1/4
ثلاث مراحل دخلتها حركة حماس خلال 18 شهرًا متواصلًا منذ أكتوبر من العام 2023 م إلى يومنا هذا. المرحلة الأولى وهي مرحلة الحرب التي بدأت منذ أكتوبر في العام 2023 م إلى بداية مرحلة وقف إطلاق النار. ثم المرحلة الثانية وهي مرحلة وقف إطلاق النار ومدتها 57 يومًا. ثم المرحلة الثالثة وهي عودة العدوان على غزة، والتي بدأت منذ يوم الثلاثاء 18-3-2025م.
2/4
من الأهمية المرور سريعًا على بعض معطيات كل مرحلة من هذه المراحل الثلاثة.
✓ في المرحلة الأولى، وعلى الرغم من أن العديد من الدول العربية تختلف في الرؤية السياسية مع حركة حماس، لكن الكارثة الإنسانية التي حدثت في غزة منذ بدء طوفان الأقصى ونتيجة الضغوط الشعبية هي من دفعت رؤساء الدول العربية نحو السعي المستمر من أجل وقف إطلاق النار ووقف العدوان على غزة والذي تم بإرادة دولية.
✓✓ في المرحلة الثانية، كانت مرحلة المفاوضات السياسية. والتي دخلتها حركة حماس بندية عالية اعتمادًا على وضعها الشعبي الكبير في العالم العربي. في هذه المرحلة، تم الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى من مفاوضات وقف إطلاق النار والتي شملت تبادل الأسرى والسجناء والذي ترافق مع القيام باستعراضات عسكرية تعكس قوة الحركة. لكن فجأة، اختلفت حسابات الطرفين. الطرف الإسرائيلي الذي لا يريد الدخول إلى المرحلة الثانية من اتفاقية وقف إطلاق النار. وحركة حماس التي تصر على الاستمرار في السير في مراحل الاتفاق الثانية والثالثة. في ذات المشهد التفاوضي كان الطرف الأمريكي حاضرا بقوة حيث قدم مقترحات مباشرة إلى حركة حماس. لكن نتيجة رفض حركة حماس لتفاصيل المقترح الأمريكي بما يخص تسليم كافة الرهائن الأحياء وجثث المتوفين منهم دفعة واحدة مقابل وقف إطلاق النار إلى ما بعد رمضان وعيد الفصح اليهودي. فقد أدى ذلك إلى قيام ترامب بمنح الضوء الأخضر إلى إسرائيل في استكمال هجماتها الجوية على قطاع غزة. سبق ذلك تحذير إعلامي أرسله ترامب إلى حماس في الخامس من الشهر الحالي يتضمن تسليم كافة الرهائن أو القضاء عليهم مع إعلانه أنه قد زود إسرائيل بما تحتاجه من أسلحة.
✓✓✓ في المرحلة الثالثة، وهي مرحلة عودة الهجمات الجوية الإسرائيلية على غزة. في هذه المرحلة، تدخل حركة حماس في المواجهة مع إسرائيل من جديد. في ظل ضعف عميق أو انهيار التحالف الذي استندت عليه حركة حماس في المرحلة الأولى. حيث تم أضعاف حزب الله اللبناني. مع سقوط النظام السوري السابق الموالي لإيران. مع استمرار الضربات على الحوثيين في اليمن وهم آخر أدوات إيران. علاوة على منع دخول المساعدات إلى غزة منذ عدة أسابيع، والتي كانت تساعد أهل غزة على استمرار الحياة.
3/4
ضمن تفاصيل المرحلة الثالثة الحالية وعلى الصعيدين العربي والفلسطيني، فإن المؤكد أن حماس تدرك واقع اتساع الفجوة ما بينها من جهة وما بين العديد من الدول العربية ومع السلطة الوطنية الفلسطينية في هذه المرحلة من جهة أخرى . عربياً، فمما لا شك فيه أن جميع الدول العربية، ومع أنها لا تعلن ذلك، إلا أنها تحمل حركة حماس مسؤولية أنها أضافت فرصة الاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية بما يخص تسليم الأسرى والرهائن مقابل وقف إطلاق النار إلى مرحلة متقدمة زمانياً. حيث كان بإمكان ذلك لو تم أن يمنع إسرائيل من العودة إلى استهداف غزة. في ذات الاتجاه وعلى الصعيد الفلسطيني، فقد صعدت السلطة الفلسطينية من حدة خطابها في نقد حركة حماس، واصفة ما تقوم به الحركة بأنه تصرفات غير مسؤولة، أدت إلى عودة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة من جديد.
4/4 ختاماً، وأمام هذا الواقع الجديد القاسي جداً في المرحلة الثالثة التي تدخلها حماس منذ أكتوبر قبل الماضي، فإن المطلوب من حركة حماس هو القليل من الانحناء السياسي. هذا الانحناء السياسي يتمثل بأن تعلن حماس أنها ومن أجل الحفاظ على أرواح الشعب العربي الفلسطيني في غزة، أنها موافقة على العرض الأمريكي المقترح بخصوص تسليم كافة الأسرى والرهائن لديها دفعة واحدة. إذا كان ذلك يضمن وقف إطلاق النار أقلها لعدة شهور متواصلة مع عودة إدخال المساعدات إلى غزة من جديد .نعم، أن المطلوب من حماس هو مطلب صعب وقاسي، لكن هو في ذات الوقت سهل جداً من أجل الحفاظ على أرواح أهالي غزة، كما أنه يعكس مرونة وذكاء وواقعية سياسية؟.