أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مناسبات مجتمع رياضة مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: كورسك نفق السلام عبر معركتين


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: كورسك نفق السلام عبر معركتين

مدار الساعة ـ
لمن لا يعرف مدينة " كورسك " الروسية بداية ، فهي محاددة لأوكرانيا من جهة جنوب روسيا و شمال أوكرانيا ، و تتموضع على نهر " سييم " ، و تحتل من المساحة 190 كيلومترا ، و تعدداد سكانها أكثر من 440 ألفا ، وهي مدينة صناعية ، و تعليمية ، و ثقافية . و شكلت جزءا من تاريخ الحرب العالمية الثانية و غزو الجيش الألماني النازي لها في الأعوام (1941 / 1943) ،و تأثرت بالحرب تلك حتى عام 1945 عبر معركة ( قوس كورسك ) ، وتحمل لقب مدينة المجد العسكري ، وهي مدينة بطلة . ومنذ صيف العام الماضي 2024 ،ووسط الحرب الأوكرانية ،و التي حملها عنوان كتابي ( الروسية الأوكرانية و مع الناتو بالوكالة ) عام 2022 ، وهي التي عكست اصطدام العملية الروسية العسكرية الخاصة الدفاعية التحريرية منذ تاريخ 24 شباط 2022 مع الجيش الأوكراني الذي يدعمه حلف " الناتو " ، اجتاحت فرقة عسكرية أوكرانية مدينة كورسك متسلحة بمعدات و لوجستيا غربية و بمساعدة الأقمار الصناعية كما يبدو ، بهدف اختراق المعركة ، و التأسيس مبكرا لمقايضة المدينة بجزء من الأراضي التي حررتها روسيا حال توقيع السلام ، و شملت شرق و جنوب أوكرانيا مثل ( القرم ، لوغانسك ، و دونيتسك " الدونباس " ،و زاباروجا و خيرسون ) . وهي المدينة التي حظيت بزيارة عسكرية لرئيس روسيا الاتحادية القائد الأعلى للجيش الروسي فلاديمير بوتين ، و شجعت على المضي في تحريرها كاملة .
وهي خطوة و عملية عسكرية استخبارية أوكرانية – غربية غبية لم تحمل بعد نظر ، و اجهتا روسيا المنشغلة على جبهة الحرب الأوسع ، و التي واجهت فيها ، و لازالت تواجه 50 دولة غربية لوحدها ، بذكاء عسكري منقطع النظير وبعد نظر ، و انتظرت ساعة الصفر منتصف شهر أذار 2025 لتحاصر الفرقة الأوكرانية العسكرية وتطلب منها الاستسلام و ترك السلاح و التوجه للأسر لضمان حياة جنودها و ضباطها من دون المقدرة على جر المعدات العسكرية الثقيلة تجاه غرب أوكرانيا .
عملية تحرير مدينة " كورسك " الروسية بطولية حقا لم يعرف تاريخ الحروب المعاصرة مثيلا لها ، وهي شجاعة و ذكية ، و تطلبت الصبر الطويل و المغامرة الخطيرة بهدف تطويق الفرقة العسكرية الأوكرانية المتواجدة فوق الأراضي الروسية ، و هي الورقة السياسية التي استخدمها الغرب ليظهر الجانب الأوكراني الغربي بقيادة فلاديمير زيلينسكي منتصرا ،و قادرا على توقيع سلام المنتصر " السرابي " ، و هو من ورط بلاده في حرب غير محتاجة لها ، و أعاق السلام قبل ذلك الذي قدمته له روسيا من خلال اتفاقية " مينسك" عام 2015 على طبق من ذهب ، و التي ماطل في تنفيذها الرئيس الأوكراني الأسبق بيترو باراشينكا ، و شاركت فيها ( روسيا ، و بيلاروسيا ، و ألمانيا ، و فرنسا ) . لقد اجتازت القوة الروسية العسكرية الخاصة و المكونة من 800 عنصرا مثلوا مجموعات – أيدا – و القوات الخاصة الشيشانية " أحمد " المحترفة و المتميزة على مستوى العالم ، و( ف . د. ف )، و عبروا معا مواسير للغاز الروسي- الأوكراني بعد تفريغها من الغاز و تعبئتها بالأوكسجين طولها 15 كيلومترا ، و تمكنوا من النجاح في تحقيق التفاف على القوة الأوكرانية الغازية . وبعد مراسلات بين نظام أوكرانيا- زيلينسكي الذي يناور بكافة الاتجاهات السياسية و العسكرية ، و بعد خسرانه الحرب التي بدأها عبر انقلاب " كييف " و الثورات البرتقالية عام 2014 ، و بالتعاون مع الاستخبارات الغربية ، البريطانية في عهد باريس جونسون ، و الأمريكية في عهد جو بايدن ، بعث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسالة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين يطلب فيها مراعاة حياة العكسريين الأوكران الواقعين داخل الحصار الروسي العسكري لضمان حياتهم الخاصة . و أجاب الرئيس بوتين على رسالة ترامب برسالة متلفزة أوضح فيها بأن حياة عسكر أوكرانيا وتعدادهم كبير مرهونة بتسليم أنفسهم في كورسك ، و لتركهم لسلاحهم في موقع المعركة . و من يلبي نداء موسكو وبعد احترام مخاطبة الرئيس ترامب لسيادته ، سوف يحافظ على حياتهم وفقا للقانون الروسي و للقانون الدولي و معاهدة جنيف ، و خلافا لذلك روسيا تعتبرهم إرهابيين أياديهم ملطخة بالدم الروسي ، و لا بد لهم من أن ينالوا العقاب .
وكما مثلت " كورسك " مخرجا للسلام في الحرب العالمية الثانية ، و أسست لبناء الأمم المتحدة بقانون عام 1945 ، و لكي لا تتكرر الحروب ، و في مقدمتها العالمية مثل " الثالثة ، شكلت الحرب الأوكرانية و بالتعاون الخاطيء مع حلف " الناتو الغربي المعادي لروسيا حربا عالمية جديدة تقليدية السلاح شاركت فيها من جانب الغرب 50 دولة ، و هاجت وماجت بإتجاه احتمال حدوث حرب عالمية نووية ، مدمرة للحضارات والبشرية لولا توفر الخط الساخن بين روسيا الاتحادية العظمى و الولايات المتحدة الأمريكية العظمى ، و سط مراوغات رئيس دولة " كييف " فلاديمير زيلينسكي- الفنان الكوميدي و المراهق سياسيا ، بعد خسران أوكرانيا شرقها و جنوبها ، و المرشحة لخسران مصادرها الطبيعية النادرة الثمينة في جناحها الغربي التي تتطلع إليها أمريكا – ترامب لتعويض ما صرفته على الحرب بمبلغ وصل إلى 350 مليار دولار ، و يصل المبلغ إلى 500 مليار دولار مع الفوائد .
لو كان زيلينسكي عاقلا و محبا لوطنه أوكرانيا لشابه مسار الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكا ، أو الرئيس الكازاخي قاسم توقاييف مثلا ، وكان بإمكانه أن عمل على أن تحافظ أوكرانيا على علاقة استراتيجية دافئة منذ استقلالها عام 1991 ، بدلا من التحليق الفنتازي حول حلف " الناتو" و محاولة الدخول إليه بسرابية ملاحظة . وكان مطلوبا من زيلينسكي أن يقرأ تاريخ بلاده أوكرانيا ، قبل أن يذهب لبدء حرب مع روسيا العظمى صاحبة الرقم 1 في السلاح النووي ، وفي مجال العسكرة و البحرية و الفضاء . يقول التاريخ كما قرأ لنا من صفحاته الرئيس فلاديمير بوتين ، بأن أوكرانيا قبل الثورة البلشفية 1917 لم تكن حاضرة ، و بعد انضمامها للاتحاد السوفيتي أصبحت وطنا ، وهي بالكامل هدية فلاديمير لينين ، و جوزيف ستالين ، و نيكيتا خروشوف – زعماء الاتحاد السوفيتي في تلك الحقبة الزمنية . و العاصمة " كييف " هي من بدأت الحرب ، و اتفاقية إنهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 منعت الدول المستقلة من عقد تحالفات عسكرية معادية ، و طالبتها بالحيادية ،وحسن الجوار . ومادة ميثاق الأمم المتحدة 751 خولت روسيا الاتحادية بالدفاع عن سيادتها جراء تطاول الجانب الأوكراني عليها عبر حرب دموية مست المكون الأوكراني و الروسي الديمغرافي شرق أوكرانيا بهدف ضمه قسرا للعاصمة " كييف " راح ضحيتها بداية أكثر من 14 ألف مواطن و شرد غيرهم . وكان بإمكان السلام الروسي – الأوكراني أن يتحقق بوساطة تركية في أنقرة عام 2022 أيضا .
اللقاء الروسي – الأمريكي الأول في المملكة العربية السعودية بتاريخ 20 فبراير 2025 وعلى مستوى وزراء الخارجية و كبار المستشارين (سيرجي لافروف ، يوري أوشاكوف ، ماركو روبيو ، مايك ولتر ، فيصل بن فرحان ) ، مهد لترطيب العلاقات الروسية – الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و التي دمرها الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن .و جاء اللقاء الأمريكي – الأوكراني التالي في السعودية بحضور وزير الخارجية ماركو روبيو و الرئيس فلاديمير زيلينسكي لفتح ملف الحرب الأوكرانية و سبل سدل الستارة عنها ووضع حد لها عبر الاعلان عن هدنة لمدة 30 يوما ، ردت عليها موسكو – بوتين برسالة جوابية حملها مبعوث الرئيس ترامب لموسكو ستيف ويتكوف تضمنت شروط روسيا لتثبيت ضمانات أمنية بعيدة المدى و استراتيجية في مقدمتها ابعاد أوكرانيا عن حلف " الناتو " ، و التزامها بالحياد ، وعدم تكرار الحرب من طرفها ، و التوجه لتعاون ثنائي مجددا ، و التعاون مع الغرب في مجال الغاز الروسي ، وكلها من شأنها أن توقف الحرب الباردة و سباق التسلح . وفي الختام هنا ، فإن الجانب الذي لم يبدأ الحرب و المنتصر مثل روسيا ، هو من يوافق على السلام بشروط ، وما على الجانب الأوكراني الغربي إلا أن يوقع سلام الجانب الخاسر لها أفضل بكثير من خسران كامل البلاد الأوكرانية الواسعة و الهامة.
مدار الساعة ـ