أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات وفيات جامعات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف شهادة مناسبات جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

قصة أول فنان عربي هُدّد بالقتل

مدار الساعة,أخبار ثقافية
مدار الساعة ـ
حجم الخط

الساعة -

قرطبة رحلة العمر

في رحلة الهروب من بغداد مر زرياب بعدد من الأمصار العربية واستطاع في تلك الرحلة أن يكرس حضوره الفني حتى اختار أن يكتب إلى أمير قرطبة (عاصمة الأندلس) "الحكم بن هشام" برغبته في الوصول إليه فأوفد إليه رسولاً مهللاً ومرحباً بمقدمه وفي طريقه بلغه أن الحكم قد مات فشعر بالإحباط وهم بالرجوع إلا أن مندوب الحكم أشار عليه بإكمال الرحلة وأن يقصد ابنه الأمير عبدالرحمن الأوسط ففعل، وكانت المفاجأة أن الأمير المولع بالفن والثقافة خرج بنفسه وحاشيته لاستقبال زرياب وعائلته، يقول مكي: "ركب الأمير بنفسه وخرج من المدينة لاستقباله وغمره بالهدايا وأمر له في الشهر بـ 200 دينار راتب شهري، وأن يجري على بنيه الذين قدموا معه وكانوا أربعة، 20 دينار لكل واحد منهم، وأقطعه من الدور والمستغلات بقرطبة وبساتينها ومن الضياع ما يقوم بـ40 ألف دينار"، وكان وصوله إلى قرطبة في العام 822 للميلاد / 206 للهجرة.

فنان الأناقة والإتيكيت

الحالة النفسية والمعنوية التي عاشها زرياب في الأندلس انعكست على الدولة بأكملها بشكل إيجابي وتذكر المراجع أن زرياب لم يكن فنه مقصوراً على الموسيقى بل كان فناناً أعم وأشمل وتأثيره امتد ليشمل أنماط الحياة الاجتماعية للناس، فهذا العبقري اهتم بالأناقة و"الاتيكيت" وأشاعها بين الناس، علّمهم الشرب في الأواني الزجاجية بدلاً من الأدوات المصنوعة من الذهب والفضة، ونقل إليهم طرق تسريح الشعر للرجال والنساء وتنظيف الأسنان بمادة أشبه بالمعجون، وقرر لهم لبس ثياب مصنوعة من مواد مختلفة وذلك لارتدائها في فصول مختلفة من السنة، وكذلك اهتم بسفرة الطعام وغيّر طريقة تقديمهم للمأكولات حتى يقال إنه نصحهم بالبدء بتناول الحساء "الشوربة" أولاً ثم الدخول إلى الأطباق الأكثر تعقيداً مثل اللحوم، والختام بالفطائر المحلاة بالعسل والمحشوة باللوز، وأقبل الناس عليه مفتونين به.

نشاطه الفني

زرياب الذي مزج بين الفن العباسي والأندلسي أنشأ معهداً للموسيقى يصنف بأنه أول معهد للفن بالعالم واستقطب هواة الغناء من المشرق والمغرب، وأضاف للعود وتراً خامساً واستخدم ريشة نسر للعزف بها على العود عوضاً عن الأخشاب، وجدد اللون الموسيقي للغناء في الأندلس خاصة أنه يرتكز على ثقافة موسيقية استمدها من بغداد وبداياته مع أستاذه الموصلي، وأجرى اختبارات للفنانين وتعليم أكاديمي وفق مناهج وأصول معرفية.

ووفد إلى الأندلس عدد من النساء لتعلم الموسيقى حيث ذكر أحمد بن المقري التلمساني في كتابه "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب" أنه من النساء القادمات إلى الأندلس "عابدة المدنية وكانت جارية سوداء من رقيق المدينة"، و"الجارية قمر وكانت من أهل الفصاحة والبيان"، وهي من بغداد "وجمعت أدباً وظرفاً ورواية وحفظاً مع فهم بارع وجمال رائع" وأيضاً الجارية العجفاء، وكان منارة ثقافية إلى أن توفي في العام 857 ميلادي/ 243 هجرية..

مدار الساعة ـ