مدار الساعة - كتب: عبدالهادي راجي المجالي - لم يظهر مدير الأمن العام الحالي اللواء عبيد الله المعايطة، على أية وسيلة إعلامية.. مع أنه لو أراد ذلك فيكفيه أن يرسل مدير مكتبه (واتس أب) لأي قناة تلفزيونية.. وسيتهافت الجميع على السبق الصحفي.
عبيد الله باشا، وقور جداً.. وقارئ نهم، قبل فترة تشرفت بالجلوس معه، وتحدث لي عن الدين، عن بنية المجتمع.. تحدث عن المنظومة الاجتماعية، عن المذاهب.. وحديثه كان يوحي بأنه قرأ.. الإمام الغزالي، ومر على نهج البلاغة، وقرأ المذاهب.
وسؤالي مع أن هناك ألف يد مستعدة لكتابة ألف مقال له، لكنه لم يكتب.. وهناك (١٠٠) منتج ومعد، على استعداد لصياغة تصريحات نارية له، وإخراجه بصورة البطل، ومع ذلك لم يفعل.. لماذا؟
القصة باختصار هي الوقار الأمني والعمل بصمت، حابس باشا المجالي.. مات وهو يرفض ان يتحدث إلى وسائل الإعلام أو يطل على الشاشة حمى هيبته وحضوره.. خالد جميل الصرايرة كانت صورته فقط هي ما يظهر في الإعلام فقط.
عبيد الله المعايطة، لا يبحث عن الاستعراض.. ولكن لنتفق أن إدارته للمشهد، لم تجلب أي إدانة لجهاز الأمن بل ضاعفت شعبية الجهاز ..
الذين يعرفون، والذين يجيدون الحجة.. والذين يمتلكون ثقافة حقيقية يصمتون، بالمقابل.. من لا يعرفون شيئاً صاروا هم من يمتلكون الصوت الأعلى.
منذ بداية حرب غزة والباشا لم يقم بالإدلاء بتصريح واحد حول المسيرات، وحول التجاوزات، لكنه بصمته هذا جعل الشارع يعرف الحقيقة، وقام بحماية الضباط والأفراد ومنحهم الثقة عبر التحفيز والتشجيع، وليس عبر الاستعراض.. والحديث للإعلام.
أنا لا أقرأ سلوك العسكرية الأردنية في الأحداث الأخيرة، ولكني اقرأ مشهد الرجال الذين تدرجوا في الموقع، ووصلوا للقيادة بعقولهم وزنودهم.. الذين عاصروا زمن (الطابون) وزمن الرضا، وكانوا مدرسة الوفاء..
شكرا باشا، ونتمنى أن يتعلم الكل منك معنى الصمت البليغ ، ومعنى الصمت النبيل.