في ليلةٍ شتوية ثقيلة على مدينة الرمثا، كانت الأقدار تُعيد كتابة فصل جديد من فصول البطولة الأردنية. لم تكن المدينة تعلم أنّ ساعات قليلة ستكشف مجددًا معدن الرجال الذين نذروا أنفسهم للوطن، رجال دائرة المخابرات العامة والأجهزة الأمنية الذين تقدّموا نحو الخطر بثبات، بينما بقيت أعينهم معلّقة بسلامة المدنيين قبل أي شيء آخر.
وفي قلب تلك اللحظات المتوترة، دوّى النداء الذي يعكس جوهر العقيدة الأمنية الأردنية: «المدني يرجع لَوَرَا»؛ صيحة مسؤولية خرجت من حنجرة أحد النشامى وهو يرى الموت يقترب، لكنه يرى المواطن أقرب إلى قلبه من أي هدف. كان ذلك النداء حاجزًا من الرحمة في وجه العنف، وسياجًا إنسانيًا أمام نار الإرهاب.ومع تقدّم القوة الأمنية نحو بؤرة الخطر، بدا صوت الشهيد خضر شكري وكأنه يعود من عمق الذاكرة الوطنية، يذكّر الجميع ببسالة الشهداء وبأن دماءهم لم تجفّ:«الهدف موقعي… إرمي إرمي»؛كلماتٌ أصبحت رمزًا يتردّد كلما استدعى الواجب أن يقف الرجال في الصفوف الأولى.لقد نفّذت نشامى المخابرات العامة والأجهزة الأمنية العملية بدقّةٍ ومهنية تُدرّس، حيث جرى تطويق الخلية الإرهابية وإحباط مخططها، في مداهمةٍ عكست المستوى الرفيع من التدريب والانضباط والجاهزية. لم تكن العملية مجرّد اشتباك، بل كانت رسالة واضحة: إنّ يد الإرهاب ستُقطع أينما حاولت التمدد، وإنّ أمن الأردنيين خطّ أحمر لا يُسمح بتجاوزه.وقد جاءت هذه العملية امتدادًا لتوجيهات سيّدي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، القائد الأعلى للقوّات المسلحة، الذي لا يفتأ يؤكد أن أمن المواطن فوق كل اعتبار، وأن الأجهزة الأمنية هي السدّ الأول أمام كل تهديد يستهدف الوطن أو يزعزع طمأنينة الناس.ولعلّ أصدق ما يُقال اليوم هو أنّ الأردن، بفضل حكمة قيادته وشجاعة أبنائه، ما يزال قادرًا على أن يواجه الخطر بثبات وإيمان. فالمعركة ضد التطرف ليست معركة سلاح فحسب، بل معركة قيم، ومعركة وعي، ومعركة رجال آمنوا بأن هذا الوطن يستحق أن يُصان بالدم عندما لا يكون غير الدم سبيلًا للحماية.إننا إذ نترحم على كل شهيدٍ ارتقى دفاعًا عن أمن الأردن، نرفع أسمى الأمنيات بالشفاء العاجل لجرحى الأجهزة الأمنية الذين أصيبوا خلال أداء واجبهم المقدّس. فهم أبناء هذا الوطن، ودرعه، وصوته الذي يعلو كلما اقترب الخطر: «المدني يرجع لَوَرَا».هكذا ستظل الرمثا، كما كل مدن الأردن، شاهدة على أن رجال المخابرات العامة والأجهزة الأمنية هم العنوان الحقيقي للأمان… وأنّ كلمات الشجاعة لا تموت، بل تولد من جديد كلما استدعى الوطن رجالهالنائب الشديفات يكتب: 'المدني يرجع لَوَرَا'، نداءً خرج من قلب رجل يرى الموت أمامه، وكان صوت خضر شكري يعود من جديد ليقول: 'الهدف موقعي… إرمي إرمي'
النائب الدكتور أحمد شديفات
النائب الشديفات يكتب: 'المدني يرجع لَوَرَا'، نداءً خرج من قلب رجل يرى الموت أمامه، وكان صوت خضر شكري يعود من جديد ليقول: 'الهدف موقعي… إرمي إرمي'
مدار الساعة ـ