أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات مناسبات مجتمع رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

إن لم يسرق السارق فهل الرزق نفسه كان سيأتيه بالحلال؟

مدار الساعة,شؤون دينية
مدار الساعة ـ
حجم الخط
مدار الساعة - السؤال:
هل لو لم أسرق فإن الرزق نفسه بالضبط سيأتيني من حلال؟ مع ذكر الدليل من فضلكم.
الجواب: الحمد لله.
أولًا:
قال تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59)
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق، قال: (إن أحدكم يُجمَع خلقُه في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يَبعث الله ملكًا فيؤمَر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عملَه، ورزقَه، وأجلَه، وشقيٌّ أو سعيدٌ، ثم ينفخ فيه الروح ...) الحديث رواه البخاري (3208) ومسلم (2643).
ففي هذا الحديث أنَّ الله تعالى كتب (عملَ) كلِّ إنسان، و(رزقَ) كلِّ إنسانٍ، وهو في بطن أمِّه، قبل أن تُنفَخ فيه الروح.
والمقصود بذلك الكتابة الثانية، التي تحصل في صحف الملائكة، وهناك كتابة أولى سابقة على ذلك، وهي الكتابة المثبَتة في اللوح المحفوظ، وقد أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا فقال: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء) رواه مسلم (2653).
ومن العمل المكتوب المقدَّر: هل يؤمن أو لا يؤمن، وهل يسرق أو لا يسرق، وإذا سرق فكم يكسب من السرقة، ونحوه، على التمام والتفصيل.
وعلْمُ الله سابق على الكتابتين، وكل هذا من القدَر الذي يجب الإيمان به، وتراجع للأهمية إجابة السؤالين: (247404)، و(264354).
ثانيًا:
لن يموت أحدٌ حتى يستوفي رزقَه.
وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (أيها الناس، اتقوا الله وأجملوا في الطلب؛ فإن نفسًا لن تموت حتى تستوفي رزقَها، وإن أبطأ عنها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حلَّ، ودعوا ما حرُم)، أخرجه ابن ماجه (2144)، وصححه الشيخ الألباني كما في "صحيح الترغيب والترهيب" (1698).
وعنه صلى الله عليه وسلم أيضًا أنه قال: (لو فرَّ أحدُكم من رزقه؛ لأدركه كما يُدرِكه أجلُه)، رواه الطبراني في "الأوسط" (4444)، وحسّنه الشيخ الألباني، كما في "صحيح الترغيب والترهيب" (1704).
وعنه صلى الله عليه وسلم أيضًا أنه قال: (لا تستبطئوا الرزق، فإنه لم يكن عبدٌ ليموت حتى يبلغ آخرَ رزقٍ هو له، فأجملوا في الطلب: أخذُ الحلال، وتركُ الحرام)، رواه الحاكم (2/ 4)، وصححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2607).
فلن يموت أحدٌ قبل أن يستوفي كلَّ رزقه الذي كتبه الله له وقدَّره، ويعملَ بالأسباب التي قدَّرها الله تعالى له، ورتَّب عليها حصول هذا الرزق، فإن الله تعالى كتب الأعمال كلها، والأرزاق كلها، وكتب الأسباب كلها، والمسبَّبات كلها، كما سبق، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
فكل ما كتبه الله للعبد من رزق؛ فإنه مدركه لا محالة، حلالُه وحرامه، وليس على العبد النظر إلى ذلك القدر، ولا البحث عنه؛ فإنه غيب عنه لا يدركه إلا بعد أن يكون، ولا يعلم هو مقدار ما كتب له من رزق، لا قليله ولا كثيره، ولم يكلف هو بشيء من ذلك.
وإنما الذي يعلمه: شرع الله؛ فالحلال بيِّن، والحرام بيِّنٌ؛ فأمره الشرع بأن يطلب الحلال، ويحرص عليه، وأن يدع الحرام ويجتنبه، ولا يظنن أن الحرام يأتي إليه بشيء لم يكتب له؛ فرزقه مكتوب، ومقدر؛ فليأخذ ما حل، وليدع ما حرم، ولا يتكلف طلبا، ولا نظراً وراء ذلك.
وقد جعل الله تعالى التقوى من أسباب حصول الخير والرزق بأنواعه، في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا.
وقد أمرَنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالعمل، والجدِّ في طاعة الله، ومنه: الجدّ في ابتغاء الحلال من الرزق، وأبلغَنا بما في كتاب الله تعالى: أنَّ من اتقى الله؛ يسَّر الله له سبل السلامة، والنجاة، والسعادة في الآخرة.
كما روى البخاري (4949)، ومسلم (2647) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يومًا وهم قعود عند المقابر: (ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتبَ الله مكانها من الجنة والنار، وإلا وقد كُتبَت شقية أو سعيدة)، فقال رجل: يا رسول الله أفلا نمكث على كتابنا، وندع العمل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(مَن كان من أهل السعادة، فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة، فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة)، وقال: (اعملوا فكلٌّ ميسَّرٌ، أما أهل السعادة فيُيسَّرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فيُيسَّرون لعمل أهل الشقاوة)، ثم قرأ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى.
وراجع للفائدة إجابة السؤال: (246948).
والله أعلم.
مدار الساعة ـ