منذ تولي حكومة الدكتور جعفر حسان مسؤولياتها، كان واضحًا للجميع أن هذه الحكومة تختلف عن سابقاتها في العديد من الجوانب. حيث تميزت بتوجهات عملية وتنفيذية، مبتعدة عن الشعارات الكبرى التي قد تظل حبيسة الأوراق دون أن تتحقق على الأرض. إنها حكومة تعيش واقع الشعب، وتعمل جنبًا إلى جنب مع الناس لتحقيق تطلعاتهم وآمالهم. ورغم أن النتائج قد لا تكون واضحة بشكل فوري، إلا أن ما يميزها هو وضوح الرؤية وحجم الطموحات التي تحملها في صندوق أعمالها.
أحد أبرز ما يميز الحكومة الحالية هو تركيزها على الجانب التنفيذي، وهو ما ينعكس في زياراتها الميدانية المستمرة للمشروعات المختلفة في أنحاء البلاد. لم تقتصر هذه الحكومة على العمل خلف المكاتب أو إصدار القرارات في قاعات الاجتماعات، بل كانت دائمًا حاضرة في الميدان، تتفاعل مع الناس وتستمع إلى مشاكلهم وتعمل على حلها. هذا التفاعل المباشر مع الشعب ليس مجرد خطوة تكتيكية، بل هو جزء من فلسفة عمل الحكومة الحالية التي تسعى لتلبية احتياجات المواطنين بشكل عملي وسريع.
إن وجود الوزراء والمسؤولين في مواقع العمل والمشروعات يعزز الثقة بين الشعب والحكومة، ويجعل الناس يشعرون بأن هناك جهودًا حقيقية تُبذل لتغيير واقعهم وتحقيق تحسينات ملموسة في حياتهم. الحكومة الحالية لم تكتفِ بوضع خطط نظرية فقط، بل ترجمت هذه الخطط إلى مشروعات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع. وهذا هو السر في نجاحها حتى الآن؛ فقد بدأت حكومة الدكتور جعفر حسان مرحلة جديدة من الإنجاز، وهي إنجازات ملموسة قد لا تظهر نتائجها النهائية بشكل سريع، لكنها موجودة وتُبنى خطوة بخطوة.
ربما يكون الملف الاقتصادي هو الأكثر تحديًا أمام هذه الحكومة. فالأزمات الاقتصادية التي مرت بها البلاد على مدار السنوات الماضية تركت آثارًا عميقة، ما جعل العمل على إعادة بناء الاقتصاد يتطلب خططًا طويلة المدى وأفكارًا مبتكرة. إلا أن الفريق الاقتصادي في الحكومة الحالية يبدو جادًا جدًا في تحقيق أهدافه. وهم لا يقتصرون على العمل في الحلول السطحية أو العاجلة، بل يركزون بشكل أساسي على وضع استراتيجية اقتصادية متكاملة تضع أساسًا لتحقيق النمو المستدام وتحسين الوضع الاقتصادي العام.
بلا شك، قد لا نلمس نتائج هذه السياسات الاقتصادية بشكل فوري، فهذا أمر طبيعي في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه الاقتصاد. لكن الشيء الأكيد هو أن الحكومة تعمل بجد لإعادة هيكلة القطاعات الأساسية، وتنمية الصناعات المحلية، وتحقيق استقرار مالي يعود بالنفع على المواطنين في المدى البعيد. كما أنه من الواقعي أن التغيير لا يحدث بين عشية وضحاها، وخاصة في ظل الظروف الحالية.
إحدى السمات التي تميز هذه الحكومة هو تفاعلها المستمر مع الشعب. الحكومة الحالية تعي تمامًا أهمية أن تكون قريبة من الناس، وأن تستمع إلى مشاكلهم وتطلعاتهم. لم تقتصر الحكومة على اتخاذ قرارات عُليا بعيدًا عن الناس، بل سعت إلى بناء جسور من الثقة مع المواطن، بدءًا من اللقاءات المباشرة والزيارات الميدانية التي لا تخلو من طرح الأسئلة والاستماع إلى الآراء.
إن هذا التفاعل اليومي مع الشعب يمنح الحكومة فرصة حقيقية لفهم متطلبات المجتمع بشكل مباشر. فمن خلال الزيارات الميدانية والمقابلات مع المواطنين، استطاعت الحكومة أن تستخلص العديد من الأفكار القيمة التي ساعدت في توجيه السياسات العامة، ووضع حلول للمشاكل العالقة في مجالات مختلفة. هذا التفاعل ليس مجرد حديث أو خطابات، بل هو أسلوب عملي يتم ترجمته إلى أفعال، حيث يتم تحويل التحديات الميدانية إلى مشروعات تنفيذية تهدف إلى تحسين حياة المواطنين بشكل ملموس.
وبالعودة الى الملف الاقتصادي فإن الفريق الاقتصادي في الحكومة يتسم بالطموح العالي، وهذه الطموحات لا تترجم إلى نتائج فورية، بل تحتاج إلى الوقت والصبر. لكن الأهم من ذلك هو أن الحكومة تدرك تمامًا أن تحقيق التغيير الجذري يتطلب عملاً دؤوبًا ومتابعة مستمرة للمشروعات، وإصلاحًا حقيقيًا في العديد من القطاعات.
في النهاية، لا يمكن إنكار أن حكومة الدكتور جعفر حسان تعمل بجد على الأرض، وتولي اهتمامًا خاصًا لتنفيذ خططها وتحقيق أهدافها على المدى البعيد. ورغم أن النتائج قد تكون بطيئة في البداية، فإن الطريق الذي تسلكه الحكومة يعد الطريق الأكثر استدامة لتحقيق تقدم حقيقي في المستقبل.
محامٍ وخبير قانوني
yazan.haddadin@haddadinlaw.com