منذ سقوط بغداد في التاسع من نيسان/ أبريل عام 2003، بدأ صعود المشروع الإيراني في المنطقة، وبنَت طهران استراتيجيتها في التمدد على فكرة أذرع الأخطبوط، ونجحت في أن تمتد أذرعها في المنطقة وبسطت نفوذها في عدة دول عربية بما يحقق مصالحها ويقوي الأوراق بيدها في التفاوض مع المشروع الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة.
منذ انطلاق ما اطلق عليه اصطلاحاً الثورة الإيرانية، انتهجت السلطات في طهران ماسمي بمشروع تصديرالثورة الإيرانية، مستخدمة الحامل الديني لتحقيق مشروع قومي فارسي، معتمدة في ذلك على جملة من القوى الناعمة أبرزها الاقتصاد والمذهب( الشيعي) من أجل ضمان نفوذها داخل المجتمعات العربية، والقوى الصلبة أو الخشنة كما حصل في الحرب العراقية الإيرانية، كذلك استخدمت الفصائل الفلسطينية والقضية الفلسطينية كحصان طروادة للانغماس في الوجدان العربي.
ولا بد من الإشارة إلى ان سقوط النظام العراقي السابق كان بمثابة الفرصة الذهبية لهذا المشروع الطائفي للانسلال داخل جسد الدول العربية، كما كان للعلاقة التاريخية بين سوريا وإيران التي أسس لها حافط الأسد والخميني دور هام في تمدد إيران الاقتصادي من جهة، والتواصل مع الفصائل الفلسطينية من جهة أخرى
لكن ما حدث في يوم السابع من أكتوبر كان تحولا كبيراً في منطقة الشرق الأوسط حيث ظنت إيران ان هذا الحدث سيزيد من نفوذها في المنطقة ويعطيها زخماً كبيرا في المفاوضات على الملف النووي مع الغرب ولكن ما حدث عكس ذلك تماما.
إذ كانت هذه العملية بداية النهاية للمشروع الإيراني في المنطقة، بداية من رأس الحربه للمشروع الإيراني وهو حزب الله اللبناني والذي انهار خلال أيام وقتل قادة حزب الله وتقطيع أجزاء سيطرته، والضغط على حاضنته افقده أي أوراق يلعبها في المنطقة لسنوات قادمة، ونتج عن ذلك انتخاب قائد الجيش اللبناني رئيساً للبنان والذي كان يرفضه الثنائي الشيعي وتم تشكيل حكومة جديدة فقد فيها حزب الله ثلثه المعطل وبدأت لبنان تخرج من نفقها المظلم والمحور الإيراني والعودة تدريجيا إلى الحضن العربي.
الضربة الأكبر والتي قد تكون القاصمة هي سقوط النظام في سوريا وهروب بشار الأسد وبالتالي الخروج الإيراني المذل من سوريا، وقيام حكومة سورية لاتقبل بالمشروع الإيراني وادواته في سوريا وهي بذلك تتلاقى مع رغبة الشعب السوري الذي عانى كثيراً ولعقود من ممارسات إيران.
لم تتوقف خسائر إيران في سوريا ولبنان وإن كانت هي الأهم حيث فقدت فيها الكثير من أوراقها أهمها الموانئ المطلة على البحر المتوسط والتي كانت تمني النفس أن تجعلها نافذتها الاقتصادية من خلال تصدير النفط والغاز إلى أوربا,وكذلك تراجع أو سقوط التحالف الروسي الإيراني في سوريا.
هذه الخسائر استمرت من خلال استهداف مليشيا الحوثي أحد أذرع إيران في المنطقة، والتهديد باستهداف الحشد الشعبي العراقي والذي أبدى استعدادا لانخراطه الكامل بوزارة الدفاع العراقية .
المسمار الاخير في نعش المشروع الإيراني والقيادة الإيرانية الحالية، هو استهداف مفاعلات إيران النووية وبالتالي تحويلها إلى قط بلا مخالب ولا أنياب من السهل اسقاطه
هذه كله ولم نتحدث عن الوضع الداخلي الإيراني الذي تعاني داخلياً من عقوبات اقتصادية انعكست على الحالة الاجتماعية والسياسية والمعاشية للمواطن الإيراني، مما تسبب بموجات من الاحتجاجات في الداخل الايراني، تغذيها المعارضة الإيرانية المنظمة والقادرة على تشكيل لوبيات ضغط، تزامناً على ان إيران مقبلة على مرحلة صعبة مع قدوم ترامب، الذي يهدد بفرض مزيد من العقوبات الأمريكية القاسية عليها ويزيد الضغط على النظام الحاكم في طهران، مما قد يعرضه إلى حالة انتفاضة شعبية وعدم استقرار داخل الدولة قد يؤدي في النهاية إلى سقوط النظام الديني الحاكم منذنصفقرنتقريبا.