في الحروب الإلكترونية كل شيء مباح حتى الدس والتزوير والتلفيق.
ذباب الحرب الإلكترونية هم جواسيس، يقومون بمهمة التجسس لكن بطرق معاكسة فبدلا من نقل المعلومات إلى العدو يبثون المعلومات المفبركة التي يتلقونها من العدو إلى المجتمعات المستهدفة.
حتى كلام الملك الواضح الحاسم كانت هناك محاولات لتحريفه مع انه لم يكن يقبل التأويل وهناك من صدق وهناك من شكك لكن الشمس اكثر سطوعا مما يعتقد هؤلاء الجواسيس.
الأجهزة الاستخبارية الدولية والإقليمية أصبح يهمها جدا مواقع التواصل الاجتماعي ووضعت موازنات ضخمة لعمليات الاختراق وفي المقابل قامت بإنشاء شبكات من الذباب الإلكتروني المهيأ للهجوم على الأهداف التي تريدها هذه الاستخبارات في دول اخرى أو مستهدفة من قبل هذه الاستخبارات.
في حالتنا الأردنية لاحظنا الهجوم الإلكتروني لإغراق الأردن بالفيديوهات التي لا علاقة له بها لدرجة أن بعض الناس صدقوا أن هذه الفيديوهات هي في الاردن لولا يقظة الاجهزة الامنية التي اعلنت ان هذه الفيديوهات هي في دول اخرى وليس لها علاقة بالاردن.
الحرب النفسية لا تقل خطورة في آثارها عن الحروب التقليدية، ولا غرابة أن الدول تفرد لها فرقا متخصصة تعمل ليل نهار مثل دوريات كثيفة الحركة في الفضاء الإلكتروني.
هذا ما يحدث اليوم في ظل الحرب الإسرائيلية البشعة على الفلسطينيين في غزة، فذبابها الإلكتروني لا يمل توجيه ضربات مباشرة لمواقف الدول الشاجبة لهذا العدوان والتي لها مواقف راسخة وواضحة تجاه حقوق الشعب الفلسطيني والأردن في مقدمة هذه الدول.
نعم محاولات اسرائيل للتشويش على الموقف الوطني الاردني في جبهته الداخلية لم تتوقف لا قبل هذه الحرب ولا خلالها وهي لن تتوقف بعدها.
شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت تعج بالمعلومات المضللة والأخبار المفبركة والصور المزيفة.
وهنا في الاردن لكم تصدينا لمحاولات التصيد في المياه العكرة، والتشكيك بمساندة الأردن للشعب والقضية الفلسطينية وهو ما يغيظ إسرائيل التي لا تمل المحاولة. وبالرغم من الضائقة الاقتصادية والتضييق المتزايد فموقف الأردن، ملكا وحكومة وشعبا، واحد.
هل تذكرون عندما قال الملك عبدالله الثاني إن القدس خط أحمر.. لقد رفض الملك الاغراءات وأزاح بوجهه عن العروض على ألا يتنازل عن القدس وعن دعم القضية وعن حق الشعب الفلسطيني في دولة ووطن ناجز وهو هدف استراتيجي للأردن لم يتغير ولم يتبدل طوال سنوات الصراع حتى لو كان الثمن ١٠٠ مليار ولا حتى ١٠٠ تريليون!! موقف مثل هذا يستحق التبجيل والدعم والمؤازرة لكن الاهم هو تماسك الجبهة الداخلية صفا واحدا خلف وإلى جانب هذا الموقف الصلب.
والمؤسف في كل هذا هو أن هناك من يتلقف هذه الإشاعات ويروج لها ويرددها ويسعى إلى تكريسها كحقيقة، هذا هو الطابور الخامس الذي تراهن عليه إسرائيل وهم عملاء لها بالمجان ونقلهم للأكاذيب لا تقل جريمته في تقويض اللحمة عما تفعله إسرائيل التي تسعى لقيادة العالم العربي إلى الجهل والظلام باعتبارها واحة العلوم والديمقراطية!
في دولة العدو الاسرائيلي وحدة استخبارية خاصة بوسائل السوشال ميديا تبث الدعاية الاسرائيلية وتروج الخطابات المتعلقة بالدعاية الصهيونية وتزجها باللغة العربية الى مواقع عربية معروفة هذا عدا عن دورها الاستخباري الاساس في التجسس على الحسابات العربية للافراد وللدول العربية المستهدفة من العدو الاسرائيلي.
ان الحيطة والحذر ليسا كافيين ابدا فلا بد من ايجاد منصة معرفية محددة بوسائل التواصل الاجتماعي تعمل على توعية الناس بالحقائق والرد على دعايات المغرضين من جيراننا ومن غيرهم ممن يستهدفون وطننا الحبيب. وكذلك لا بد لهذه المنصة من تعرية الخطاب المضاد وتوضيح حقيقته للناس ودحض كل الدعايات المغرضة بخطاب توعوي اردني واضح المعالم لكل محاولة استهداف لنا ولمجتمعنا.
لم يعد التجسس نقل معلومات حساسة إلى العدو بل بث معلومات مضللة إلى عمق المجتمعات المستهدفة.
عقوبة التجسس هي الإعدام فما هي عقوبة من يبث معلومات مضللة نيابة عن العدو؟
qadmaniisam@yahoo.com