مدار الساعة - سحبت إيران عناصرها العسكريين من اليمن، وتخلت فعليًا عن دعم جماعة الحوثي، في خطوة تهدف إلى تجنب مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، وفق ما صرّح به مسؤول إيراني رفيع، لصحيفة تيليغراف البريطانية.
وأكد المسؤول أن طهران تسعى لتفادي التصعيد مع واشنطن، خاصة في حال مقتل أي عنصر إيراني خلال الضربات الجوية الأميركية المتصاعدة ضد الحوثيين. وذكر أن إيران بدأت بتقليص دعمها للشبكات الحليفة في المنطقة للتركيز على ما وصفه بـ"التهديد المباشر" من الولايات المتحدة.
أوضح المصدر أن "ترمب وكيفية التعامل معه" بات محور كل الاجتماعات داخل طهران، مشيرا إلى أن الميليشيات الإقليمية التي كانت إيران تدعمها سابقا لم تعد تُناقش في دوائر القرار.
وتشن الولايات المتحدة منذ أسابيع غارات شبه يومية على مواقع الحوثيين، بعد تسريب رسائل من فريق ترمب حول خطط الضربات. ووصف ترامب هذه العمليات بأنها "ناجحة بشكل لا يُصدق"، فيما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية إرسال المزيد من الطائرات إلى المنطقة.
أعلنت وحدة المقاتلات 124 التابعة للقوات الجوية الأميركية، نهاية الشهر الماضي، إرسال طائرات A-10 الهجومية و300 جندي إلى الشرق الأوسط.
"الحوثيون يعيشون أيامهم الأخيرة"
على الجانب الآخر، يُعتقد أن خبيرا عسكريا روسيا متواجدا في صنعاء يقدّم استشارات للحوثيين حول تنفيذ الهجمات وتجنب استهداف السعودية، التي تشن غارات على الحوثيين منذ تدخلها في الحرب اليمنية عام 2015. وفق الصحيفة.
وقال الحوثيون إنهم استهدفوا سفنًا حربية أميركية في البحر الأحمر، بينها حاملة الطائرات "هاري إس ترومان" التي تقود العمليات العسكرية ضدهم. ورغم عدم إصابة أي سفينة حتى الآن، وصفت البحرية الأميركية نيران الحوثيين بأنها "الأعنف منذ الحرب العالمية الثانية".
وتتوجه حاملة الطائرات "كارل فينسون" من آسيا إلى الشرق الأوسط لدعم العمليات الحالية.
وأوضح مصدر في النظام الإيراني أن "الاعتقاد السائد هو أن الحوثيين يعيشون أيامهم الأخيرة، ولا جدوى من الاستمرار في دعمهم"، مشيرا إلى أن دعمهم كان جزءا من شبكة إقليمية ضمت حسن نصرالله وبشار الأسد، وأن الإبقاء على طرف واحد من هذه السلسلة "لم يعد منطقيا".
رفع ترمب الضغط على إيران، وطالبها بالجلوس إلى طاولة المفاوضات حول برنامجها النووي، وأمر مؤخرا بتحريك قاذفات الشبح B-2 إلى قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي.
شهدت سياسة واشنطن في الشرق الأوسط تحولات كبرى منذ تولي ترمب السلطة. واعتبرت سانام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد "تشاتهام هاوس"، أن التصعيد العسكري ضد الحوثيين يعكس رغبة ترمب في التمايز عن إدارة بايدن، التي أزالت الحوثيين من قائمة "المنظمات الإرهابية" عام 2021، قبل أن يعيدها ترامب إليها في يناير الماضي.
قالت وكيل إن هذه الضربات "مرتبطة بسياسة الضغط القصوى التي ينتهجها ترامب، وتهدف إلى إيصال رسالة إلى إيران ومحور المقاومة بأن إدارته ستعتمد نهجا أكثر جرأة".
أشار الدبلوماسي اليمني السابق محمود شحره، من العاصمة الأردنية عمّان، إلى أن الحوثيين يمتلكون أسلحة متطورة تجعلهم أكثر فاعلية من بقية الجماعات الحليفة لإيران. واعتبر أن فشل حسابات بايدن حيال الحوثيين دفع ترامب إلى تكثيف الضربات واستهداف قياداتهم بشكل مباشر.
أكد شحره أن الحوثيين يحصلون على الصواريخ والطائرات المسيرة من إيران، ثم يعيدون تسميتها لتبدو محلية بهدف تجنب الانتقادات الداخلية.
الحوثيون في الواجهة
أدت خسائر "حزب الله" و"نظام الأسد" إلى بروز الحوثيين كقوة أساسية في مواجهة إسرائيل. ومنذ هجمات 7 تشرين الأول 2023 التي قادتها "حماس"، حسّن الحوثيون تكتيكاتهم وعززوا قدراتهم الصاروخية، ما ساعدهم في بناء صورة قوية في الداخل اليمني.
يسيطر الحوثيون على صنعاء، ويطبعون العملة، ويجمعون الضرائب، ويحوّلون المساعدات، ويهربون المخدرات، ويبيعون الأسلحة لجماعات في أفريقيا، ويعرقلون الملاحة في البحر الأحمر.
وتوفر الجغرافيا الجبلية لليمن بيئة مثالية لإخفاء الأسلحة والطائرات المسيّرة، على غرار تضاريس أفغانستان.
وقال شحره إن الحوثيين "أكثر عدوانية من حزب الله، رغم أنهم أقل خبرة"، وإن زعيمهم عبد الملك الحوثي يسعى لقيادة محور "المقاومة".
وأضاف أن الشارع اليمني غاضب من الحوثيين بسبب امتناعهم عن دفع الرواتب، وفرضهم ضرائب غير تمثيلية، ما يضعف قاعدتهم الشعبية، ويجعلهم يعتمدون على الحرب في غزة لتبرير بقائهم.