في عالم تتصارع فيه الأجندات وتتطاير شظايا الأزمات، يقف الأردن كـ"حارس استراتيجي" يعيد تعريف معنى الأمن في القرن الحادي والعشرين. ليست القوة هنا في عدد الصواريخ أو حجم الجيوش، بل في عقلية أمنية تحول التهديدات إلى فرص، والاضطرابات إلى دروس في الصمود.
اليوم، وبعد الكشف عن إحباط مخططات تخريبية تمتد خيوطها من عمان إلى بيروت، تقدم المملكة للعالم نموذجا يجسد "الاستقرار المسلح بالحكمة".
لم تكن عملية القبض على 16 متهما بتصنيع صواريخ ومسيرات مجرد ضربة أمنية عابرة، بل كانت "نافذة استخباراتية" تكشف عن تعقيدات التهديدات الحديثة:
● الشبكات العابرة للحدود: تدريب عناصر في لبنان، وتمويل مشبوه يشير إلى أذرع إقليمية تهدف لتحويل الأردن إلى ساحة لصراعات الآخرين.
● الأسلحة المحلية الصنع: صواريخ يصل مداها ل5 كيلومترات ليست تهديدا عسكريا فحسب، بل رسالة مفادها أن التطرف قد يختفي تحت عباءة "المقاومة" .
● الاستهداف الناعم للوحدة الوطنية: محاولات اختراق النسيج الاجتماعي عبر خطاب ديني متطرف يستغل غضب الشارع تجاه العدوان على غزة.
هذه التهديدات ليست 'شذوذا' في سياق تحول الحروب من جيوش إلى عصابات، ومن حدود إلى أفكار، بل هي 'مرآة' تعكس أزمات المنطقة بكل تعقيداتها. والأردن –بحكمة قيادته– ليس جزيرة منعزلة تنكفئ على ذاتها، بل قلعة تتحول فيها التحديات إلى وقود لتعزيز المناعة الوطنية.
استراتيجيات الأمن.. بين القوة الناعمة واليد الحديدية
يُعدّ الأردن نموذجًا فريدًا في المنطقة، حيث يواجه تحديات معقدة تتطلب استراتيجيات دقيقة ومتوازنة للحفاظ على أمنه واستقراره. في ظل بيئة إقليمية مضطربة، استطاع الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين أن يحافظ على موقعه كواحة استقرار، معززًا دوره كحارس للأمن الإقليمي وشريك استراتيجي في مكافحة الإرهاب وحماية المصالح الوطنية ؛ فالأردن لا يدير أمنه بردود فعل، بل ب"رؤية استباقية" تدمج الذكاء العسكري بالحس السياسي :
الاستخبارات: عين لا تنام
● تتبع الخلايا منذ 2021 يظهر فلسفة أمنية قائمة على "الصبر الاستراتيجي"، حيث تراقب الأجهزة الخيوط قبل أن تنسج الشبكة كاملة.
● استخدام تقنيات الرصد الحديثة وتحليل البيانات الكبيرة لتفكيك الشبكات المالية واللوجستية للمتطرفين.
القانون: السيف الذي يحقق العدالة
● إحالة المتهمين إلى محكمة أمن الدولة ليست إجراء تقليديا، بل تأكيد على أن الأردن يحاكم حتى أعداءه بمنطق العدل لا الانتقام.
● رسالة إلى الخارج: "سيادتنا القضائية خط أحمر".
الوحدة الوطنية: السلاح الأقوى
● تكريم جلالة الملك لـ"نشامى القوات المسلحة" و"رفاق السلاح" ليس شعارا، بل هو "عقد اجتماعي" يجسد التلاحم بين الشعب ومؤسسات الدولة.
● مبادرة "فك الاشتباك" بين الخطاب الديني والسياسي لقطع الطريق على من يختطفون القضية الفلسطينية لتمرير أجندات متطرفة.
التحديات الأمنية: أبعاد متعددة
شهد الأردن مؤخرًا الكشف عن مخططات تهدف إلى زعزعة أمنه واستقراره، تضمنت تصنيع صواريخ وطائرات مسيّرة وتدريب عناصر داخل وخارج المملكة. هذه المخططات التي أُحبطت بفضل يقظة الأجهزة الأمنية الأردنية، تُظهر تعقيد التهديدات التي تواجهها المملكة، والتي تمتد من الداخل إلى الخارج.
تشير التحقيقات إلى ارتباط بعض هذه المخططات بجهات خارجية، ما يعكس وجود محاولات لاستغلال الأردن كمنصة لتنفيذ أجندات إقليمية. ومع ذلك، فإن الرد الأردني كان حازمًا ومبنيًا على رؤية استراتيجية تُوازن بين الحزم الأمني واحترام سيادة القانون.
الاستراتيجيات الأردنية: رؤية استباقية
الأردن ليس مجرد دولة تتعامل مع التحديات الأمنية بردود فعل آنية؛ بل يعتمد على استراتيجيات استباقية تقوم على الرصد الدقيق والتحليل العميق للبيئة الأمنية. ومن أبرز ملامح هذه الاستراتيجية :
● التنسيق الاستخباراتي: تُعدّ الأجهزة الأمنية الأردنية من بين الأكثر كفاءة في المنطقة، حيث تعتمد على تقنيات متقدمة وشبكات معلومات واسعة لمتابعة الأنشطة المشبوهة منذ مراحلها الأولى.
● التعامل القانوني: إحالة المتهمين إلى محكمة أمن الدولة يعكس التزام الأردن بسيادة القانون ورفضه لأي تجاوزات قد تؤثر على استقراره الداخلي .
● التحصين المجتمعي: يدرك الأردن أن الأمن لا يتحقق فقط بالقوة العسكرية، بل أيضًا بتعزيز الوحدة الوطنية ونشر قيم الاعتدال ونبذ التطرف.
الأردن في قلب التوازن الإقليمي
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، يُعتبر الأردن ركيزة أساسية في تحقيق التوازن. فهو يُمثل صوت العقلانية والاعتدال في منطقة تعصف بها الأزمات. ومن خلال دوره كوسيط محوري في الصراعات الإقليمية، يواصل الأردن تعزيز مكانته كشريك دولي موثوق به.
كما أن موقف المملكة من القضايا الإقليمية، مثل القضية الفلسطينية، يعكس ثباتًا مبدئيًا وحرصًا على حماية الحقوق العربية والإسلامية. وقد أكد جلالة الملك عبد الله الثاني مرارًا رفضه لأي حلول تمس الهوية الوطنية الأردنية أو تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين أو إقامة "الوطن البديل"
رسالة إلى الداخل والخارج
إن إحباط المخططات التخريبية الأخيرة هو رسالة واضحة بأن الأردن قوي وقادر على حماية نفسه ضد أي تهديدات. كما أنها دعوة للمجتمع الدولي لدعم المملكة في مواجهة الضغوط المتزايدة التي تتعرض لها نتيجة موقعها الجغرافي والسياسي الحساس. وفي الوقت نفسه، فإن هذه الأحداث تذكّرنا بأهمية الالتفاف حول القيادة الهاشمية الحكيمة وتعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة أي محاولات للنيل من أمن الوطن واستقراره .
ختامًا :عندما يكون الوطن مشروع حياة
إن ما يميز الأردن ليس فقط قدرته على مواجهة التحديات الأمنية بل أيضًا قيادته الرشيدة التي تعمل بحكمة وحنكة لتعزيز الاستقرار الوطني والإقليمي . فَتَحت قيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، سيظل الأردن قويًا وصامدًا أمام كل المحاولات التي تسعى إلى زعزعة أمنه . فالأمن الوطني الأردني ليس مفهوما عسكريا جافا، بل هو "فلسفة وجودية" تدمج بين:
● حكمة القيادة: رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني التي ترى في كل أزمة فرصة لتعزيز المناعة.
● ذكاء المؤسسات: أجهزة أمنية تعمل في الظل لتحمي النور.
● إرادة الشعب: شعب يدرك أن الاستقرار هو الرصيد الوحيد لمواجهة عواصف المستقبل.
في ظل التحديات الجسام التي تكتنف المنطقة من كل صوب، يبزغ الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ك"نقطة ضوء" ساطعة تبدد عتمة الفوضى الإقليمية المتلاطمة. ليس سر صمود المملكة متأتيا من قوة عتادها العسكري وحده، بل يتجلى في حكمة قيادة رشيدة تستشرف المستقبل وتعمل بدأب على تعزيز ركائز الاستقرار ومسيرة التقدم الوطني الناهضة. فالتاريخ الأردني المعاصر يشهد على إرادة قائد ملهم وشعب وفي يتكاتفان بعزيمة في مواجهة أعتى المصاعب، ويحملان معا رؤية مشتركة تستنير بها دروب المستقبل الزاهر. واليوم، إذ يحبط الأردن بصلابة أعنف المخططات الآثمة، يعلن للتاريخ بصوت جلي أنه لم يكن –ولن يكون– أبدا ساحة مستباحة لصراعات الآخرين وأطماعهم. فالشعب الأبي الذي أنجب قادة عظام ، لقادر بإرثه العريق ووعيه الحاضر على أن يخرج من رحم التحديات المحدقة انتصارات مؤزرة تخط بحروف من نور في سجل الأمم؛ فالأردن ليس مجرد وطن نعيش على ثراه، بل هو رسالة حضارية سامية تمازج بإبداع بين أصالة الماضي وإشراقة المعاصرة، وتجمع بحكمة بين القوة في الحق والحنكة في التدبير. ومن هذا المنطلق الراسخ، نؤكد بصدق أن حبنا للأردن لا يكتفي بالكلمات الرنانة، بل يتجسد في العمل الجاد المخلص للحفاظ عليه كمنارة للأمن والاستقرار، وسر قوته وازدهاره.