدبات الهدب غنن على وصفي

غنّن على الفارس الذي ما خذل وطنه،

غنّن على الرجل الذي بقي عنوانًا للشجاعة والصدق والانتماء،

على الحلم الذي رحل جسدًا… وبقي وطنًا في صدور الرجال،

غنّن على وصفي الذي كان يمشي في الطرقات فيثق به الأردنيون بلا سؤال،

ويحمل همّ الوطن على كتفيه كأنه الابن البار، والأب الحنون، والأخ الأكبر،

غنّن على من قدم تجربة عالمية تدرس في السياسة والإصلاح، حين حمله السجناء على الأكتاف...

غنّن على وصفي الذي حمله الأردن يوم رحيله كما يُحمل البطل…

جنازةٌ لم يكن فيها بكاءٌ فقط، بل قسَمٌ صامت أن تبقى راية الوطن مرفوعة مهما اشتدت رياح تشرين...

وصفي التل…

ليس ذكرى فحسب، بل حكاية عشق أردنية تسري في الدم...

تتوارثها الأجيال كما تتوارث الأم زغاريدها،

وكما يورّث الأب أبناءه معنى الكرامة والهيبة.

رحم الله وصفي…

وجعل قبره نورًا ، وذكراه شرفًا ،

وجعل من الأردن الذي أحبّه… وطنًا يليق بوفائه.

سيبقى الأردن عظيمًا وطنًا طيبًا مباركًا بأهله وأرضه، ووجهًا عربيًا اسلاميًا صادقًا، وعنوانًا لكل خير.. بقيادته الهاشمية الواعية، وقواته المسلحة الباسلة، وأجهزته الأمنية اليقظة، وتماسك جبهته الداخلية

مدار الساعة ـ