أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مناسبات مجتمع رياضة مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

قديسات يكتب: التمثيل الشبابي: بين شرعية الاختيار وسؤال الاستبعاد


نادر قديسات

قديسات يكتب: التمثيل الشبابي: بين شرعية الاختيار وسؤال الاستبعاد

مدار الساعة ـ
في المشهد السياسي، يمثل الشباب قوة محورية في أي عملية تحديث وإصلاح، حيث يُنظر إليهم باعتبارهم صانعي المستقبل وحاملي مشروع التجديد في الحياة العامة. ومع ذلك، فإن مسألة تمثيلهم السياسي تخضع لتعقيدات لا تنحصر فقط في فتح المجال أمامهم، بل تمتد إلى طبيعة الأدوار التي يُمنحون إياها، ومدى استدامتها، والمعايير التي تحكم اختيارهم واستبعادهم.
قبل أشهر، همس بأُذني أحد من يمتلكون المعلومة والتي تُفيد بأن أحد الشباب الذين برزوا في المشهد السياسي سيتم استبعاده مستقبلًا لصالح شخص آخر. بدت المعلومة غير منطقية في حينها، إذ كيف يمكن الدفع بشخص إلى الواجهة كرمز للتمثيل الشبابي، ثم التفكير لاحقًا في استبداله؟ وإذا كانت هناك ملاحظات على تاريخه أو أدائه، فلماذا لم يُؤخذ ذلك بعين الاعتبار عند تقديمه أصلًا؟ هذه التساؤلات تقود إلى إشكالية أعمق تتعلق بالمعايير التي تحكم التمثيل السياسي للشباب، وهل يتم اختيارهم وفق رؤية استراتيجية طويلة الأمد، أم أن المسألة محكومة بعوامل ظرفية تجعل وجودهم في المشهد مؤقتًا وغير مستقر؟
تمكين الشباب في السياسة لا يعني فقط منحهم مقاعد أو أدوار رمزية، بل يتطلب تأسيس منظومة تستند إلى معايير واضحة في اختيارهم، تضمن لهم حضورًا حقيقيًا ومستدامًا. إن استبعاد شخص بعد تقديمه كنموذج للتمثيل، دون توضيح منهجي لهذه العملية وليس لسبب الاستبعاد، قد يُفهم على أنه انعكاس لنهج يفتقر إلى الثبات في المعايير، مما يؤثر على ثقة الشباب بالمؤسسات السياسية التي يُفترض أن تستوعبهم وتُمكّنهم.
الأمر الأكثر حساسية هنا هو أن مثل هذه الممارسات تُغذي شعورًا عامًا لدى الشباب بأن تمثيلهم قد يكون محكومًا بمعايير غير واضحة، أو أنه يتم وفق ضرورات آنية أكثر من كونه نابعًا من التزام حقيقي بإشراكهم في صناعة القرار. فحين يدرك الشباب أن وجودهم في المشهد السياسي قد يكون عرضة لإعادة الحسابات باستمرار، فإن ذلك يحدّ من قدرتهم على الانخراط الفاعل، ويدفعهم إلى البحث عن بدائل أخرى للتأثير خارج الأطر الرسمية.
يعد الشباب الشريحة الاوسع في المجتمع الأردني حيث تقارب 70% من المجتمع، وهي نسبة تجعل من تمكينهم السياسي ضرورة وطنية لا خيارًا تكميليًا. فاليوم وبعد ان خصص قانون الانتخاب والاحزاب الجديد مقاعد تخصص للشباب حصراً ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر لا يكمن فقط في فتح المجال أمام تمثيلهم، بل في ضمان أن يكون هذا التمثيل قائمًا على أسس راسخة دون مزاحمتهم على مقاعدهم التي خصصها لهم القانون
إن بناء جيل سياسي شبابي مؤثر لا يتحقق من خلال منحهم أدوارًا قابلة للتغيير في أي لحظة، بل من خلال توفير بيئة تمنحهم الثقة بأن مشاركتهم ليست مجرد مرحلة، بل جزء من مشروع وطني طويل الأمد. وعندها فقط، يمكن الحديث عن تمكين حقيقي للشباب، يعكس إرادتهم وطموحاتهم في أن يكونوا جزءًا أصيلًا من صناعة القرار.
مدار الساعة ـ