أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات جامعات وفيات مناسبات مجتمع رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

عريفج يكتب: الأحزاب السياسية.. استعادة الثقة


المحامي هيثم عريفج

عريفج يكتب: الأحزاب السياسية.. استعادة الثقة

مدار الساعة ـ
تعد الأحزاب السياسية حجر الأساس في أي نظام ديمقراطي، حيث تشكل حلقة الوصل بين المواطنين ومؤسسات الدولة، وتضطلع بمهمة تنظيم العمل السياسي وفق برامج ورؤى تهدف إلى تحقيق التنمية والاستقرار. ولا تقتصر مهام الأحزاب على السعي للفوز في الانتخابات، بل تشمل مسؤولياتها المشاركة الفعالة في صنع القرار، وتوجيه الرأي العام، وترسيخ ثقافة المواطنة الفاعلة.
في الأردن، تواجه الأحزاب السياسية تحديات كبيرة تحد من تأثيرها في الحياة العامة، مما يستدعي العمل على إعادة بناء الثقة بينها وبين المواطن. لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال تعزيز تمثيل مختلف فئات المجتمع، إذ ينبغي أن تكون الأحزاب معبرة عن التنوع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في البلاد، مع التركيز على إشراك الشباب والمرأة في العمل السياسي، لضمان مستقبل أكثر استدامة وحيوية.
إضافة إلى ذلك، فإن تقديم برامج وحلول حقيقية وملموسة لمشكلات الوطن والمواطن يعد أمرًا جوهريًا. لا يمكن للأحزاب استعادة ثقة المواطن ما لم تقدم برامج مبنية على أسس علمية ودراسات دقيقة، تعالج التحديات الاقتصادية والاجتماعية بطريقة قابلة للتنفيذ. إذ إن غياب الخطط الواضحة يجعل الأحزاب عاجزة عن تحقيق التغيير المنشود، ويؤدي إلى تراجع دورها في الحياة العامة وبالنتجية الى اهتزاز ثقة المواطن وإيمانة بالحاجة الى دور الأحزاب.
علاوة على ذلك، تضطلع الأحزاب السياسية بدور مهم في مراقبة أداء الحكومة والمطالبة بالإصلاحات، حيث تساهم في ضمان الشفافية والمساءلة من خلال متابعة الأداء الحكومي وتقديم مقترحات بناءة تسهم في تحسين الحوكمة. من الضروري أن تلعب الأحزاب دورًا رقابيًا نشطًا عبر البرلمانات ووسائل الإعلام، بهدف ترسيخ مبدأ الحكم الرشيد.
التعددية السياسية والمشاركة الشعبية عنصران أساسيان في استقرار الديمقراطية، حيث يتيح وجود أحزاب متعددة ببرامج مختلفة للمواطنين حرية الاختيار، مما يؤدي إلى تشكيل حكومات تعبر عن الإرادة الشعبية. إن تعزيز التعددية السياسية يسهم في تمثيل مختلف التيارات الفكرية والاجتماعية، ويضمن عدم احتكار السلطة من قبل فئة واحدة.
إن استعادة الثقة في الأحزاب السياسية لا يمكن أن تتحقق عبر الشعارات فقط، بل تتطلب إجراءات عملية واضحة. يبدأ ذلك من خلال إصلاح النظام الحزبي وتعديل القوانين لضمان حرية تكوين الأحزاب بطريقة بعيدة عن استجداء المنافع والمكاسب ، مع توفير الدعم اللازم لممارسة دورها بفعالية. كما أن تحقيق الشفافية والنزاهة الداخلية يعد ضرورة ملحة، بحيث تكون الأحزاب نموذجًا يُحتذى به في الإدارة المالية واتخاذ القرار.
ولا يمكن إغفال أهمية إشراك الشباب والمرأة في العمل السياسي، حيث يشكل الشباب غالبية المجتمع الأردني، ومن الضروري استقطابهم بآليات تعكس اهتماماتهم وتطلعاتهم مع التركيز على غرس الايمان بمبادىء الحزب وأفكاره مما يدفعهم للدفاع عنها والعمل من اجلها .
إلى جانب ذلك، على الأحزاب أن تلعب دورًا مهمًا في نشر الوعي السياسي بين المواطنين، وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم، وتحفيزهم على المشاركة الفاعلة في الانتخابات وصنع القرار. إذ من الخطأ الاعتقاد بأن دور الأحزاب يقتصر فقط على الانتخابات، بل يجب أن يمتد ليشمل التوعية السياسية، وتقديم قيادات وطنية مؤهلة لقيادة البلد نحو مستقبل أكثر استقرارًا وتقدمًا. إن المشاركة الحزبية الفاعلة تخلق بيئة سياسية صحية قائمة على المبادئ الديمقراطية والتعددية، وتسهم في تطوير النظام السياسي بما يخدم مصالح الجميع.
إن مستقبل الأردن السياسي يعتمد بشكل أساسي على دور الأحزاب في تكريس مبادئ الديمقراطية، وتعزيز مشاركة المواطن في صنع القرار. ومن هنا، فإن التغيير الحقيقي يبدأ من المشاركة الفعالة، وعلى الجميع أن يكونوا جزءًا من هذا التغيير لضمان بناء وطن أكثر ازدهارًا واستقرارًا.
مدار الساعة ـ