يجمعُ الأردنيّون، وأنا منهم، على أهميّةِ وصفي التّلِّ، كرمزٍ أردنيٍّ أكرمَهُ اللهُ بالشهادةِ من أجلِ الأردنِّ العظيم.
وليست رمزيّةُ وصفي مرتبطةً بالشهادةِ وحَسْبُ، بل بسِجِلِّ الرجلِ الناصعِ سياسيًّا وفكريًّا، وبنظافةِ اليدِ والولاءِ الصادقِ للقيادةِ الهاشميّةِ، والانتماءِ لترابِ هذا الوطن، وبالمشروعِ الذي كان يحملُهُ كرئيسٍ لمجلسِ الوزراء، ولم يُقَدَّرْ له أن يكتمل.ولعلَّ هذا المقالَ لن يكونَ عن وصفي وحدَه، بل عن تاريخِ الأردنِّ الحديثِ، وعن رجالاتِه المخلِصين الذين كان لهم السَّبْقُ في خدمةِ وطنِهم وقيادتِه خدمةً مخلِصةً في مراحلِ التأسيسِ والبناءِ والتعزيز، وخاضوا معاركَ حقيقيّةً فداءً للأردنِّ، وذادوا بأرواحِهم وقلوبِهم وفكرِهم عن حوضِه الشريف، فكان الأردنُّ الذي نعرِفُه اليوم.فشهداءُ الأردنِّ ورجالاتُه من البُنّاةِ الأوائل، ومن الذين الْتَفّوا بهمّةٍ وإخلاصٍ حول العرشِ الهاشميِّ وقيادتِنا المباركة، هم نماذجُ فداءٍ يجب أن تبقى محلَّ تقديرٍ واعتزازٍ؛ بل ويجب أن تكونَ جزءًا من مشروعِنا النهضويِّ الذي لا ينفصلُ أبدًا عن تاريخِنا المجيدِ وهويّتِنا الراسخةِ في هذه الأرضِ المُعطاءةِ بتنوّعِها ووحدتِها وعمقِها.إنَّ المشروعَ التنمويَّ الأردنيَّ هو امتدادٌ لمسيرةٍ طويلةٍ من العملِ الوطنيِّ الجادِّ الذي أسَّس له الهاشميّون بحكمةٍ وبرؤيةٍ جليّةٍ جعلت من أردنِّنا نموذجًا يُحتذى رغم كلِّ التحدّياتِ المحليّةِ والإقليميّة.وهو ما ينسجمُ حُكْمًا مع ما قدّمَهُ سموّ وليّ العهدِ الأميرِ الحسينِ بنِ عبداللهِ الثاني من رؤيةٍ حول تدوينِ السرديّةِ الأردنيّةِ وصَوْنِ الروايةِ الوطنيّةِ؛ سعيًا من سموّه لحفظِ الهويّةِ الوطنيّةِ وترسيخِ روايةِ الدولةِ بكلِّ مكوّناتِها وجغرافيّتِها في مواجهةِ التحدّياتِ المعرفيّةِ والإعلاميّةِ، ومحاولاتِ تشويهِ الدورِ الذي أسهم الأردنُّ من خلالِه في خدمةِ قضايا الأمتين العربيّةِ والإسلاميّةِ والمنطقة، بل وقدّم من خلالِه الأردنيّون خبراتِهم ومعارفَهم من أجلِ رفعةِ دولٍ شقيقةٍ وصديقةٍ، كما قدّموا أرواحَهم من أجلِ كلِّ المشاريعِ العربيّةِ المشتركةِ والقضايا الإنسانيّةِ العادلةِ، وفي مقدّمتِها القضيّةُ الفلسطينيّة، مع دورٍ محوريٍّ وأساسيٍّ في مواجهةِ كلِّ محاولاتِ تقويضِ السِّلْمِ في المنطقة، وإسهامٍ حقيقيٍّ في رسمِ خارطةِ السلامِ العالميِّ وفي كلِّ مواقعِ الصراع.فما أشارَ إليه الأميرُ الحسينُ، حفظه الله، هو مشروعٌ يضمنُ حقَّ الأجيالِ القادمةِ من الأردنيّين في فَهْمِ تاريخِهم وهويّتِهم، والمضيِّ في تسطيرِ المزيدِ من قصصِ التضحيةِ والفداءِ والدفاعِ عن هذا التاريخِ الوطنيِّ الحافلِ كجزءٍ من دورِهم في بناءِ المستقبلِ المُشرق.فالأردنيّون لا يمكنُهم أبدًا نسيانُ رفاقِ الملكِ المؤسّسِ من شرفاءِ العرب، ولا صاغةِ الدستورِ من أهلِ الحكمةِ والفِقهِ الأردنيّين، ولا يمكنُهم أيضًا التجاوُزُ عن البُنّاةِ الأوائل من جُندِ الحسينِ ورجالِه. كما أنّنا اليومَ شُهودٌ على الكثيرِ من الأسماءِ التي قدّمت وتُقدّم للأردنِّ، ممّن الْتَفّوا حول رايةِ التعزيزِ الوطنيِّ التي يقودُها جلالةُ الملكِ عبداللهِ الثاني ابنُ الحسين في مختلفِ المجالاتِ والمساراتِ الوطنيّة، وخاصةً في المؤسّساتِ العسكريّةِ والأمنيّةِ من رفاقِ السلاحِ وحَمَلةِ الرايات، وكلِّ أردنيٍّ أقسم أن يظلَّ الأردنُّ تاجًا يعلو كلَّ الأوطان، وواحةَ أمنٍ تزهو بأبنائِها، وعنوانًا للعلمِ والبناءِ والتنميةِ، وشمسًا تُشرِقُ في ميادينِ التطوّرِ والحداثة.مجملُ القول إنَّ استذكارَ الشهيدِ وصفي التلِّ اليومَ يجبُ أن يتبعَهُ استذكارٌ لكلِّ شهيدٍ وجنديٍّ آمنَ بالأردنِّ ورسالتِه، ولكلِّ رجلِ دولةٍ قدّم وعمل بوفاءٍ وإخلاص. ويجبُ علينا أيضًا أن نَصوغَ تاريخَنا الذي يُشبهُنا، وبلغتِنا الحيّةِ، وأقلامِنا الصادقةِ. ولا يجبُ أن نتردّدَ أبدًا في توثيقِ كلِّ قصّةٍ وكلِّ جهدٍ، وإنْ ظننّاه بسيطًا. ولا بدَّ من إظهارِ كلِّ إنجازٍ مجتمعيٍّ أو اقتصاديٍّ أو سياسيٍّ أو فكريٍّ ما دام أردنيًّا، وأن تظلَّ رموزُنا الوطنيّةُ وتراثُنا المحفوظُ وكلُّ مكوّناتِ هويّتِنا حاضرةً في كلِّ مجلسٍ وفي كلِّ منصّةٍ، وأن نستمرَّ في رسمِ ملامحِ الشخصيّةِ الأردنيّةِ المميّزةِ التي تَحظى بالتقديرِ في كلِّ محفلٍ عالميٍّ وفي كلِّ ميدانٍ من ميادينِ الرجولة. فكلُّنا، كما هم رجالُ العرشِ الهاشميِّ، جاهزون لتقديمِ الغالي والنفيس من أجلِ وطنِنا وقيادتِنا، وكلُّنا مشاريعُ شهادةٍ إذا اشتدَّ الخَطْبُ، وأهلُ إنجازٍ يومَ الإنجاز.الناصر يكتب: الروايةُ الوطنيّةُ والإنجازُ الإنسانيُّ الأردنيُّ: وصفي ورجالُ العرشِ الهاشميّ
د. طارق زياد الناصر
الناصر يكتب: الروايةُ الوطنيّةُ والإنجازُ الإنسانيُّ الأردنيُّ: وصفي ورجالُ العرشِ الهاشميّ
مدار الساعة ـ