أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات مجتمع رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مناسبات مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

هل للأولاد حق في أثاث البيت بعد وفاة والدتهم؟

مدار الساعة,شؤون دينية
مدار الساعة ـ
حجم الخط
مدار الساعة - السؤال:
توفت أمي منذ سنتين، وأبي سيتزوج، أريد أن أعرف هل لي أنا وأخواتي ميراث من الأثاث وممتلكات المنزل أم لا؟
الجواب: الحمد لله.
أولا :
مدار الساعة - إذا توفيت امرأة وتركت زوجا وأولادا ، فإن تركتها تقسم كالتالي:
للزوج الربع من كل ما تركته الزوجة.
والباقي للأولاد إن كان فيهم ابن، للذكر مثل حظ الأنثيين .
فإن كان الأولاد كلهم إناثا، فلهن الثلثان، وللزوج الربع كما سبق، والباقي يكون لأقرب عاصب.
ثانيا : أثاث المنزل، حسب ما جرى عليه العرف في بلادكم يكتب في "قائمة" ويكون جزءًا من المهر، ويكون ملكا للزوجة.
فإذا كان الأمر كذلك، فهذا الأثاث يدخل في التركة، ويقسم على جميع الورثة، حسب نصيب كل وارث الشرعي.
ومثل ذلك: لو لم يكتب الأثاث في القائمة، أو لم تكن هناك قائمة أصلا، لكن اطرد العرف عندكم أنه: عند الطلاق، يكون الأثاث من حق الزوجة؛ فهكذا يكون الحال عند الوفاة، ويكون ذلك من جملة ميراثها.
وإذا لم تكن قائمة، ولم يطرد العرف بأنه عند الطلاق يكون الأثاث من حق الزوجة، فلا يكون حقا لها عند الوفاة، ولا يكون ذلك من ميراثها.
والظاهر في هذه الحال: أن ما كان خصوصيات الزوجة، وما أحضرته هي وأهلها: يكون ملكا لها، ويدخل في ميراثها.
وما كان من خصوصيات الزوج، أو أحضره هو، فإنه يكون ملكا للزوج، ولا يدخل في ميراث الزوجة.
ثالثا :
إذا كان والدك سوف يتزوج فهذا حقه ، وليس لأحد الاعتراض عليه في ذلك .
والرجل – لاسيما إذا كان كبيرا في السن – يحتاج إلى من يقوم بخدمته ، وأهم من ذلك : يحتاج إلى من يؤنسه ، بدلا من أن يبقى وحيدا ، فيصاب بالأمراض النفسية .
ومن حق والدكم عليكم أن تساعدوه في هذا ، وأن تيسروا له أمر الزواج ، بدلا من تلك الأنانية ، والموقف المخالف للشرع الذي يتخذه المجتمع في مثل هذه الحالة .
حيث يكون الأولاد كلهم متزوجين ، ويتنعمون مع أسرهم ، ويرون أنه ليس من حق الموجود من الأبوين أن ينعم بالراحة ، بل يبقى وحيدا إلى أن يموت ، وفي غالب الأحيان يقصر الأولاد في خدمته ، وزيارته ، ويعتذرون بانشغالهم بأولادهم وأسرهم .
أليس من حق هذا الأب أن يجد من يخدمه ، ويجلس معه ، ويحدثه ، ويؤنسه ، ويعينه على ما تبقى من أيام حياته ؟!
أم إن الواجب عليه أن يبقى وحيدا ، مكتئبا ، حزينا ، يقوم بخدمة نفسه ، ولا يجد من يكلمه ، ولا من يؤنسه ، وإذا مرض فلا يجد من يقف بجانبه ، ولا من يُمَرِّضه ؟!
ونحن نخشى أن تكون مطالبتكم بنصيبكم في الأثاث ، إنما هي نكاية في أبيكم بسبب تفكيره في الزواج ، وتريدون بذلك صرفه عن ذلك الأمر .
فإن كان الأمر كذلك ، فلا يجوز لكم أن تجعلوا حقكم في الميراث، وسيلة ضغط على والدكم لإثنائه عن الزواج .
رابعا :
حسب بيانات السؤال، فأنت متزوجة ، وقد يكون إخوتك كذلك متزوجين، وحينئذ أنتم لستم في حاجة إلى شيء من هذا الأثاث، ووالدكم محتاج إليه، وللأب أن يأخذ من مال أولاده، ما كان زائدا عن حاجتهم، وهو في حاجة إليه. وهذا هو الظاهر من صورة الأثاث الذي تتحدثون عنه.
وذلك أن العلماء متفقون على أن الأب إذا كان محتاجا، وكان ولده معه من المال ما لا يحتاج إليه ، اتفقوا على أن الأب له أن يأخذ من مال ولده ما يدفع به حاجته ، حتى وإن كان الولد غير راضٍ .
بل ذهب جمع من أهل العلم إلى أن الولد إذا كان معه من المال ما لا يحتاج إليه ، أنه يجوز لوالده أن يأخذ هذا المال الزائد عن حاجة الولد كله ، حتى وإن كان الأب من أغنى الناس .
قال ابن قدامة رحمه الله مبينا أقوال العلماء وأدلتهم في هذه المسألة :
"وَلأَبٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مَا شَاءَ ، وَيَتَمَلَّكَهُ ، مَعَ حَاجَةِ الأَبِ إلَى مَا يَأْخُذُهُ ، وَمَعَ عَدَمِهَا ، صَغِيرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ كَبِيرًا ، بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ لا يُجْحِفَ بِالابْنِ ، وَلا يَضُرَّ بِهِ ، وَلا يَأْخُذَ شَيْئًا تَعَلَّقَتْ بِهِ حَاجَتُهُ . الثَّانِي أَنْ لا يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ فَيُعْطِيَهُ الآخَرَ . نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ .. وَذَلِكَ لأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَخْصِيصِ بَعْضِ وَلَدِهِ بِالْعَطِيَّةِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ، فَلأَنْ يُمْنَعَ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِمَا أَخَذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الآخَرِ أَوْلَى .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ إلا بِقَدْرِ حَاجَتِهِ ; لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئِ مُسْلِمٍ إلا عَنْ طِيبِ نَفْسِهِ) رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ . وَلأَنَّ مِلْكَ الابْنِ تَامٌّ عَلَى مَالِ نَفْسهِ فَلَمْ يَجُزْ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ كَاَلَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ حَاجَتُهُ .
وَلَنَا ( أي: ودليل الحنابلة على قولهم ): مَا رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (إنَّ أَطْيَبِ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ , وَإِنَّ أَوْلادَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ) . أَخْرَجَهُ سَعِيدٌ , وَالتِّرْمِذِيُّ , وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ . وَرَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ , قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : إنَّ أَبِي اجتاح مَالِي . فَقَالَ : (أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيك) . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي " مُعْجَمِهِ " مُطَوَّلا , وَرَوَاهُ غَيْرُهُ , وَزَادَ : (إنَّ أَوْلادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ , فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) . وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ ، وَالْمُطْلِبُ بْنُ حَنْطَبٍ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : إنَّ لِي مَالا وَعِيَالا ، وَلأَبِي مَالٌ وَعِيَالٌ ، وَأَبِي يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مَالِيَ , فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : (أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيك) . أَخْرُجَهُ سَعِيدٌ ، فِي " سُنَنِهِ " وَلأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الْوَلَدَ مَوْهُوبًا لأَبِيهِ , فَقَالَ : (وَوَهَبْنَا لَهُ إسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ) . وَقَالَ : (وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى). وَقَالَ زَكَرِيَّا : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيَّا ). وَقَالَ إبْرَاهِيمُ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ) . وَمَا كَانَ مَوْهُوبًا لَهُ ، كَانَ لَهُ أَخْذُ مَالِهِ كَعَبْدِهِ" انتهى ، "المغني" (8/272) .
فالنصيحة لكم: أن تتقوا الله تعالى ، وتحرصوا على بر والدكم والإحسان إليه، لاسيما وقد بلغ هذه السن، فقد أوصى الله تعالى بالوالدين الكبيرين سنًّا وصية خاصة ، فقال سبحانه : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) الإسراء/23-24 .
فاحرصوا على إرضاء والدكم، وعدم إغضابه، حتى لا تقعوا في العقوق الذي هو من كبائر الذنوب، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن العاق لن يدخل الجنة .
فأعينوا والدكم على الزواج ، وأحسنوا الاختيار له ، وأحسنوا معاملة زوجته ، هذا هو الواجب عليكم ، بدلا من إغضابه ومطالبته بنصيبكم من الأثاث الذي لا تحتاجون إليه ، وفي الغالب لن يكون له قيمة تذكر .
نسأل الله تعالى أن يلهمكم رشدكم، ويصلح أحوالكم .
والله أعلم .
مدار الساعة ـ