ورد لطرفي حديث مسجل جديد – صوت و صورة – و باللغة الأوكرانية القريبة من اللغة الروسية ، يتحدث فيه رئيس غرب أوكرانيا و دولة " كييف " ، فلاديمير زيلينسكي بأن بلاده أوكرانيا ستصبح في وقت قادم غير معروف ليس سويسرا ، و إنما إسرائيل العظمى . وهو تسجيل حقيقي غير مفبرك . و أكد صحة الحديث أكثر من أوكراني و روسي من المعارف ، و الأهم هنا ، وهو الغريب ، كيف لسيادته أن يتوقع بهذا الاتجاه السلبي ، وهو من خسر في حربه التي شنها على روسيا بعد وصوله للسلطة عام 2019 ، و أسس لها من سبقه الرئيس الأوكراني السابق - بيترو باراشينكا- من وسط الثورات البرتقالية و انقلاب " كييف " عام 2014 ، و بعد المماطلة في تنفيذ اتفاقية "مينسك 2015 " ،و رفض الحوار مع موسكو لاحقا من قبل زيلينسكي ، و اعاقة حوار " أنقرة " 2022 ؟ وهل يحق للأوكران أشقاء الروس و جيرانهم التباهي ؟ وهل هو شرف لهم ؟و هل تقبل سلالة العائلة السلافية و السوفيتية السابقة أن تتحول بلادهم أوكرانيا ليس لسويسرا و إنما لإسرائيل العظمى - مجرمة الحرب - حسب تصور زيلينسكي ،الحاكم وسط الاحكام العرفية الان في الحرب الأوكرانية ، و الفنان الكوميدي عام 2018 ، الذي حول مسرحيته " خادم الشعب " إلى خادم للغرب الأمريكي ؟
يبدو أن ما اقترفه نظام زيلينسكي في حربه على شعبه الأوكراني و على المكون الروسي شرق و جنوب أوكرانيا في الأعوام 2014 – 2022 ، أي على مدار ثماني سنوات من الحرب الداخلية ، و بعد تسببه بقتل أكثر من 14 الفا منهم بداية و تشريد غيرهم ، و بهدف ضم الشرق و الجنوب قسوة لنظام " كييف " البنديري المتطرف ، و لسياسة الغرب الضاغطة باتجاه الانفصال عن روسيا سياسيا و اقتصاديا ، ولديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح ، هو الدافع الحقيقي صوب الهاجس الجديد للرئيس زيلينسكي المنتهية ولايته ،وهو المدعو من قبل روسيا لإجراء انتخابات رئاسية جديدة تفضي إلى قيادة أوكرانية جديدة ، أو تشكيل قيادة أوكرانية مؤقتة خارجية ، قادرة على توقيع السلام مع روسيا الاتحادية ، وتكون قادرة أيضا على تثبيت ضمانات الحياد ، و الابتعاد عن حلف " الناتو " المعادي لروسيا وفقا لأحكام القانون وليس عبر الخطاب السياسي المخلوط بالفن التهريجي .
لم تعد أوكرانيا – أوكرانيا كما عرفها زيلينسكي ، و النظام الأوكراني الانقلابي عام 2014 ، قبل عام 1991 ،عندما استقلت عن الاتحاد السوفيتي السابق ، و مجرد محاولة النظام الأوكراني التجذيف تجاه الغرب و" الناتو" ، و محاولة بيع أوكرانيا للغرب ، و هو الذي تبين لاحقا ، و تكرر اليوم ، و خالف اتفاقية تفكيك الاتحاد السوفيتي ، و دفع روسيا الاتحادية جارة التاريخ منذ الزمنين القيصري و السوفيتي لتحريك عملية عسكرية خاصة ، إستباقية ، تحريرية ، دفاعية عام 2022 تمكنت من تحرير 25 % من شرق و جنوب أوكرانيا ( القرم ، و الدونباس " لوغانسك و دونيتسك " ، و زاباروجا ، و خيرسون ) و أطراف خاركوف ، و هي ماضية في مشروعها التحريري حتى نهر الدنيبر. و أصبح الشرق و الجنوب الأوكراني تابعا و حسب الدستور الروسي لروسيا و إلى الأبد ، و أصبحت غرب أوكرانيا بما في ذلك العاصمة " كييف " بيد سطوة الولايات المتحدة الأمريكية الاقتصادية ، التي تنتظر من الرئيس زيلينسكي أن يعود للبيت الأبيض بعد طرده و توبيخه أول مرة ، و يوقع السلام مع أمريكا و من ثم مع روسيا ، شريطة خروجه من المعركة ليس خاسرا و بجدارة فقط ، و إنما خاوي اليدين و حافي الرجلين .
فعن أي سويسرا ، و إسرائيل العظمى ، يتحدث زيلينسكي ؟ ولماذا وكيف يسمح لنفسه ، و هو المنتخب من قبل شعبه قبل أن ينقسم عليه عام 2022 سياسيا و جغرافيا و على مستوى السيادة ، أن يزج إسم بلاده التاريخية أوكرانيا تحت إسم ومظلة إسرائيل العدوانية ، النازية ، الارهابية ، مرتكبة أكبر جريمة بشرية عرفها التاريخ المعاصر في غزة راح ضحيتها أكثر من 50 ألف شهيد جلهم من الأطفال ، و النساء ، و الشيوخ ؟ أم أن أصوله اليهودية من طرف أبويه يسمح له بذلك ؟ أو لمجرد اسناد إسرائيل لحربه ضد روسيا ؟ و بالمناسبة ،وكما أن إسرائيل ناكرة لجميل تأسيسها من قبل الجيش الأحمر السوفيتي ، و الذي هو بقيادة روسية ، نجد بأن أوكرانيا ، و تحديدا جناحها الغربي يتنكر بالكامل للروابط التاريخية مع الاتحاد السوفيتي ومع روسيا الاتحادية . و تتناسى " كييف " العاصمة ، و الاتحاد الأوروبي كذلك بعد انفصامه عن رأسه الأمريكي بأن درس اليابان التي اعتدت فيه على الاتحاد السوفيتي نهاية الحرب العالمية الثانية 1945 ليس بعيدا ، وهو الذي قاد لضم الاتحاد السوفيتي لجزر الكوريل الأربعة (كوشانير ، إيتوروب ، هامبوماي ، شيكوتان ) و إلى الأبد . وورثت روسيا الاتحادية الجزر بحكم قيادتها للاتحاد السوفيتي، و خرجت اليابان و حتى الساعة خاوية اليدين تغني وحيدة في عتمات الليالي.ومع هذا و ذاك يخطط الاتحاد الأوروبي مع العاصمة " كييف " ليخرجوا منتصرين من وسط حرب خاسرة بدأوها معا في عهد بريطانيا – باريس جونسون ، و أمريكا -جو بايدن .وهو الذي لن يتحقق ، و سوف يتجه إلى سراب .
أدعو زيلينسكي أن يبتعد عن فانتازيا و هذيان الاحلام السعيدة ، و بأن يعود لرشده ليوقع سلام الممكن مع روسيا ، وهو الطرف الخاسر، في وقت تبحث فيه روسيا عن السلام العادل ،و سلام المنتصر. وهو ، أي زيلينسكي الحالم بحرب رابحة على حساب الغرب بلغت تكلفتها 350 مليار دولار ، تمكن من وسطهن شراء بيت في إسرائيل و مركبة فارهة لعقيلته ، و أشياء خاصة أخرى ،و استحوذ على مبالغ منها . و لم يكن يتوقع في المقابل بأن يعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسدة الحكم في البيت الأبيض 2025 ، بعد أن كان رئيسا عام 2016 ، و هو المعروف برجل الصفقات و المغامرات الاقتصادية ، و الخاوات المالية على 60 دولة عالمية ، و يبحث عبر الاستثمار عن تريليونات الدولارات لأنقاذ اقتصاد أمريكا الذي لم تسعفه أفكار كارل ماركس و كتابه ( رأس المال). و بأن ترامب سوف يطالبه بثمن الحرب و فوائدها و بمبلغ يصل إلى 500 مليار دولار يدفعها على شكل مصادر طبيعية ثمينة أوكرانية نادرة .
ومثلما هي الولايات المتحدة الأمريكية نووية عظمى ، و تفرض الخاوات المالية على دول العالم ،فإن روسيا الاتحادية نووية عظمى و تحتل في مجاله الرقم 1 ،و الأكثر تمسكا بالقانون الدولي عالميا. و مكانة الصين الشعبية هي رقم 1 اقتصاديا على مستوى العالم ، و نهوض هندي اقتصادي ملاحظ جعل من روسيا تتبوأ الرقم 4 اقتصاديا و الأول على مستوى أسيا في الاقتصاد.
لن تفرز صناديق الاقتراع الأوكرانية القادمة زيلينسكي أخر ،و لا مجال للعودة لعلاقات أوكرانية غربية من دون تغيير، و هنا لا أتحدث عن أوكرانيا الشرقية و الجنوبية التي عادت روسية ، إلا بالعودة لحالة سياسية و اقتصادية و عسكرية تشبه ما كانت عليه الحال زمن - فيكتور يونوكوفيج - عام 2014 و قبل ذلك . و السؤال المفتوح هنا ، هو لماذا لم تعرف أوكرانيا ما حدث لها بعد عام الانقلاب ، و لم يحدث قبل ذلك ؟ و هل الاتحاد الأوروبي الان الذي يمارس الدسيسة بين " كييف " و روسيا ، يبحث عن مصلحة النظام الأوكراني الغربي و سيادة أوكرانيا، أم يبحث عن مصلحته بعد تخوفه من اجتياح روسيا له ، و الذي هو أمر سرابي ؟ وكلنا نعرف بأن " الناتو" تأسس أصلا نتيجة نشر هاجس الخوف من روسيا ، في وقت تلتزم فيه بالقانون الدولي ، و هي ليست عدوانية ، و ليست احتلالية كما تشيع " كيف " و عواصم الغرب على شكل فوبيا مبرمجة .