منذ نشأته جسّد الجيش العربي الأردني معاني التضحية والفداء، وكان دائمًا في طليعة الجيوش التي تصدّت للعدو دفاعًا عن الأرض والعقيدة والكرامة. وظلت القضية الفلسطينية على رأس أولوياته وفي صميم عقيدته القتالية. فقد شارك في جميع الحروب العربية ضد الاحتلال، وقدم خلالها تضحيات جسامًا، كان أبرزها النصر التاريخي الذي حققه في معركة الكرامة، حين أثبت الجندي الأردني أن العربي قادر على دحر العدوان وكسر غرور العدو، في وقتٍ كانت فيه الأمة تمر بمرحلة انكسار بعد نكسة حزيران.
في تلك المعركة امتزجت دماء الشهداء من مختلف العشائر الأردنية، الذين قدّموا أرواحهم دفاعًا عن الوطن والقضية الفلسطينية، في مشهد يجسد وحدة الصف الأردني، ويؤكد أن فلسطين ليست قضية شعب بعينه بل هي قضية أمة بأكملها.
واليوم، ورغم بشاعة العدوان المستمر على أهلنا في قطاع غزة، نشهد صمتًا دوليًا مطبقًا وعجزًا عربيًا مؤسفًا، حيث يقف العالم بأسره متكتف الأيدي، غير قادر حتى على إصدار موقف أخلاقي يُدين هذا العدوان الهمجي. في المقابل، يواصل الأردن، قيادةً وشعبًا، رفع صوته عاليًا دون تردد، مؤكدًا أن ما يحدث في غزة عدوان غير إنساني مخالف لكل القوانين والمواثيق الدولية، وأن السكوت عنه تخاذلٌ لا مبرر له
ويقود جلالة الملك عبدالله الثاني، حفظه الله، جهودًا دبلوماسية استثنائية، مجوبًا عواصم القرار العالمي، مدافعًا عن الشعب الفلسطيني الأعزل، ورافضًا للمجازر التي تُرتكب يوميًا بحقه، ومؤكدًا رفض الأردن الحاسم للتّهجير القسري وخطط التسوية الظالمة، بما في ذلك خطة الرئيس الأمريكي. وهو موقف يعكس مبادئ الدولة الأردنية ووفاءها لقضية الأمة الأولى.
في الوقت ذاته، لم يتخلّ الجيش العربي الأردني عن دوره الإنساني، بل تقدم الصفوف في تنفيذ عشرات الإنزالات الجوية لإيصال المساعدات الطبية والإنسانية العاجلة إلى مستشفيات القطاع. وقد كان على رأس هذه المهمات جلالة الملك وولي عهده، حفظهما الله، في مشهد يحمل دلالة عظيمة ويجسّد التزام الأردن الدائم بمبادئه
وفي ظل هذا العدوان الوحشي يجب أن تصل رسالة الأردن للجميع بوضوح
إذا ما تحقق موقف عربي موحد كما طالب به الأردن مرارًا، وكانت هناك إرادة حقيقية لاتخاذ موقف جامع، فإن الجيش العربي الأردني سيكون كما كان دائمًا، في طليعة الصفوف، جاهزًا، ومؤمنًا بعدالة القضية ومتمسكًا بثوابته فالتاريخ يشهد أن هذا الجيش كان أول من ضحى، وأول من دافع ولا يزال على العهد
إن ما يقوم به الأردن اليوم ليس مجرد موقف سياسي عابر، بل هو تجسيد لرسالة أمة ودور تاريخي يقوم به بلد صغير بإمكاناته، كبير بمواقفه عظيم بثوابته وراسخ بقيادته وشعبه وجيشه
ونقولها بصوت عالي : الجيش العربي الأردني هو خط أحمر، ومن يتطاول عليه لا يمثل إلا نفسه، وسيسقط صوته في وحل الخزي والعار خسئتَ أنت وأمثالك أن تنالوا من جيشنا العربي ، الذي لم يتراجع يومًا عن الحق، ولم يُنكّس رايته في وجه الظلم والعدوان