مدار الساعة - كتب: د.عمر محمد السّعودي - تستحقُّ رايتُنا الأردنية أن تظلَّ خفّاقةً شامخةً، بشموخِ الأردنِ وعنفوانِه، وبسالةِ أبنائِه وجيشِه العربيِّ المصطفويّ.
وإنْ كان الاحتفالُ بيومِ العَلَمِ يُصادفُ السادسَ عشرَ من نيسانَ من كلِّ عام، فإنّ الأيّامَ والشهورَ كلَّها لا تكفي للاحتفاءِ بهِ والتغنّي بعزِّه وفخارِه.
ذلكَ العَلَمُ، الذي أبصرْنا ألوانَه منذُ أن قُدِّرَ لنا أن نُوجدَ على هذهِ الأرض، ليسَ لجيلٍ واحدٍ، بل لأجيالٍ متعاقبة.
العَلَمُ الأردنيُّ، بثباتِ ألوانِه ودلالاتِه وشكلِه، ظلَّ كما هو منذُ عامِ 1928، ولم يتغيّرْ حتى يومِنا هذا.
فلا يوجدُ عَلَمٌ عربيٌّ آخرُ حظِيَ بهذا الرسوخِ والثبات.
لقد استقى علمُنا ألوانَه ودلالاتِه من رايةِ الثورةِ العربيةِ الكبرى، تلكَ الألوانُ التي تنبضُ بقوّةِ التاريخِ للأمّةِ العربيةِ في عصورِها المتلاحقة، وخفقَ هذا العَلَمُ وهو يُحاكي مسيرةَ الأردنِ منذُ عهدِ الإمارةِ وحتى المملكةِ الأردنيةِ الهاشمية، متزامنًا مع ملوكِ بني هاشم الأربعة.
وما أعظمَ هذا العَلَمَ في النفوس!
فكلُّ إنجازٍ تحقّقَ على أرضِ الأردن، كانَ العَلَمُ شاهدًا عليه، مرفوعًا عالِيًا خفّاقًا.
سَطّرَ أبناءُ الوطنِ فيه فرحَهم وفخارَهم، والعَلَمُ يوشّحُ ثوبَ المجدِ للوطن، ويَرسخُ في الوجدانِ أعمقَ معاني الولاءِ والفخر، ويَخفقُ في الضمائرِ الطاهرةِ بأصدقِ الأمنيات.
إنّه يُعانقُ أعالي السُّحبِ بشموخٍ لا يعرفُ الانكسارَ أبدًا.
تتجلّى لنا صورتُه، مرفوعًا بأيدي الجنودِ البواسلِ يومَ نصرِ الكرامةِ الخالدةِ، في الحادي والعشرين من آذار عامَ 1968، حين دحروا جيشَ الاحتلالِ الإسرائيليّ، وحطّموا أسطورةَ "الجيشِ الذي لا يُقهَر"، رافعينَ العَلَمَ الأردنيَّ العزيزَ عالِيًا، راسمينَ من ألوانِه أبهى معاني النصرِ الخالد، الذي نحيَاه حتى اليوم، ونتغنّى به جيلًا بعدَ جيل.
عَلَمُنا العالي، الذي كلّما أبصرْناه، تجددَ في أعماقِنا الإرثُ العظيمُ الذي ورِثْناه، وألزمْنا أنفسَنا بالمحافظةِ عليه، والافتخارِ والتغنّي به.
فهو لا يضيقُ ذرعًا بالدلالاتِ، بل يأخذُنا إلى سُطورِ التاريخِ المشرقِ، إلى تلكَ الأزمنةِ التي ازدهرتْ فيها الحضارةُ العربيةُ الإسلامية، وبلغَت فيها مجدًا مؤثَّلًا يليقُ بها.
لقد كانتِ الهمّةُ والهدفُ منذُ البدايات: إعلاءَ كلمةِ اللهِ الواحدِ العظيم، وتوحيدَه عزَّ وجل، وسموَّ الإنسانيّة، وتعظيمَ الشعورِ القوميِّ العربيّ، وتكريسَ التواضع، وتعميقَ أُسُسِ العدالةِ الاجتماعية، والدعاءَ للنهجِ القويم، وتحقيقَ الأمنياتِ، والسعيَ لأسمى الأهدافِ وأشرفِها.
نُكرّرُ قَسَمَنا الخالد، الذي أقسَمَه مَن سبقَنا، أن نحافظَ على هذا العَلَمِ مرفوعًا عاليًا، خفّاقًا في سماءِ الرفعةِ، كما هو خفّاقٌ في نفوسِنا.