مدار الساعة - تخوض القنوات التلفزيونية ومنصات الترفيه المصرية كل عام خلال شهر رمضان سباقا لعرض أحدث المسلسلات والانفراد بأشهر النجوم.
رغم ذلك، دخلت الإذاعة بخصائصها المتفردة هذا السباق بثبات وثقة معتمدة على رصيدها المتراكم عبر عقود في وجدان المستمعين ممن ارتبطوا بها وباتوا ينتظرون مسلسلاتها يوميا.
رمضان "موسم درامي" تلفزيونيا وإذاعيا
تشرح زهرة رامي المذيعة والمخرجة الإذاعية ومديرة إدارة الإنتاج الدرامي بإذاعة (إنرجي إف.إم) المصرية بأن المسلسلات الإذاعية دائما ما كانت محببة للمستمعين، لكن شهر رمضان "موسم درامي" تلفزيونيا وإذاعيا.
وقالت أيضا: "يخصص المعلنون ميزانيات محددة لإنفاقها في رمضان كما أن هناك ساعات ذروة معروفة في الشهر الكريم يكون المستمعون خلاله إما داخل السيارات أو حول المائدة انتظارا لموعد الإفطار".
وأخرجت زهرة هذا العام مسلسلين إذاعيين أحدهما بعنوان (اللمبة الزرقا) وهو فانتازيا تاريخية من تأليف إسلام شلباية وبطولة غادل عادل التي تشارك بنفس الوقت في الجزء الخامس من المسلسل التلفزيوني (المداح) الذي تبثه مجموعة قنوات (إم.بي.سي) السعودية. أما الآخر فهو مسلسل غنائي بعنوان (هات وخد) من بطولة محمد ممدوح ومحمد عز ومحمد عبده وأميرة أديب وحسن مالك وهنا غنيم.
كما أشارت زهرة رامي إلى أن معظم المسلسلات الإذاعية اتسمت بالطابع الكوميدي الخفيف مع الاعتماد على نجم بارز أو مجموعة نجوم لكن هذه التركيبة تغيرت في السنوات القليلة الماضية مع تطور الإنتاج الدرامي وتنوع موضوعاته وأشكاله وجذبه لعناصر متميزة في الموسيقى والكتابة.
وقالت المذيعة والمخرجة إن مسلسلها الغنائي يعتبر بمثابة "حلم تحقق" لعدم وجود مثل هذه النوعية من المسلسلات الإذاعية في الموسم الرمضاني إضافة إلى أنه يضم 30 أغنية جديدة ضمن الحلقات تصلح كل منها للاستماع لها بشكل منفصل بعيدا عن سياق المسلسل وفي أي وقت.
وفي موسم رمضان 2025، هناك أكثر من 20 مسلسلا إذاعيا تبث على محطات مصرية من بطولة نجوم من أمثال: إسعاد يونس، محمد هنيدي، حسن الرداد، مي سليم، حورية فرغلي، مي كساب، مدحت صالح، وأميرة فتحي.
في مصر: "نمط جديد من الإذاعات"
وتبث إذاعات راديو النيل التي تضم تحت مظلتها عددا من المحطات المسلسل الإذاعي (أغنى رجل في العالم) من تأليف أيمن سلامة وإخراج علي مصيلحي وبطولة أحمد عز ورشوان توفيق وتارا عماد وأشرف زكي.
وقال سلامة إنه تربى على المسلسلات والفوازير والسهرات التي كانت تبثها الإذاعات المصرية منذ منتصف الخمسينيات وعمل لاحقا مع كبار النجوم في مسلسلات حظت بنجاح كبير لكنه حزن لتوقف هذا النوع من الإنتاج الدرامي على مستوى الإذاعات الحكومية بعد 2011.
وأضاف أن ظهور "نمط جديد من الإذاعات في مصر" أفسح المجال أمام عودة إنتاج المسلسلات الدرامية مرة أخرى وجذب النجوم من جديد. وقال "كان لكل محطة إذاعية مصرية إنتاجها الخاص من المسلسلات ذات المواعيد المعروفة التي ينتظرها المستمعون يوميا لكن هذا الإنتاج شبه توقف في عام 2011 وعوضه ظهور محطات جديدة خارج مبنى ماسبيرو في 2015 وأصبحت هذه المحطات تجذب كبار النجوم".
وتابع أيمن سلامة: "لكن للأسف مسلسلات هذه المحطات الجديدة تنتج في رمضان فقط، وأتمنى أن يستمر إنتاج المسلسلات الإذاعية طوال العام تماما مثل المسلسلات التلفزيونية".
الإذاعات الحكومية تعود إلى إنتاج المسلسلات
شجّع التطور الحاصل على مستوى المحطات الخاصة كما وكيفا الإذاعات الحكومية على العودة للإنتاج من جديد، فأنتجت الهيئة الوطنية للإعلام (اتحاد الإذاعة والتلفزيون سابقا) ستة مسلسلات إذاعية في الموسم الرمضاني 2025.
ويبرز من بين هذه الأعمال مسلسل (الجيران لبعضيها) من تأليف رشا أنور وإخراج رضا سليمان وبطولة إلهام شاهين، سلوى خطاب، هناء الشوربجي، محمد أبو داوود، ليلى عزب العرب، محسن صبري، ومحمد رضوان.
تدور أحداث المسلسل حول نبيلة التي تعود لشقتها القديمة بحي مصر الجديدة بعد أن هاجر ابنها الوحيد إلى كندا، فتبدأ في التعرف على سكان العمارة الجدد الذين ينتمون إلى فئات اجتماعية مختلفة ومن خلال التفاعل بينهم تنشأ كوميديا اجتماعية.
كما تقدم الممثلة حنان مطاوع بالاشتراك مع صفاء أبو السعود ومديحة حمدي المسلسل الديني (سيدة الدارين.. السيدة نفيسة) الذي تبثه إذاعة الإسكندرية ويذاع بالتزامن على شبكة الإذاعات الإقليمية التي تضم تحت مظلتها 12 محطة تغطي محافظات مصر.
تعقيبا، قال رئيس الإذاعة المصرية محمد نوار إن في رصيد مؤسسته "آلاف الأعمال الدرامية التي شارك فيها كبار النجوم منذ تأسيسها أمثال عمر الشريف وفاتن حمامة وعادل إمام وغيرهم.. ما قمنا به منذ نحو خمس سنوات هو إعادة بث بعض هذه الأعمال مع سعينا إلى إنتاج أعمال جديدة تضيف لكل ما سبق، وهو ما بدأ أخيرا في التحقق".
وأضاف نوار: "ما يميز الإذاعة المصرية عن غيرها من الإذاعات وقنوات التلفزيون أنها تقدم دراما هادفة ومحترمة بعيدة عن الإسفاف، تخاطب جميع أفراد الأسرة وتحافظ على المُثل والقيم المجتمعية".
الإذاعة "لن تعرف الموت"
كما حفّزت عودة الإذاعة المصرية للإنتاج الدرامي أيضا عددا من المؤسسات والجهات الرسمية على المشاركة في إنتاج مسلسلات في رمضان، منها المجلس القومي للمرأة الذي أنتج مسلسلا بعنوان "بشرة خير" من بطولة صفاء أبو السعود، أحمد صيام، محمد الصاوي، حلمي فودة، وعادل شعبان، وإخراج رضا شحاتة، وكذلك وزارة الشباب والرياضة التي تنتج مسلسلا بالتعاون مع قطاع الإذاعة بالهيئة الوطنية للإعلام بعنوان "ماما رايحة المدرسة" بطولة صفاء أبو السعود وسامح حسين ونشوى مصطفى.
ويرى الناقد الفني وائل سمير أنه إذا كانت الدراما التلفزيونية في رمضان تحظى بالنصيب الأكبر من المتابعة والتحليل والنقد فإن الدراما الإذاعية أيضا جديرة بالاهتمام والتأمل. وقال إن المسلسلات الإذاعية وإن كانت أقل عددا من الماضي سواء على مستوى المحطات الخاصة أو الحكومية ويغلب على محتواها القالب الكوميدي، فيحسب لها الاستمرارية والقدرة على جذب المستمعين في أي وقت ومكان، كما أنها ما زالت قادرة على جذب النجوم الذين يدركون تماما مدى تأثير الإذاعة وانتشارها.
وأضاف سمير بأن الإذاعة "لن تعرف الموت مهما ظهرت بعدها من وسائل إعلام أو ترفيه، فهي دائما ما كانت الوسيلة الأسهل والأرخص والأوسع تغطية، وستظل كذلك لمدة ليست قصيرة".(فرانس24 + رويترز )