التحذير شديد اللهجة والانذار المسبق الذي اعلنه «رئيس الوزراء» من محافظة مادبا ليس حديثا عابرا او مجرد استعراض، فالرئيس «جعفر حسان»، وتحديدا لكل من يعرفه عن قرب، جاد كل الجد بمعاقبة ومحاسبة كل من يقصر بعمله و«بخدمة المواطنين» معلنا عن مرحلة جديدة للقطاع العام، فمن قصد ولمن الانذار؟.
الرئيس كان واضحا، فهو لم يحدد فئة محددة من موظفي القطاع العام، فالحديث كان موجها للوزراء اولا ومن ثم من يليهم من المسؤولين وصولا لاصغر موظف حكومي،معلنا عن انتهاء حقبة كانت تعاني من «البيروقراطية» والترهل والواسطة والمحسوبية وغياب العدالة في تطبيق التعليمات والقوانين، فمعيار التعامل مع الموظفين من الان وصاعدا قائم على الكفاءة والاخلاص بالخدمة للوطن والمواطن.
للاسف، كثيرة هي «الفرص» التي اضعناها خلال الفترة الماضية جراء البيروقراطية وغياب المسؤولية من قبل عدد من الموظفين غير المسؤولين وممن يعطون مصالحهم الخاصة والمحسوبية اولوية على حساب الاخرين من ابناء الوطن، وكذلك اضعنا العديد من الفرص في الاستثمار وجذبه الى المملكة جراء الايادي المرتجفة التي تفتقر الى ادنى مستويات المسؤولية في اتخاذ القرار.
اليوم ومع انتهاء المملكة من اقرار نظام الموارد البشرية بحلته الجديدة ودخوله حيز التنفيذ، فعلى كل موظف في القطاع العام ان يحذر أتباع انماط الماضي والاستمرار بها، فالحكومة «جادة بتطبيقه» وفق اعلى المعايير التي تراعي الانتهاء من عصر الواسطة والمحسوبية وغياب العدالة في تولي المسؤولية، ولهذا عليهم وبكل جدية ان يتعاملوا مع تحذير الرئيس هذا.
الواقع يقول ان «رؤية التحديث الاقتصادي» التي نعلق عليها امالنا في انعاش الاقتصاد واستغلال الفرص وجذب الاستثمار وتشغيل الاردنيين، تتطلب جهازا حكوميا قويا ومؤهلا فعالا ومسؤولا يساعد القطاع الخاص وتمكينه وانجاحه بتنفيذ رؤية التحديث وتحسين جودة الخدمات للمواطنين وفق الجدول الزمني المحدد، ولهذا تأتي قناعة الحكومة بان كفاءة الجهاز الحكومي اولوية لا بد منها لضمان نجاح الرؤية.
انا شخصيا متفائل جدا باصلاح القطاع العام قريبا،مستندا بهذا التفاؤل لمعرفتي بشخصية الرئيس الجادة بالعمل ورفض الترهل والواسطة والبيروقراطية، وقناعته التامة بان استمرار الحال على ما هو عليه سيضيع المزيد من الفرص لا استغلالها.
خلاصة القول، نصيحة لكل موظف عام: ان كنت من هؤلاء الذين يتبعون الواسطة والمحسوبية ومن الكسالى في خدمة المواطن والقطاع الخاص والمستثمرين ان تغادر القطاع العام قبل ان تأتيك «امواج التغيير» التي لن تشفع لك فيها واسطة تدعمك ولا اي من خزعبلات الماضي، فالدنيا تتغير والقطاع العام ينتفض.