مدار الساعة - إذا ماتت المرأة بعد الولادة في مدة نفاسها، فهي ممن يرجى لها بلوغ منزلة الشهداء عند الله.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن: المرأة إذا ماتت طول فترة النفاس وهي أربعون يومًا بعد الولادة...؟
فقال: " يرجى لها الخير، جاء في بعض الأحاديث ما يدل على أنها إذا ماتت بسبب الولادة أنها شهيدة" انتهى من " فتاوى نور على الدرب" (13/471).
وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (12/29):
"إذا ماتت المرأة وفي بطنها جنين، أو ماتت أثناء الولادة، أو بعد الولادة في مدة نفاسها، فإنها تعتبر شهيدة بإذن الله؛ لما رواه راشد بن حبيش، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عبادة بن الصامت في مرضه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتعلمون من الشهيد من أمتي؟) فأرم القوم، فقال عبادة: ساندوني، فأسندوه، فقال: يا رسول الله الصابر المحتسب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن شهداء أمتي إذا لقليل، القتل في سبيل الله عز وجل شهادة، والطاعون شهادة، والغرق شهادة، والبطن شهادة، والنفساء يجرها ولدها بسرره إلى الجنة) رواه أحمد (3 /489).
والسرر: ما تقطعه القابلة من المولود، والحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند بسند صحيح، وله شاهد عند مالك في الموطأ، وأبي داود .. والمرأة تموت بجمع شهيد والحديث رواه الإمام أحمد في المسند ، وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، وقال: صحيح الإسناد، ومعناه عند مسلم كما ذكر في الحديث السابق، ومعنى المرأة تموت بجمع: أي تموت وفي بطنها ولد" انتهى.
والحديث حسنه الألباني بلفظ "والنفساء يجرها ولدها بسرره إلى الجنة" في صحيح الجامع (4439)، وصححه في "سنن أبي داود" (3111) بلفظ "والمرأة تموت بجمع شهيد".
ثانيا:
ينبغي أن يعلم أن قول من مات على كذا، فهو شهيد: أن هذا الحكم على العموم، بما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم لأجناس هؤلاء. وأما الشخص المعين من الناس: فإنه لا يقال فيه شهيد، إلا لمن شهد له الوحي بذلك.
جاء في "شرح الموطأ" د.عبد الكريم الخضير (46/ 28، بترقيم الشاملة آليا):
"(والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بالجمع شهيد) شهيد ما قال شهيدة، المرأة شهيد، يعني مثل قتيل وجريح (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ) [سورة الأعراف/(56)] ما قال: قريبة... وجاء النهي عن الجزم بالشهادة لأحد، لكن الرجاء وغلبة الظن المؤمل من الله -جل وعلا- من غير جزم، .. والأصل في النهي التحريم، لكن يبقى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حكم "ما عليك إلا نبي وصديق وشهيد"، فيجزم بالشهادة لمن شهد له النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن عداهم على الرجاء" انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " من مات من رجال الدفاع المدني، حيث احترق بالنار وهو يحاول إطفاءها هل يعتبر من الشهداء؟
فأجاب : أقول: كل من مات بحريق وهو مسلم فإنه من الشهداء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الحريق شهيد ) لكن ما نقول: فلان شهيد؛ لأنه مات بالحرق، ما ندري، لكن على سبيل العموم نقول: كل من مات بالحريق فإنه شهيد، وإذا كان من رجال الإطفاء كان أشد ثواباً؛ لأن هذا الرجل الذي مات بالإطفاء جمع بين أمرين: بين الحريق وبين الدفاع عن إخوانه، فهو في الحقيقة اكتسب أجرين: أجر الدفاع عن إخوانه المسلمين، وأجر شهادة الحريق، لكن لاحظوا أننا لا نشهد لشخص بعينه، يعني: مثلاً إنسان أحرقته النار أمامنا نقول: الحريق شهيد، لكن ما نقول: هذا الرجل شهيد، وقد ترجم البخاري رحمه الله في صحيحه لهذه المسألة وقال: (باب: لا يقال فلان شهيد) ثم استدل لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما من مكلوم يكلم في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله ) فقال: والله أعلم، إذا كان الله يعلم بمن يُكلم في سبيله؛ إذاً: لا نشهد على أحد، لكن نقول على العموم: من قتل في سبيل الله فهو شهيد، فيفرق بين العموم وبين الخصوص " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (25/ 448). انظر: فتوى رقم: (151904).
والله أعلم.