أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات مناسبات مجتمع رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مستثمرون دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: الغرب في أوكرانيا وفي اليمن


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: الغرب في أوكرانيا وفي اليمن

مدار الساعة ـ
لم يعد الغرب غربا بعد لقاء رئيس غرب أوكرانيا – رئيس دولة " كييف " فلاديمير زيلينسكي برئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب في البيت الأبيض بواشنطن بتاريخ 28 فبراير 2025 ، و الخلاف الواضح و الصاخب الذي جرى بينهما حول الحرب الأوكرانية ، و تطاير الرأس الأمريكي عن الجناح الأوروبي ( الاتحاد الأوروبي ) بعد انقلاب أمريكا – ترامب على عهد جو بايدن في موضوعها ،و اختلف مع أوروبا بخصوصها ، لدرجة هددت بإنقسام حلف ( الناتو ) بعد اختلاف ترامب معه على موضوع خسائر الحرب الأوكرانية التي كلفت أمريكا لوحدها أكثر من 200 مليار دولار، بينما تكلفت أوروبا ب 150 مليار دولار ، و ذهب بعدها ترامب ليطالب زيلينسكي بتعويض ما دفعته أمريكا على الحرب الخاسرة مع روسيا بالإستثمار في المعادن الأوكرانية النادرة بحجم 500 مليار دولار .
لا تشبه أمريكا – ترامب التي سبقتها في عهد بايدن ، و لكل منها طريقته في الكاوبوي ،و التغول على أركان العالم من وسط حراك احادية القطب المناهض لتعددية الأقطاب التي تقودها روسيا الاتحادية العظمى ، ورغم ملاحظة الفروقات الكبيرة بين الديمقراطيين و الجمهوريين ، إلا أن وجه الشبه لازال ماثلا في القضية الفلسطينية ، وتهديد ستيفن ويتكوف مبعوث الأدارة الأمريكية لحماس عبر نصحها بمتابعة ما يحدث للحوثيين غير لائق، وما يتعلق بالحوثيين في اليمن ، بينما انحصر الإختلاف بينهما على الملف الأوكراني . و أوروبا التي انشطرت عن أمريكا في الموضوع الأوكراني ، لازالت متأثرة في نهج الكاوبوي الأمريكي ، و تصريح سابق للرئيس ترامب أشار فيه بأن أمريكا هي التي تحمي أوروبا في حلف " الناتو " ، و ليس العكس ، معطيا رسالة لأوروبا بأن أمريكا هي القائد ، و بأن لا وزن لأوروبا من دون أمريكا . و تصريح الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بدعوة أوروبا لتشكيل جيش يواجه روسيا ، و تخويفها من زحف روسي محتمل تجاه أوروبا حمل معنى لا يستحق التوقف عنده ، و قوله بأن إرسال قوات لحفظ السلام لأوكرانيا أمر سيادي أوكراني لا شأن لروسيا به ، يخالف تصريح للرئيس الأمريكي ترامب الذي أكد فيه أهمية أخذ رأي روسيا به تماما مثل أوكرانيا ، و يعبر عن عنجهية غير مسبوقة لماكرون الذي تردد على( موسكو) أكثر من مرة وعلى ( كييف ) للتوصل إلى سلام بينهما عبر الحوار .
وما زاد الطين بلة كما نقول في شرقنا العربي ، هو تصريح رئيس وزراء بريطانيا - كير ستارمر- خلال لقاء افتراضي له مع الاتحاد الأوروبي مؤخرا و بمشاركة الرئيس زيلينسكي عن بعد ، حول الهدنة التي اقترحتها أمريكا في جدة بين روسيا و أوكرانيا لمدة شهر ، قال فيه بتعالي بأن بوتين سيأتي إلى طاولة المفاوضات عنوة بعد الأستمرار بحماية أوكرانيا " كييف " ، و تزيدها بالسلاح ، و عبر فرض سلام القوة ، متناسيا ، بأن القوة التي استخدمها الغرب مجتمعا ومثل 50 دولة غربية و شمال غربية فشلت بعد أكثر من ثلاث سنوات من عدوانها غير المباشر و بالسلاح الثقيل و المسيرات الألكترونية على روسيا، و سوف تفشل إلى الأمام ، و روسيا بالمناسبة دولة عظمى تحتل الرقم 1 في العسكرة النووية ، و البحرية ، و متميزة في العسكرة التقليدية ، و الفضائية ، و يصعب على الغرب اجبارها على توقيع سلام متسرع تماما كما وصف السلام الروسي – الأوكراني المقترح يوري أوشاكوف كبير مستشاري الرئيس بوتين و قصر " الكرملين " بالسلام المتسرع . و سبق للمملكة المتحدة – بريطانيا أن هددت كما هددت فرنسا – ماكرون السلاح بالسلاح النووي ضد روسيا ، و ردت عليهما موسكو بصرامة ، مذكرة فرنسا بنابليون ، و بريطانيا حال اعتدائها النووي بأنها ستصحو و تجد ذاتها وسط البحر .
السلام الروسي – الأوكراني و تحت المظلة الأمريكية ودخول أوروبا على خط الأزمة بإنحياز لنظام أوكرانيا الغربية يجب أن لا يأتي متسرعا تماما كما يريد ذلك الرئيس بوتين ، و الجانب الروسي المنتصر في الحرب ، و الذي لم يبدأ الحرب يحق له فرض شروطه السيادية ، و على الجانب الخاسر للحرب مثل العاصمة " كييف " و الغرب القبول بسلام الأمر الواقع ، وهم من بدأوا الحرب . و روسيا عبر التاريخ المعاصر و العميق أكثر حرصا على سيادة أوكرانيا من الغرب لو استمعت لنداءات موسكو من خلال اتفاقية " مينسك " 2015 ، و حوار أنقرة 2022 . و الحمد لله الذي جعل أمريكا – ترامب تقلب طاولة الحرب لصالح روسيا و تكشف أوراق النظام الأوكراني الذي غرر به الغرب الأمريكي ، خاصة بريطانيا – باريس جونسون ،و أمريكا – جو بايدن بسبب حرصهما على ديمومة الحرب الباردة ، و سباق التسلح مع روسيا وعبر استنزافها و محاصرة نهوضها على كافة المستويات .
وفي المقابل ، فلقد انتقدت روسيا عبر وزير خارجيتها سيرجي لافروف الهجوم الأمريكي على العاصمة اليمنية " صنعاء " بقصد استهداف الحوثيين ، و بعد مكالمة معه أجراها وزير خارجية أمريكا – ماركو روبيو – مستأذنا البدء بالهجوم ، بعد إعلان الصداقة الأمريكية – الروسية في المملكة العربية السعودية 20 فبراير 2025، بينما استهدفت أمريكا المواطنين اليمنيين المسالمين . و المعروف هو بأن الهجوم الصاروخي الحوثي اليمني على السفن الإسرائيلية و الأمريكية جاء ردا على حرب الإبادة المشتركة التي ارتكبتها إسرائيل بحق مواطني قطاع غزة وتحت غطاء أمريكي غربي ممنهج ،و ثأرا له . و مؤسسات غربية هدفت لتخفيض تعداد سكان العالم بعد استغلال الأزمات و الحروب ،و انسحبت على جنوب لبنان ، و الان على اليمن . و اليمن كلها ، وليس الحوثيين فقط ، وكل الشعوب العربية ، و الدول العربية أيضا اشتاطت غضبا جراء المجزرة الإسرائيلية في غزة تحديدا غير المبررة . و يربط الحوثيون هجومهم الصاروخي الذي لازال مستمرا حتى الساعة على السفن الإسرائيلية و الأمريكية في البحر الأحمر و بحر العرب حتى يتم رفع الحصار عن قطاع غزة ، مما يعني بأن سسب الهجوم الحوثي واضح و عادل و هو مرتبط بسلوك إسرائيل ومعها أمريكا السلبي بحق الشعب الفلسطيني الشقيق المناضل و المظلوم ، و حتى ينتهي احتلال إسرائيل للأراضي العربية المحتلة .و دعوة موسكو لواشنطن لأعتماد لغة الحوار مع الحوثيين أصابت كبد الحقيقة ، وهو المطلوب .
تلويح و تلميح الولايات المتحدة الأمريكية بأن حربها ضد الحوثيين بعد حربها على قطاع غزة عبر إسناد إسرائيل في حربها غير المبررة التي لم توازي السابع من أكتوبر 2023 بعدالة ، و تجاوزت الحدود ووصلت لمستوى جريمة الحرب ، بالتوجه لاستهداف إيران خطاب أمريكي في غيرمكانه ، وكل ماله علاقة بمشروع إيران النووي السري مراقب استخباريا دوليا ، ومنع تطويره يأتي بالحوار على الطريقة الروسية و ليس بالعنف الأمريكي ، و إيران في ميزان قوة النار لاتقارن بقوة الحوثيين العسكرية . و الحوثيون ذراع لإيران كما حماس و الجهاد و حزب الله . و التحرش الأمريكي بإيران مصدره إسرائيل . و لاتوجد دولة في منطقة الشرق الأوسط تخشى قنبلة إيران النووية مثل إسرائيل ، و بطبيعة الحال ، فإن مشروع إيران النووي مرفوض دوليا بسبب راديكالية إيران و هيجانها وعدم اتزانها بمستوى دول النادي النووي التي تمتلك خطا ساخنا مانعا للحروب ، وفي مقدمتها الحرب العالمية الثالثة التي ترفضها روسيا الاتحادية العظمى و الولايات المتحدة العظمى أكثر بكثير من الاتحاد الأوروبي .
انتصار روسيا في الحرب الأوكرانية ، و هي التي تمتلك زمام التاريخ الأوكراني و ارتباطه بمثله الروسي ، و خسران الغرب الأمريكي في عهد الرئيس السابق جو بايدن للحرب الأوكرانية و لعدم عدالة دوره فيه درس تاريخي يدرس في المدارس العسكرية و السياسية الدولية . واختلاف بوصلة السياسة بين روسيا الاتحادية العظمى و الولايات المتحدة الأمريكية العظمى رغم انطلاق ماراثون الصداقة الاستراتيجية بينهما حديثا ، خاصة حول إيران ، الأصل أن يتم الالتفات إليه بجدية ، و أخذ العبر السياسية بعيدة المدى منه .
مدار الساعة ـ