مدار الساعة - بقلم: محمد سويلم
قلما تلاقي شخصية بارزة وسيرة ذاتية راسخة وحاضرة في ذاكرة الوسط الصحفي والاعلامي، يسهب -من عاصرها أو مرّ بها- في استجلاب فيض مآثرها واستدعاء جزيل مناقبها ورصين مواقفها؛ وقت ملمة أو واقعة، وحين يمر حدث أو استرداد لذكريات ومقاربة.
فعلى مدار مسافة السِّيَرِ الزمنية لتاريخ مهنة الصحافة على الساحة الأردنية؛ لم يبرز من حِقَب هذه المسيرة إلا القليل من أعيان المهنة، ومن توطد في ذاكرة صاحبة الجلالة (الصحافة) وتجذّر في ذهن رجال الصحافة والساسة.
عبد الوهاب زغيلات.. أحد هؤلاء القلائل وامتداد لجيل ذهبي من أكابر رموز المهنة من وزن صديقه الراحل عميد الصحافة الأردنية محمود الكايد، بل ان الزغيلات كان أحد أبرز أعلام حقبته، التي ما زالت حاضرة رغم ولوج حقبة جديدة ومرحلة مختلفة المعالم، إلا أن امتداد تلك الحقبة ما زال يُظِل على المسيرة الحالية، باعتبارها مازالت ميناء انطلاق جديدنا والمدرسة التي تخرجنا من أسوارها، فهي التي أنتجت حاضرنا الذي ارتكز على روافع ذلك العصر الغني بمبادئ وتعاليم المهنة وثوابتها، إنها الحقبة التي حملت إرث المؤسسين وكبار أعلام الصحافة وعمدائها.
نقيب الصحفيين ورئيس تحرير صحيفة الرأي الأسبق (الزغيلات).. لا تمر أيام إلا ويستذكر صحفيون أو سياسيون من زمن الساسة؛ مناقبه ومواقفه ومهنيته بالرغم من تقاعده بعد سنين بقدر عمر بأكمله - كان استهلها منذ البدايات لتأسيس كبرى المؤسسات الصحفية (الرأي) في مطلع السبعينيات إبّان حكومة مؤسسها وصفي التل- قضاها منافحا مكافحا بعصامية، حفر اسمه خلالها على جدران ذاكرة المهنة وفي اركان مدارسها وتاريخ مؤسساتها..
كثير من الزملاء خاصة ممن عملوا تحت إدارته وزاملوه، يستجلبون مرحلة هذا الرجل، خلال الجلسات اليومية وفي اطراف تجاذبات الأحاديث حول ما نمر به اليوم من تراجع وانتكاس مؤسساتنا الصحفية؛ استدلالا وتمنيا لعودتها ان لم يكن تحسُّرا على امتيازاتها ومحاسنها..
(أبو عدي).. كان عاش في قلب مشاهد زمن اعلام (حرفة القلم) وأبرز وارث لتركة ذاك الجيل العتيد من كبار أساتذة وأعمدة المهنة، تعلمنا من عقابه وصفحه ومن توبيخه وتجاوزه عن عثراتنا، بقدر ما تعلمنا من مدرسة صحفية أدارها باقتدار وبقدر ما تعلمنا من توجيهاته وملاحظاته.
اليوم.. وبعد سبع سنوات ونيف على تقاعده، ندرك تماما حقيقة قيمة رجل.. بحجم الزغيلات.
في الاعلام الأردني.. رجال سطروا قصصاً سيذكرها الصحفيون طويلاً، سنقف في قادم الأيام عند أسماء هؤلاء واحداً تلو الآخر..