"في حضرة العشق.. وطنٌ لا يشيخ"
في هذا الركن من العالم، ثمة وطن يشبه حبيبًا قديمًا… نغضب منه، نعانقه، ونثور لأجله إن لزم الأمر. هو ليس مجرد مساحة تُرسم على الخريطة، ولا راية ترفرف في الساحات، بل هو ذاكرة مزروعة في خلايانا… نبضٌ يشبه ذكرى أول عشقٍ سرى في الدم، أول يدٍ امتدت لتزرع الدفء في كفنا الصغير.
حين أعلن وزير الاتصال عن تلك الخلية الإرهابية التي أرادت زعزعة أمن البلاد، شعرت وكأن أحدهم يحاول أن يخدش وجه الحبيبة، أن يسرق منها ابتسامتها المطمئنة، فانتفضت في قلبي غيرة العاشق، وغضب الغيور. نعم… لست من رجال الأمن، ولا من الساسة، ولا أكتب لأجندةٍ تملى عليّ، لكنني أكتب بلسان العاشق… العاشق الذي لا يخجل أن يقول: أنا أقبل أن يُقال عني سحيجة ، لو كان ذلك في مصلحة الوطن… بل إنّي أتغنّى بذلك إن كانت كلماتي تحفظ شرف هذا البيت الكبير.
الوطن يا سادة ليس برقيات رسمية ولا شعارات معلبة، هو مزيج من أنفاسنا، من حكايا الأمهات حين يلبسننا عبق الحنين في مساءات الشتاء. الوطن امرأة جميلة، حين تهب عليها الرياح نحتمي في ظلها، وحين تتزين بالأمن، نزداد تيهًا في حبها.
نعم… قد تكون السياسة ضرورية كما الماء والهواء، لكن دون أن تسرق منا إنسانيتنا. فليكن الدفاع عن الوطن ضربًا من العشق، ولتكن الغيرة عليه في وجه كل دخيل، صورة من صور الولاء. ليس الوطن بحاجة لحناجر تصرخ فحسب، بل لقلوب تعرف معنى الانتماء.
والوطن — كالحب — لا يُعاش بالخوف، ولا بالصمت، بل بالحماية، بالمواجهة، وبأن نكون له كما العشاق، نغار عليه من نظرات الأعداء، ونفتديه إن لزم الأمر.
وفي هذا المساء، لا أرى في تلك الخلايا الإرهابية سوى لصوص عشق، يحاولون سرقة هذا الحبيب من بين أيدينا، لكن هيهات… فالوطن لنا، وقلوبنا له، وإن كره المتربصون.