يصادف تاريخ السادس عشر من نيسان 2025 يوم العلم الأردني – الرسمي للأردن – المملكة الأردنية الهاشمية ، الذي استخدم أول مرة عام 1928 ، وكان علما للثورة العربية - الهاشمية الكبرى المجيدة في الأعوام 1916 – 1920 ، وعلما لإمارة شرق الأردن في الأعوام 1928 – 1936 ،و رافق التحول الأردني من الإمارة إلى المملكة عام 1946، و حتى الان مع اختلاف في الشكل و توزيع الألوان .ولم يكن للأردن علما خاصا به في الحقبة العثمانية الممتدة بين الأعوام 1516 و 1918 . و سارية العلم الأردني وسط عمان و الديوان الملكي العامر ، هي الأعلى في العالم منذ عام 2003 ، و رشح عام 2011 لدخول موسوعة " غينيس " ،ودخل الموسوعة فعلا عام 2015 بتحكيم ياباني ودولي.
و علمنا الأردني الشامخ وسط أعلام العرب ، تعكس ألوانه حضارات وتاريخ المنطقة ، فاللون الأسود راية للدولة العباسية ،و الأبيض راية للدولة الأموية ، و الأخضر ترمز لأل البيت -الرسول العربي محمد – عليه الصلاة و السلام ، و الأحمر للثورة العربية الكبرى ، و المثلث الأحمر للسلالة الهاشمية ، و النجمة السباعية تدل على فاتحة القرأن الكريم – السبع المثاني ، من سبع أيات ، و تلال و جبال عمان العاصمة الجميلة . ووجوده داخل المثلث يدل على هدف الثورة العربية الكبرى و الذي هو توحيد الدول و الشعوب العربية و تخليصها من الأمبراطورية العثمانية ،ومن كل ألوان الاستعمارو الاحتلال.
يحظى الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله ،ومنذ تسلمه لسلطاته الدستورة بتاريخ 7 شباط 1999 بالاستقرار ، و جلالة الملك المعزز للبناء و ابن الملوك ، الحسين العظيم الراحل الباني طيب الله ثراه ، و طلال ملك الدستور ، وعبد الله الأول المؤسس . وجلالة الملك عبد الله ، الحفيد الحادي و الأربعون من سبط النبي محمد صلى الله عليه و سلم . و المواصل لبناء القوات المسلحة الأردنية الباسلة – الجيش العربي المصطفوي ، رأس الأجهزة الأمنية الموقرة ، و الاقتصاد الأردني ، و سياسة التحديث السياسي عبر الأوراق الملكية . و المجذف صوب الديمقراطية من خلال العمل البرلماني الحزبي ، و الحزبية المنظمة البرامجية ، و اللامركزية ،ومن أجل رفعة الإنسان الأردني الذي وصفه مليكنا الراحل الحسين بأنه أغلى ما نملك . و الباحث عبر المنابر الدولية لمنع تهجير الفلسطينيين الأشقاء في الجوار ، في غزة وفي الضفة الغربية .و الداعي لإعادة بناء قطاع غزة مع إبقاء الغزيين المواطنين في وطنهم .و المساند جلالته شخصيا و على المستوى الأردني و العربي و الدولي للاعمال الإنسانية الموجهة لأبناء فلسطين في غزة . و لم يشهد التاريخ المعاصر أن زعيما عربيا مثل جلالة الملك صعد بنفسه فوق طائرة عسكرية لتوصيل المساعدات الإنسانية لأهل غزة – أهلنا .
العلم – تاريخ الأردن و إرثه الهاشمي و مستقبله . و في خطاب الملك أمام أعمال الدورة العادية الأولى لمجلس الأمة العشرين 2024 ، شدد جلالته على أن الأردن دولة راسخة الهوية و لاتغامر بمستقبلها و تحافظ على إرثها الهاشمي و انتمائها العربي و الإنساني . و في خطاب جلالته رسالة واضحة و دقيقة للمنطقة العربية ،و اهتزازاتها ،و دعوة ملكية للمحافظة على الداخل الأردني ، و التمسك بالوحدة الوطنية – الخط الأحمر . و الأردن ، الأكثر تمسكا بالقضية الفلسطينية ، و ينادي بإنصافها ، و بتحقيق حل الدولتين عبر اقامة الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس . ومطلب عربي شعبي واسع في المقابل بتحرير كامل فلسطين و كامل عاصمتها القدس الشريف ، في زمن ترفض فيه إسرائيل حل الدولتين ،و إقامة دولة فلسطينية وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 242 .و شعار القومية العربية " ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة " تحول مع تقادم الزمن إلى المطالبة بتوسيع رقعة السلام مع إسرائيل الرافضة للسلام الحقيقي مع العرب تمشيا مع قمة العرب في بيروت عام 2002، و صيحة الأمير حينها ، الملك لاحقا عبد الله بن عبد العزيز، ملك المملكة العربية السعودية رحمه الله ( سلام شامل مقابل إنسحاب شامل ) .
الأردن الرسمي وعلمه المرفوع عاليا ، و كل دول العرب ، ليسوا شركاء مباشرة في مشاريع العرب الأنية على مستوى المقاومة ، رغم شرعية المقاومة في وجه الاحتلال الإسرائيلي ، وحسب أوراق الأمم المتحدة و ميثاقه . وهي ، أي المقاومة ، ليست محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي ، و لا مكان للاحتلال وسط القضية العادلة. وهو ، أي الأردن يحارب عندما تفرض الحرب عليه في حالة التهجير أو كما حدث في معركة الكرامة المنتصرة عام 1968 ،أو المشاركة في حروب دفاعية عربية مثل حرب عام 1948 ، أو هجومية مثل حربي عام 1967 و 1973، اللتان ماجتا بين الخسارة و التحرير . و يسجل للأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني تحريره بشجاعة لإقليمي " الباقورة و الغمر " عام 2019 من فكي معاهدة السلام الموقعة عام 1994 ، والتي جاءت بعد معاهدة مصر1979 ، و شكلت حاجة سيادية وقتها وحتى الان ، وقوبلت و حتى الساعة بمعارضة وطنية و قومية في المقابل كما سابقتها ، و اللواتي قدمن لاحقا مع ( الامارات ، و البحرين ، و المغرب ) عام 2020.
صدق معالي الدكتور خالد الكركي ، القامة الوطنية رفيعة المستوى ، بقوله سابقا ( البلد ، أي الأردن ، أرجوان ، و دم و شهدا ) ، و لقد قدم الأردن عبر حروبه مع إسرائيل ،و مع الخارجين عن القانون ، ومع الارهاب ، قافلة من الشهداء على أرض فلسطين ، و فوق ثرى الأردن و خارجه مثل (كايد عبيدات ،و هزاع المجالي ، ووصفي التل ،ومعاذ الكساسبة ، و راشد الزيود ) و غيرهم أيضا. وصدق أيضا دولة عبد الرؤوف الروابدة الوطني الحكيم في كتابه " هكذا أفكر- أراء و مواقف . ص 15 ، بقوله " لقد بنيت الدولة الأردنية الحديثة على فكرة و دور ، و علينا دائما أن نعي هذه الفكرة و أن نفهم ذلك الدور فيبقى الأردن مستودع الثورة العربية الكبرى ، وحامل لواء مشروعها النهضوي ، و رسول الوفاق و الاتفاق " . و بقول الروابدة في صفحة 17 منه " كانت أرض الأردن حديقة غناء ، و قد قارن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عمان و الجنة إذ قال : " جاء في السيرة النبوية لإبن هشام أن أبا جهل قال للمشركين في الليلة التي سبقت المؤامرة لاغتيال الرسول صلى الله عليه و سلم " إن محمدا يزعم أنكم إن بايعتموه على أمره كنتم ملوك العرب و العجم ، ثم بعثتم بعد موتكم فجعلت لكم جنات كجنات الأردن " . و يقال أن الرسول صلى الله عليه و سلم استظل في رحلته إلى الشام بظل شجرة مازالت قائمة حتى اليوم قرب الصفاوي بمحافظة المفرق .
وفي الختام هنا ، يمكنني القول ، بأن الثورة العربية الكبرى التي انطلقت عام 1916 من مشارف مكة ، و قادها شريف العرب و ملكهم الحسين بن علي طيب الله ثراه ، و اختارت الأردن بوابة لبناء المنطقة الشامية و بلاد العرب ، يستطيع العرب ثانية و بالارتكاز على الأردن إحياؤها لتوحيد العرب في دولة واحدة ،و بعلم واحد ، و اقتصاد واحد ، و جيش واحد ، و عملة واحدة ، و عاصمة واحدة . و كتاب سليمان الموسى " الحركة العربية " قريب منا في مضمونه القومي ، و يهدف لتحقيق نصر عربي شامل مجيد يدخل التاريخ من أوسع أبوابه .