مدار الساعة - كتب : محرر الشؤون المحلية - تولى 12 شخصية رئاسة الحكومة في عهد الملك عبدالله الثاني وقادوا خلال المملكة الرابعة 18 حكومة بدأت منذ العام 1999.
وبالرجوع الى مسيرة هذه الحكومات فإن المواطن الاردني يعتريه الألم لتراجع الادارة الاردنية في مسؤولياتها من حيث الترهل الوظيفي والتردي الاقتصادي والفساد الاداري والمالي وارتفاع نسبة البطالة وزيادة المديونية، ما جعل الاردن الذي نشأ على المؤسسية يواجه تحديات كبيرة.
يضاف الى هذه التحديات، ما تدفع به منطقة الشرق الاوسط والمنطقة العربية على وجه الخصوص من أعباء على الاردن وكأن قدره ان يتحمل أخطاء الآخرين واعباء بلدانهم.
تعاقب الحكومات الذي يفترض فيه التجديد وتطوير النهج بحيث تعالج الاخطاء والمشكلات وإحداث التنمية الشاملة، احدث العكس لأن كل حكومة جاءت "لتلعن" ما قبلها، او ترّحل مشاكلها الى ما بعدها، فكان المواطن ضحية هذه السياسات.
حكومة الدكتور عمر الرزار وقد جاءت على خلفية ازمة ورّثتها حكومة الدكتور هاني الملقي، وهي تواجه المأزق ذاته الآن،اخذت تدرك ان الـ 100 يوم التي طالبت - او من طالب بمنحها اياها، ما هي الا تهدئة للشارع الذي اسقط الحكومة السابقة وهي على بعد امتار من مقرها على الدوار الرابع، فما مصير الحكومة الجديدة؟
بالعودة الى الحكم الهاشمي بقيادة الملك عبدالله الثاني، كان الرئيس عبدالرؤوف الروابدة اول رؤساء الحكومات في هذا العهد، وقد استطاع الروابدة بفضل خبرته الطويلة في العمل العام، حيث شغل وزيراً لأكثر من وزارة وأميناً لأمانة عمان ونائباً في البرلمان ان يجعل الحكومة الأولى في العهد الجديد جهازاً حكومياً مساعداً على الامن الوظيفي والامن الاقتصادي قدر الامكان رغم الوضع الصعب الذي كان يواجهه الاردن وخصوصاً في ظل تبعات ازمة الخليج الثانية.
ويسجل للروابدة ان ضبطت حكومته ايقاع الحياة الاقتصادية اذ لم يجعلها عبئاً على المواطن فالاسعار في متناول المواطن والوظيفة في القطاعين العام والخاص ميّسرة ولا وجود لمشاكل مجتمعية ولا تمرد على القانون كما لا يوجد تغوّل للحكومة على جيب المواطنين.
ويسجل للروابدة ان أدلى بدلوه الى عمق البئر في أكثر من قضية وطنية، اكد معها مرور السنوات ان الرئيس المغادر كان على صواب، ومن هذه القضايا منطقة العقبة الاقتصادية.
الا ان الروابدة لاقى نقداً اعلامياً لاذعاً - وربما كان مدفوعاً- عندما صرّح ونبّه بأن الاقتصاد الاردني "في غرفة الانعاش"، وهو كذاك.
التحول السلبي في عمل الحكومات في المملكة الرابعة بدأ بحكومة المهندس علي ابو الراغب وقد كان لسياسة فرض الضرائب اثرها على الاقتصاد الاردني وتحميل المواطن اعباء ثقيلة مع ان هذه الحكومة اعيد تشكيلها برئيسها ثلاث مرات دون ان يكون لها دور في الحد من المخاطر الحاضرة والمستقبلية.
ورغم رشاقة الحكومة الخامسة التي اتى بها الرئيس فيصل الفايز (20 حقيبة) الا انه لم يطرأ تخفيف ملموس على الوضع الاقتصادي ولكن في الوقت ذاته لم تتسبب حكومته ، في زيادة العبء على المواطن.
الحكومة السادسة كانت حكومة الدكتورعدنان بدران وهي اقصر الحكومات عمراً اذ لم تتجاوز سبعة أشهر وكانت في الحقيقة مفاجئة للشعب الاردني من حيث تولي الرئيس الذي كان بعيداً في عمله الاكاديمي عن الواقع الاردني منذ خروجه من جامعة اليرموك في عهد الراحل الحسين، فلم تقدّم حكومته حلاً لتحريك العملية الاقتصادية التي اخذت بوادرها بالتفاقم.
ومع ان الحكومة التي تلتها وهي حكومة الدكتور معروف البخيت وقد استمرت سنتين الا ان هذه الفترة الكافية لايجاد حلول لاوضاع المواطنين وتحسين حالتهم المعيشية لم تحقق المساعدة.
جاء تشكيل الحكومة الثامنة برئاسة المهندس نادر الذهبي وبأكبرعدد من الحقائب عن سابقيه وبأقل حقيبة عن حكومة ابو الراغب (28-27) ولكن لم تحسّن الحكومة من الامر شيئاً مع انها اخذت "العمر" الكافي حال حكومة البخيت.
تلت هذه الحكومة، حكومة سمير الرفاعي وقد ضمت في تشكيلها شخصيات كبيرة قيل ان لوالده الرئيس الأسبق زيد دوراً كبيراً في اختيار تلك الشخصيات ورغم هذا التشكيل والتشكيل للحكومة العاشرة، الا ان الحال لم يتحسن حتى ان الشارع طالب برحيل الرئيس الرفاعي الحفيد.
ولأول مرة يحدث في عهد الملك عبدالله ان يتم تشكيل حكومة جديدة (الحادية عشرة) لرئيس للمرة الثانية وهو الدكتور البخيت وقد اثارت اعادته استهجاناً للرأي العام الاردني قبل ان يغادر موقعه دون تحقيق ما يشفع له بهذه العودة.
ويعود فايز الطراونة، الذي كان رئيساً للوزراء، ابان تولي الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، ملكاً للمملكة الاردنية الهاشمية، ليتولى الرئاسة، في فترة حرجة، واستمرت نحو الاشهر الخمسة.
انها الحكومة الرابعة عشرة حكومة الدكتور عبدالله النسور وقد كانت اقسى الحكومات الاردنية على الشعب الاردني، ليس في عهد الملك عبدالله الثاني وانما في عهد الملك الراحل الحسين.
كما ساعد الحكومة والتعديلات التي طرأت عليها، في تغولها على المواطنين و"ركوبها" المجالس النيابية، صبر الاردنيين وصمت وموافقة النواب على سياسة هذه الحكومة،فأخذت فترة زمنية طويلة وثقيلة، وهي تسجل الرقم القياسي لنحو اربع سنوات طباقاً، حتى ان هذه الحكومة صنفت بـ حكومة الجباية.
ولعل النسور وضع نهج الجباية وفرض الرسوم والضرائب ورفع الاسعار ووقف التعيين الوظيفي ليكون سياسة وخريطة طريق لمن سيأتي بعده من رؤساء الحكومات، وهو ما اهتدى بها خليفته الملقي الذي نالت حكومته اكثر تعديلات للحكومات الاردنية منذ تأسيس المملكة فكان رحيله محسوماً بعد ان بالغ في زيادة الاسعار والعمل على فرض قانون معدل لقانون الضريبة لم يحتمله الشارع الاردني، ونظن ان الرزاز على ذات الطريق يسير ان لم نجزم، فماذا عن مصيره؟
خلاصة القول، ان صاحب الولاية ان لم يكن على قدر المسؤولية وقادراً على اجتراح الحلول، فعليه ان يحيل نفسه بنفسه، او ان يعتذر عنها، فالاردن والاردنيون لم يعد يحتملون اكثر مما هم فيه.