المحامي بشير المومني
في خبر مقتضب على تطبيق نبض الإعلامي قرأت عنوانا صادرا عن إحدى الصحف اليومية هو "فضيحة جديدة للتايكوندو الأردنية !!! " وفورا قمت بالدخول لمتن الخبر لافاجأ بأنه يتحدث عن حصولنا على "فضية " جديدة في الألعاب الآسيوية فعدت لأقرأ العنوان مجددا وإذ به " فضية جديدة للتايكوندو الأردنية " وليس " فضيحة جديدة ...."!
يا إلهي ما الذي حصل ويحصل لدرجة تجعل المواطن يقرأ خبرا بهذه الطريقة البشعة التي يتحول فيها الإنجاز الى فضيحة؟!
في بلدنا .. إعلامنا المرئي والمسموع والمقروء .. مواقع التواصل الاجتماعي .. كل ما حولنا .. حتى في تعاملنا اليومي مع الطريق .. البائع .. الموظف .. يوميا هنالك ضخ سلبي في عقولنا بكل الاتجاهات وقد ارهقنا واتعب تفكيرنا وصور لنا الأردن بأنه حالة متدهورة متهالكة على حافة الدمار والانهيار وأن بلدنا الذي صمد مئة عام في أعقد وأشد الظروف قسوة بأنه يتجه نحو الهاوية !!!
مقدار السلبية والافراط فيها والايغال باللطميات الإعلامية أصبحت تؤثر على عقولنا وامزجتنا واذواقنا وتصرفاتنا التي باتت تأخذ شكلا عدوانيا تجاه الآخرين وتجاه أنفسنا حتى وصلنا لمرحلة أننا نتعامل مع الإنجاز كفضيحة وهذه حقيقة لا خيال ..
انظروا مثلا لقضايا الرأي العام التي تشغل عقول الناس هذه الأيام .. قضية الدخان فبدلا من التركيز فيها على الانجاز وتفكيك الحكومة والأجهزة الأمنية لأكبر شبكة فساد ربما في تاريخ الأردن تعامل معها المجتمع بسلبية شديدة جدا واطلقنا سيلا من الاتهامات ناشئة عنها وعن تداعياتها ولم ننظر ابدا للإنجاز ..
قضية محاكمة مدير مخابرات سابق تعاطينا معها مثلا بسلبية عميقة لا تزال آثارها تلاحق سمعة جهاز محترم ومؤسسة اردنية يشهد له القاصي والداني بالنظافة والحرفية وأطلقنا وعممنا الأحكام عليها بالسوء ولم ننظر إلى أنها مؤسسة ضخمة بحجم وطن حققت إنجازات تاريخية في حماية الأردن وقامت بتنظيف وتطهير نفسها بنفسها وأنه لا كبير لديها سوى الوطن ولا يوجد ما هو محصن عندها سوى أمن الأردن واستقراره ..
مقدار السلبية هائل وفي اجوائنا الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي السماء دائما ملبدة باللطميات حتى بتنا نعتقد أن وطننا كله فاسد زائل هالك لا محالة ولم ننظر الى حقيقة مفادها بان مقابل كل فاسد هنالك عشرات الالاف من الموظفين في القطاعين العام والخاص يحللون لقمة عيشهم بكدهم وعرق جبينهم وما وعينا قول النبي صلى الله عليه وسلم (من قال هلك الناس فهو اهلكهم) !!!
حقيقة هل بلدنا لا زال بخير والمجتمع الأردني لا زال معطاء شهما نبيلا محافظا على قيمه الجوهرية؟!
أعتقد أنه قد اصبح لدينا نمط " تشيع اعلامي واجتماعي" نمارس فيه اللطم على الوطن ولا ندخر مناسبة لاظهار طقوس اللطميات كالشيعة تماما وهذا التشيع وممارسة طقوس اللطم هذه وظهور "اللطيمة" لا يقل خطورة على الوطن ممن يزعمون ليل نهار بأن الوضع " تمام سيدي" ومقابل كل " سحيج " فهنالك "لطيم" أو أكثر أصبحوا عبئا على الوطن كالسحيجة تماما أو هم أخطر ..
" اللطيم واللطيمة واللطميات" جزء مهم ومكون فعال في تحطيم صورة المجتمع الأردني وقد باتت لطمياتهم تتسرب إلى حالة اللاوعي والعقل الباطن والرأي الجمعي التراكمي الأردني حتى أصبحنا نقرأ الإنجاز كفضيحة ونعيب على وطننا وانفسنا كل شيء ونجلد الذات الوطنية لا بل ونحقرها ونسخر منها ولا نرى في وطننا ذرة من خير وقد كذبوا والله فالخير فينا إلى يوم القيامة ..