في الآونة الأخيرة، أدى الركود الاقتصادي المصحوب بسياسات مالية صارمة إلى خلق ضغوط مالية كبيرة على البلديات والوحدات الحكومية، ما جعل من الصعب تحقيق أهدافها الاستراتيجية.تحتاج البلديات إلى تخطيط استراتيجي مدروس بدقة مما يتطلب إطار عمل مالي فعال ومنظم لضمان تخصيص الموارد و استدامة المشاريع، وتقديم الخدمات العامة بالكفاءة المطلوبة.
تعتبر استراتيجية التمويل من اللبنات الأساسية للنجاح المؤسسي، كونها تمكن المؤسسة من إدارة المخاطر، احتواء التكاليف، وتدعيم الميزانية في الأمد البعيد.
يبقى السؤال: هل تستطيع الاستراتيجيات المؤسساتية أن تنجح من دون وجود إدارة مالية قوية؟ ففي حال أعطي الجواب بنعم، ما البدائل الممكن اعتمادها؟ وما السبل التي يمكن أن تعتمدها البلديات للحفاظ على التوازن بين الاستراتيجيات المالية والاستراتيجيات المؤسساتية لتجنّب فشل التنفيذ؟.
تُظهر المؤسسات وبشكل واضح فعالية إدماج الاستراتيجيات المؤسساتية والاستراتيجيات المالية، وبسبب توفير كافة السبل والانظمة في الاستراتيجية المالية، يتم تنفيذ المشاريع. وأكدت الدراسات التي قام بها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (2021)، أن البلديات ذات الاستراتيجيات المالية تنفذ فيها الخدمات الكبرى مع الالتزام بالمخططات الزمنية وكلفتها المطلوبة. فيما عانت البلديات ذات الهياكل المالية الضعيفة من العجز في الميزانية، التأخر في تنفيذ المشاريع، وعدم كفاءة تقديم الخدمات.
قد يبدو أنه مما لا شك فيه أن الاستقرار المالي ضرورة حيوية للتقدم على صعيد المؤسسة، إلا أنه يمكن نماذج المؤسسات من تحقيق ارتفاعاتها حتى مع وجود عائق مالي من خلال تبني أبداعي. الآليات التالية قد تساعد البلديات على اتمام خططها الاستراتيجية على الرغم من وجود اعانة مالية:
تحديد أولويات المشاريع الرئيسية: يقوم على تخصيص رأس المال للمبادرات ذات الأولوية القصوى مع تأجيل المشاريع الغير هامة للبعض إلى حين توفر المال الإضافي.
رفع الكفاءة التشغيلية: خفض الأنشطة الغير أساسية، تحسين جودة إدارة الموارد البشرية، استغلال التكنولوجيا لرفع كفاءة تقديم الخدمات العامة.
الشراكات بين القطاعين العام والخاص: يلزم دعوة مباشرة للاعبين من القطاع الخاص للتخفيف من الأعباء المالية على ميزانية البلديات.
تنويع مصادر الإيرادات: استغلال مواقع غير تقليدية مثل المنح الدولية والسندات البلدية وأراضي الدولة التي تدر دخلاً.
المشاركة المجتمعية والعمل التطوعي: حث المواطنين غير المهنيين على المساهمة في مشاريع التطوير من خلال برامج التطوع والشركات الرائدة في المسؤولية الاجتماعية للشركات.
لتعزيز الارتقاء المؤسسي المستدام، يصبح لزامًا على البلديات المواءمة بين الالتزامات المالية بصيغها القومية ومقاصدها المؤسسية الأوسع. وبين تصورين رئيسيين التصورات الأسهل:
التخطيط المالي الاستراتيجي: التأكد من إنفاق الميزانية على الأنشطة التي تعزز من صلاح الاستدامة المالية.
أطر إدارة المخاطر: وضع الخطط الخاصة بتوقعات تدهور اقتصادي وتغيرات الإيرادات.
تحليل التكاليف والعوائد: تنفيذ دراسات جدوى للتنبؤ بالنتائج المالية للدورة قبل استخدام الموارد.
تلعب أدوات التنبؤ المالي دورًا حيويًا في اتخاذ القرارات الاستراتيجية من خلال تعزيز دقة التخطيط المالي وتقليل المخاطر. تشمل هذه الأدوات، ولكن لا تقتصر على: فحص الاتجاهات الاقتصادية، والتي تتضمن توقع التغيرات في الظروف الاقتصادية التي قد تؤثر على أنماط إيرادات البلديات ونفقاتها، وضع نماذج مالية تنبؤية، والتي تتضمن محاكاة سيناريوهات مالية مختلفة لمواجهة التحديات المستقبلية مع تحسين تخصيص الموارد، وتقييم فعالية التكاليف، والتي تتضمن تقييم العائدات المحتملة على الاستثمارات لاستخدام الموارد المالية بشكل فعال.
على الرغم من أن الإدارة المالية العامة هي حجر الزاوية للنجاح المؤسسي، إلا أن البلديات يمكنها أيضًا تنفيذ الخطط الاستراتيجية، على الرغم من القيود المالية، من خلال اعتماد آليات تمويل مبتكرة ونهج مدفوع بالكفاءة و يمكنها التغلب على التحديات المالية مع تحقيق تقدم مؤسسي من خلال تحديد أولويات المشاريع الرئيسية، واستخدام الموارد بشكل مثالي، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص. في نهاية المطاف، يظل دمج التخطيط المالي الاستراتيجي واستخدام أدوات التنبؤ الاقتصادية أساسيا لضمان التنمية المستدامة والتنفيذ الناجح للسياسات.