مدار الساعة - احتفلتِ الجامعة الأردنيّة اليومَ بالذكرى السابعة والخمسين لمعركة الكرامة الخالدة التي سطّرَ فيها نشامى القوّاتِ المسلّحةِ الأردنيّة أروعَ البطولات، وأشرسَ الملاحم الوطنيّة في الدفاع عن الثرى الأردنيّ الطهور، وجعلوا منها رمزًا للكرامة والشرف والوطنيّة التي لا تعرف المساومة، وذلك من خلال حفلٍ ضخمٍ، تخلّله مأدبةُ إفطار رمضانيّ أُقيمت في ستاد الجامعة بمشاركة ما يقارب الـ (5000) من أسرة الجامعة بهيئتيها التدريسيّة والإداريّة والطلبة.
واستذكرتِ الجامعة في احتفالها شهداءَ يوم الكرامة الأبرارَ ممّن رَوَوا بدمائهم الزكيّة الأرضَ الأردنيّةَ المباركةَ، ونسجوا ببطولاتهم ثوبَ النصر الخالد، فكانت أولى فقرات احتفالها زيارةً إلى ساحة شهداء الكرامة لوضع إكليل الزهور، قام بها وزير الشؤون السياسيّة والبرلمانيّة عبد المنعم العودات، برفقة رئيسِ الجامعة الأردنيّة الدكتور نذير عبيدات، وسماحةِ مفتي عام المملكة الدكتور أحمد الحسنات، وعددٍ من أساتذة نوّاب الرئيس، وعميدَي شؤون الطلبة وكلية الشريعة، وجمعٍ من أعضاء الهيئتين التدريسيّة والإداريّة وطلبة الجامعة من مختلف الكليّات والأقسام.
و في كلمة ألقاها خلال رعايته للحفل قال العودات: "إنّ معركةَ الكرامة، التي سطّرها جيشُنا العربيُّ ونعيش هذه الأيّامَ ذكرى نصرها، هي عنصرٌ دائمٌ من عناصر قوّة بلدنا في الدفاعِ عن نفسه وعن إنجازات شعبه الأبي ومكتسباته، وصيانةِ أمنه واستقراره واستقلاله الوطنيّ، مشيراً إلى أنّ معركةَ الكرامة لم تنتهِ بانتهاء المعركة بل بقيتْ حاضرةً في وجدان الأردنيّين، وأنّنا مطالبون بأن نكونَ أوفياءَ لذلك المجد، ومستعدّين للدفاع عنه.
وأكّد العودات صدقَ الموقف الأردنيّ ووضوحَه تجاه قضايا الأمّة بقيادة جلالة الملك، وعلى رأسها قضيّة الشعب الفلسطينيّ الشقيق، لافتًا إلى أنّ جلالة الملك يواصل جهودَه الحثيثةَ من أجل وقف إطلاق النار في غزّة، والدفع في اتجاه إعادة الإعمار، ومشدّدًا على أنّ الأردنَّ لن يتخلى عن موقفه المساند لأهلنا في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة، لما يتعرضون له من حرب آثمة وإبادة جماعيّة.
وأضافَ العودات أنّ مسيرةَ التحديث والبناء للمسارات الثلاث (السياسيّة والاقتصاديّة والإداريّة)، التي نمضي بها اليوم نحو المئويّة الثانية من عمر الدولة، هي واحدةٌ من أهمِّ عناصر قوّة الدولة، وعلى رأسها التحديث السياسيّ الذي ضمن توسيع قاعدة المشاركة الشعبيّة في اتّخاذ القرار من خلال الانخراط في العمل الحزبيّ البرامجيّ، وتوفير البيئة الحاضنة لها، والانتخاب الحرّ النزيه.
كما لفت العودات إلى أنّ الاتّحادات الطلّابيّة هي شكلٌ من أشكال المشاركة الإيجابيّة في التعبير عن مصالح الطلبة في إطار الجامعة، تعزيزًا لمكانتها وترسيخًا لدورها في التنمية الشاملة، ومعبِّرًا عن فخره واعتزازه بالجامعة الأردنيّة، حيث كانت، وبقيّةُ جامعاتنا وما زالت، معقلًا للعلم والوعي الوطنيّ، ورافدًا بشريًّا ومعرفيًّا لحيويّة الدولة في جميع مناحي الحياة وقطاعاتها المختلفة.
وأوضح عبيدات في كلمته أنّه في يوم اسمه الكرامة؛ وقفَ ابنُ الأردنِّ، في وجهِ العدوِّ من أجلِ البقاء الحرّ الكريم، ومن أجلِ تحقيق أفضل الأهداف، ومن أجل أن يمنح نساءَ الأردنِّ معنىً آخرَ للفرح، مشيرًا إلى أنّه في يوم الكرامة سطرَ الوطنُ صفحاتٍ ناصعةً شكّلت كتابًا كان عنوانُه معركةَ الكرامة، تقرؤه الأجيالُ جيلاً بعد جيل.
وقال: "إنّه في يوم الكرامة سطعَ اسمُ الحسين الملك الذي عاشَ التفاصيلَ، وأدارَ المعركةَ بعسكريتها وسياستها، واسمُ مشهور الجازي قائدُ المعركةِ، وأردنيّون آخرون، عاشوا وماتوا واستشهدوا في سبيل الله والوطن، كاشفًا لكلّ من لا يسمعُ ولا يرى ولا يقرأُ أنّ على أرضِ الأردنّ يعيشُ شعبٌ نذرَ نفسَه ليدافعَ عن الحقّ، وعليها بُنيت دولةٌ حديثةٌ بفكر الهاشميّين وأبناء الحسين ابن عليّ وأحفاده، فكانَ الأردنُّ وما زال بلدًا لكلّ العرب.
وأشار عبيدات إلى أنّ الجامعة الأردنيّة هي بعضٌ من الأردنِّ الوطن، أسّسَها وأرادَها الحسينُ طيّب الله ثراه، وعزّزَها الملكُ عبد الله الثاني ابن الحسين، فأضحتْ منارةً للعزة والكرامة والإنجاز، وستبقى منارةً للعلم والثقافة والتميُّز.
ووجّه عبيدات في ختام كلمته تحيةَ إجلال وإكبار للجيش العربيِّ ولكلِّ الشهداءِ المقاومين الذين سطروا أجملَ البطولاتِ وأروعَها في الكرامةِ والقدسِ والطرودِ، ولأجهزتنا الأمنية وعيونها الساهرة على أمن الأردنّ وسلامته، ولحكومتنا الرشيدة، ولكلّ أردنيّ وأردنية.
كما إنّ سماحة مفتي عام المملكة الدكتور أحمد الحسنات قال: إنّنا في هذا العام نحتفل كمسلمين بفتحَين عظيمَين: فتح مكّة الذي غيّر مجرى الدعوة الإسلاميّة بعد فتحها، وذكرى معركة الكرامة التي شاءت إرادةُ الله أن تكون الكرامةُ الموقعَ، والكرامةُ الموقعةَ، حيث استعاد فيه العرب كرامتَهم وعزّتَهم.
إلى ذلك، قال عميد كليّة الشريعة في الجامعة الدكتور عبد الرحمن الكيلاني: "ما أحوجَنا لإحياء روح معركة الكرامة في نفوسنا، ونحن نعيش فترات عصيبة في وقتنا الحالي، لما يتعرّض له أهلُنا في فلسطين من عدوان غاشم، مشيرًا إلى ضرورةِ استلهام قوّةِ الإيمان والإرادة من أبطال معركة الكرامة للتصدّي لهذا العدو، وذلك من خلال طَرقِ أبواب العلم، ومواصلةِ السير بجدٍّ في ميادين العلم والتميّز فيها، ومؤكّدًا أنّ جهاد العلم لا يقلُّ أهميّةً عن الجهاد العسكريّ، وأنّ مستقبل الأمّة يرسمه مدادُ العلماء ودماءُ الشهداء.
في حين أوضح عميد شؤون الطلبة في الجامعة الدكتور صفوان الشياب أنّ معركةَ الكرامة أكّدت للعالم أجمع أنّ الأردنّ، بقيادته الهاشميّة وبشعبه الأبيّ، عصيٌّ على الانكسارِ حين تصدّى جنودُنا البواسلُ للعدوان الغاشم بكلّ عزمٍ وثبات، مشيرًا إلى أنّ اجتماعَ ذكرى الكرامة مع نفحاتِ شهر رمضان المبارك لهو مناسبةٌ وطنيّةٌ لتجديد العهدِ بالولاء للقيادة الهاشميّة، وتعميق قيم التضامن والتآخي.
بدوره، أكّد رئيس اتّحاد الطلبة نور الدين آل خطاب أنّ تطويرَ القطاع الشبابيّ يحلُّ أولويّةً استراتيجيّةً لدى جلالته، وذلك من خلال مبادراته المختلفة، التي تُعنى بتطوير مهارات الشباب في كافّة المجالات، بما في ذلك القيادة والإبداع وريادة الأعمال، منبّهًا إلى أنّنا بأمسِّ الحاجة من أيّ وقت مضى إلى تعزيز دور الشباب في بناء المستقبل، وتعزيز القيم الإنسانيّة والوطنيّة.
واشتملَ الحفلُ على فقرة فنيّة قدّمتها موسيقاتُ الأمن العام، تغنّت على وقعِ أنغامها بالوطن وبقائده وببطولات أبنائه وشهدائه، وبرائحة البارود التي فاحت من بندقياتهم، فأحاطت بهم نورًا وبخورًا، تبعها عرضُ فيديو تسجيليّ يعرضُ لحَمَلةِ السلاح من أجدادنا وما ذادوا به من دماءِ عطره دفاعًا عن الأرض والوطن والإنسان، وحَمَلة القرطاس والقلم وتمسّكهم بسلاح العلم والمعرفة؛ ليظلَّ اسم الأردنّ عاليًا في كلّ المحافل.
وتخلّل الحفلَ تسييرُ طائرة مروحيّة من نوع "هيلوكبتر" حلّقت في سماء الجامعة الأردنيّة، وزيّنت بأوراقٍ نثرتها الأجواءَ، فهوت على الحضور، كُتب عليها عبارات: ستبقى بوصلتُنا فلسطينَ، وتاجُها القدسَ الشريفَ
(من أقوالِ جلالةِ الملك عبدالله الثاني)، عهدي لكم أن يبقى الأردنُّ حرًّا عزيزًا كريمًا آمنًا مطمَئنًا (من أقوالِ جلالةِ الملك عبدالله الثاني)، لا للوطنِ البديلِ، لا للتوطينِ ، لا لتهجيرِ الفلسطينيّين ( من أقوالِ جلالةِ الملك عبدالله الثاني) وأيضا مع عبدِ اللّٰه يدًا بيدِ، لغدٍ نمضي ولبعدِ غدِ.
وفي ختام الحفل، قدّمت فرقةُ الفيحاء للأناشيد الدينيّة فقرةَ إنشاد دينيّة، شدّت بأجمل الابتهالات والأناشيد الدينيّة والروحانيّة، كما تمّ تكريمُ الطلبة الفائزين في مسابقات شهر رمضان المبارك الدينيّة، التي أطلقتها عمادةُ شؤون الطلبة ضمن فئات ثلاث، هي: مسابقة حفظ القرآن الكريم، ومسابقة مقرئ الجامعة، ومسابقةالحديثالشريف.