في عالم كثيرًا ما تعكس فيه المظاهر الفارغة طابع السلطة، نجد أن القادة الحقيقيين يظهرون من خلال أفعالهم وليس أقوالهم.
لقد أثبت سمو ولي العهد أنه قائد مميز بتصرفاته البسيطة، التي تحمل في طياتها معاني عميقة، إذ يمثل دخوله المفاجئ على مكاتب الموظفين في أمانة عمان الكبرى، دون بروتوكولات معقدة تجسيدًا للإنسانية والشفافية.
في ذلك اليوم، لم يكن حضوره ليفرض القلق والترقب، بل جاء ليبعث روحًا جديدة في نفوسهم، ويجعلهم يشعرون أن هناك من يهتم بعملهم وأدائهم ويتابعه، فلم تكن زيارة سموه مجرد إجراء تفتيش روتيني، بل جاءت كرمز للوعي بأن الخدمة العامة تتطلب التزامًا حقيقيًا وضميرًا يقظًا.
تظهر الزيارة كيف يمكن للقادة أن يعيدوا للوظيفة العامة هيبتها ويؤكدوا على أهمية المسؤولية.
من خلال سؤاله ونظراته، أعطى سموه محتوى حقيقيًا للعدالة الاجتماعية، حيث باتت المسؤولية تقع على عاتق كل موظف، ليس فقط من منظور الرقيب الداخلي، بل من خلال الارتباط بالضمير .
فالمواطنون يطمحون إلى مستقبل أفضل ينتظرون تغييرات في أساليب وأدوات الادارة العامة وزيارة سمو ولي العهد تعكس تمامًا هذا الأمل الذي يراود أذهانهم.
ليس القادة من يجلسون على المكاتب المغلقة، بل أولئك الذين يباشرون العمل في الميدان، ووجود ولي العهد في هذا السياق يعزز من قيمة المسؤولية الجماعية ويذكر الجميع بأن الخدمة ليست مجرد واجب بل تعبير عن الوطنية.
فالزيارة تعكس أيضًا التزام الهاشميين بالقيم التي تربطهم بشعبهم، ومدى قلقهم على حياة المواطن اليومية. هي دعوة صادقة للمسؤولين لتجديد عهدهم مع الوطن والمواطن، وإعادة فهم أدوارهم ضمن المجتمع.
كما يمكن القول إن هذا النوع من القيادة يحتاج إلى شجاعة وعمق رؤى، بحيث تكون الخدمة العامة أعلى من مجرد واجب حكومي هي التزام حيوي يتطلب شعورًا مستمرًا بالمسؤولية والمبادرة، وهذا ما جسده دخول سمو ولي العهد بلا موعد.
إن هذه اللحظات من التفاعل المباشر تبقى في الذاكرة، وتكون بمثابة درس للمسؤولين في ضرورة وجودهم بين الناس، حيث تكمن القدرة الحقيقية على إحداث تغيير حقيقي، فالقيادة ليست فقط في الألقاب، بل أيضًا في الفعل والمسؤولية، وهذا ما يجسد مستقبل مشرقللوطنوالمواطن.