انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة الموقف مناسبات شهادة جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

محاربة الارهاب والافتراض

مدار الساعة,مقالات
مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/05 الساعة 13:51
حجم الخط

أحمد عودة سلامه

في الوقت الذي اشتعلت به معركة قواتنا المسلحة بأحرارها مع الخوارج الإرهابيين سارع مدمنو التواصل الاجتماعي لنشر الصور وتبادل الفيديوهات والبث للحظات الهجوم، وكأن الحرب التي تُدور رحاها على أرض الوطن خاصة بأولئك الذين يضحون بأرواحهم لأجلنا جميعاً بينما كُنَّا على قدر من السذاجة كي نخبر أعداءهم عن مواقعهم وعدتهم وعتادهم.

مضت تلك الأزمة بسلام على وطننا رغم الثمن الغالي الذي دُفع من دماء الشهداء الأبرار وآخرين من الجرحى الأحرار.

ولكن علمتنا بأننا نخطئ كثيراً بالاستماتة في معركة الفيس بوك وتويتر والشهرة الزائفة التي لاتتعدى لحظات.

نحن في غالبيتنا شعب مثقف صان نفسه من الفتن لأعوام ولكن الخطأ يحدث، سارعت حكومتنا بالتنبيه لتدارك الأمر بتحذير المواطنين من تداول الصور والفيديوهات المتعلقة بالمعركة على مواقع التواصل.

حينها أثبت الغالبية بأنهم على قدر من المسؤولية والوعي في دولة متحضرة كالأردن تمنح الحرية المطلقة لأبنائها تعطيهم الثقة وهي بالمقابل تستحق الثقة.

منذ أعوام تسلل سم "السوشيال ميديا" إلى بيوتنا وأدمناه وصارت مشاعرنا مرهونة بشاشة صغيرة وأحلامنا مشاعة.

قصرت المسافة بيننا ولكن بعدت الألفة فتعقدت العلاقات التي باتت تحت رحمة كبسة زر والحظر علاجاً فعالاً للمقاطعة والقطيعة.

ربما مواقع التواصل الاجتماعي تحمل الكثير من الايجابيات من ثقافة تستطيع اقتناءها وآراء تتشاركها مع الآخرين وعلم تستفد منه في أوقات فراغك ولغات تتعلمها من أصحابها في البلدان البعيدة الذين أصبحوا أقرب إليك من جيرانك.

ولكن لا يمكننا نكران مضار التكنولوجيا ومواقع الافتراض التي أودت بدول وبيوت وعلاقات اجتماعية وهدمت سنيناً من السلام والألفة والعشرة.

تلاشت فكرة التقاليد ووصِف كل من يجهل بها “بالمتخلف الرجعي “

وأصبح زماننا يمضي بسرعة المنشور والتغريدة ويختزل مشاعرنا ومشاكلنا ومواقفنا ونحن كالدُّمى يتلاعب بِنَا هاتف محمول كما يشاء.

أغلقنا أبواب الحياة الاجتماعية وأصبحنا أكثر يأساً ومصابين بالاكتئاب رغم أننا ليلاً ونهاراً نتحدث عن مشاكلنا ونقرُّ بأوجاعنا ولكن بلا حلول ودون جدوى.

نحن شعوب ينقصنا الوعي بماهية التكنولوجيا التي تتطور بلا حدود يوماً بعد يوم لسنا مرنين وقابلين لتلقي كل السموم بعقلانية وتلافي الضرر من تلك الشاشة الصغيرة التي تنقل خصوصيتنا بلا رقيب
اليوم تنقل لنا لوحات المفاتيح الإلكترونية الكثير من الأخبار وتُلفق الكثير من الأحداث بلا صدق وبالطبع بلا مهنية. فتنتشر الشائعات كالنار في الهشيم وبسرعة الضوء وما من رادع لكل شائعة كاذبة تُطلق هنا أو هناك وأيضاً ما من رقيب للشائعات التي تحاول النيل من سلام البلدان وآمنها.

حيث باتت دول كبرى تخاف من شائعة صغيرة تطلق بأحدى البوابات الإلكترونية وتصل الملايين بلحظة وبلا استئذان وبلا تأكيد، فيتناقلها الناس ويتبادلوا الاّراء حولها وتحتدم الخلافات بشأنها لتصل للشتم وعندما تظهر الحقيقة تختفي الشائعة ومروجيها تاركةً ورائها فوضى عارمة.

ما عاد شيء آمن في هذا الزمن وهذه الأجهزة التي بعثرت مصداقيتنا ،فالحرب يكسبها أولئك الذين يقاتلون بالمنشورات والتغريدات لصالح مؤامرتهم غير آبهين بحقوق الآخرين وخصوصيتهم وبآمن البلدان وقداسة سلامها.

وكأن الحرب الباردة تُدار اليوم مابين الفيس بوك وتويتر.

نحن بحاجة ماسة للكثير من الثقة بحكومتنا وقراراتها لنحفظ آمن بلادنا؛ فاليوم بتغريدة عابرة ومنشور مختصر قد تشعل فتنة لاتخمد ومن واجبنا الحذر لأن الدول الآمنة تبقى تحت مجهر الأعداء بانتظار زلة كي تشعل النيران وتحرقها.

اكثروا من جرعات الوعي واحترموا خصوصية قواتنا المسلحة في محاربة الاٍرهاب واقتنوا من هواتفكم المحمولة ماهو إيجابي ولا تنسوا أن تعيشوا حياتكم أحراراً بلا عبودية في مواقع التواصل الافتراضية، فالوهم بداية لليأس والفشل.

مدار الساعة ـ نشر في 2018/09/05 الساعة 13:51