رمضان ليس مجرد شهر نصوم فيه عن الطعام والشراب، بل هو فرصة ذهبية لإحداث تغيير حقيقي في حياتنا. لكنه للأسف أصبح عند الكثيرين عادة سنوية أكثر منه عبادة دائمة، حيث يلتزم البعض بالصلاة، وقراءة القرآن، والتقرب إلى الله خلال هذا الشهر، ثم يعودون سريعًا إلى سابق عهدهم بمجرد انتهائه، وكأن الطاعات كانت جزءًا من طقوس موسمية لا أكثر.
المشكلة تكمن في أن البعض ينظر إلى رمضان كفترة مؤقتة لبذل الجهد الروحي، وليس كنقطة انطلاق لحياة أكثر قربًا من الله. فنجد أشخاصًا يحرصون على صلاة التراويح، لكنهم يهملون الفروض بعد رمضان. ونرى من يهجر القرآن طوال العام ثم يعود إليه فقط خلال الشهر الفضيل. وكأن العلاقة مع الله مرتبطة بتوقيت معين وليست أسلوب حياة دائم.
حتى يكون رمضان بداية للتغيير وليس مجرد محطة عابرة، يجب أولًا تصحيح النية، فالممارسات الروحية لا يجب أن تكون مرتبطة بزمان معين، بل يجب أن تكون نابعة من رغبة داخلية للاستمرار. التدرج في التغيير أيضًا مهم، فمن يصعب عليه قيام الليل طوال العام يمكنه على الأقل الحفاظ على ركعتين بعد العشاء، ومن اعتاد على ختم القرآن في رمضان يمكنه قراءة ولو صفحة يوميًا بعده.
الاستمرارية هي المفتاح، فكما أننا لا نترك الطعام بعد رمضان، لا ينبغي أن نترك العبادات أيضًا. ومن الجميل أن نخصص لأنفسنا عبادة معينة نبدأ بها بعد رمضان كالتزام يومي، سواء كانت قراءة القرآن، أو الصدقة، أو حتى تخصيص وقت للتفكر والذكر. بهذه الطريقة يصبح رمضان انطلاقة لحياة روحية متجددة، لا مجرد عادة مؤقتة نعود بعدهاإلىنقطةالصفر.