ديناميكية تطور متسارعة وملموسة تشهدها منطقة العقبة، فالعقبة أصبحت نموذجا تنمويا مكتملا يستحق أن يُعمم ويُحتذى به، حيث تحولت بفضل توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، إلى منصة اقتصادية وطنية واستراتيجية إقليمية، تديرها سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة بكفاءة عالية، عبر اتخاذ القرارات المتسقة مع رؤية السلطة الإستراتيجية 2024- 2028 ورؤية التحديث الاقتصادي.
لكن دعونا نكون واضحين وصريحين: ما تحقق لا يمكن أن يستمر دون دعم مركزي مباشر وشامل، فالعقبة وصلت إلى نقطة تحتاج فيها إلى مزيد من الدعم لتعزيز هذا النجاح وتُسرّع وتيرته.
ميناء العقبة الرئيس هو عنوان الإنجاز فهذا الميناء الذي لطالما حمل على عاتقه مسؤولية حركة الاستيراد والتصدير في الأردن، فهو العمود الفقري للاقتصاد الوطني، ومع التحسينات والتحديثات التي أدخلت عليه، لم يعد فقط ميناء يعمل بكفاءة، بل بات في طريقه ليكون من "الموانئ الخضراء"، بما يتماشى مع التوجهات البيئية العالمية، والنتائج تتحدث عن نفسها، حيث تم تخفيض نسبة الحوادث بنسبة وصلت إلى 80 % خلال العام الحالي، وهو إنجاز نوعي في إدارة السلامة والتشغيل.
شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ نفذت ثلاثة مشاريع بيئية هي الأولى من نوعها في المنطقة الصناعية الجنوبية، وهي: مشروع نظام تخزين وفلترة وتوزيع الزيوت المعدنية الجديدة، ومشروع إدارة الزيوت العادمة، ومشروع محطة غسيل الآليات الصديقة للبيئة والمزودة بوحدة معالجة لفصل الزيوت عن المياه الناتجة عن الغسيل، فهذه المشاريع لا تعكس فقط التزاما بيئيا، بل تقدم نموذجا في كيفية الجمع بين الكفاءة التشغيلية والاستدامة.
من الناحية الاستثمارية، تواصل العقبة تقديم حوافز غير مسبوقة: إعفاء تام للمستوردات (باستثناء المركبات)، وإعفاء من ضريبة الخدمات الاجتماعية، وضريبة الأبنية والأراضي، وتوزيع الأرباح، مع فرض ضريبة دخل لا تتجاوز 5 % على صافي الدخل لمعظم المشاريع.
وتتمتع العقبة ببيئة استثمارية مرنة لا تفرض قيودا على الاستثمار الأجنبي، ولا على تحويل الأرباح أو رأس المال أو التعامل بالعملات الأجنبية، وتُوفر السلطة نافذة استثمارية موحدة تُنجز المعاملات بسلاسة.
السلطة أنجزت خلال الأعوام 2024 2025 نحو 84 مشروعا من أصل 219 مشروعا أُدخلت على نظام المتابعة، فيما ما تزال 135 مشروعا قيد التنفيذ، حيث بلغت نسبة الإنجاز لمشاريع بدأت في 2024 حوالي 55 %، كما أُنجزت مشاريع رقمية نوعية، شملت تحديث نظام السلطة، واعتماد مؤشرات أداء إستراتيجية، والانتهاء من حصر بيانات القطاعات الاقتصادية منذ تأسيس السلطة عام 2001، تمهيدا لإطلاق مركز بيانات شامل، إضافة إلى نظام "تابع" الرقمي لمتابعة تنفيذ المهام.
القطاع السياحي أيضا أثبت قدرة العقبة على المنافسة عالميا، إذ أنه وخلال شهر كانون الثاني 2025 فقط، استقبلت العقبة 86 ألف سائح، بزيادة 103 % عن ذات الفترة من العام الماضي، منهم 48 ألف سائح أردني (55 %)، و38 ألف سائح أجنبي (45 %)، بمتوسط مبيت ليلتين.
كما بلغت نسبة الحجوزات الفندقية نحو 50 %، بارتفاع بلغ 84 % مقارنة بالعام الماضي، وكانت النسبة الأعلى في فنادق فئة 4 نجوم، واستقبل ميناء العقبة السياحي باخرتين تقلان 3 آلاف سائح، فيما استقبلت منطقة وادي رم 12 ألف سائح.
هذه الأرقام ليست مجرد مؤشرات، بل أدلة دامغة على أن العقبة تسير في الطريق الصحيح، ولكن بدون دعم مباشر، لتوفير ما تحتاجه من تمويل، وتوسيع صلاحياتها، وتمكينها تشريعيا وإداريا، فإن كل هذا الزخم مهدد بالتباطؤ.