من خلال متابعتنا لما يتم التصريح عنه فاننا نلاحظ أن مشكلة تهريب المخدرات من أبرز التحديات التي تواجه الأمن القومي في العديد من دول المنطقة، بما في ذلك المملكة الأردنية الهاشمية وسوريا والعراق. وتشترك هذه الدول في حدود طويلة ومتشعبة، مما يجعل من الصعب مراقبة ومنع تهريب المخدرات بشكل فعّال. ولكن من المعروف أنه تتمتع القوات الأردنية بمراقبة عالية الكفاءة على الحدود المشتركة مع سوريا والعراق، حيث يعمل الجيش الأردني والدرك والشرطة على رصد كافة التحركات المشبوهة على هذه الحدود. ويمتلك الأردن القدرة على نشر قوات إضافية على طول الحدود، وتكثيف الدوريات الأمنية عبر البر والجو، بما في ذلك استخدام الطائرات دون طيار (الدرونز) لمراقبة المناطق الحدودية ذات التضاريس الصعبة.
رغم الجهود المبذولة، يواجه الأردن تحديات كبيرة في مكافحة تهريب المخدرات على الحدود مع سوريا والعراق. وفي ضوء هذه التحديات، يبدو أن الحل الأكثر فاعلية قد يكمن في توقيع معاهدة ثلاثية بين الأردن وسوريا والعراق حيث تهدف هذه المعاهدة المقترحة إلى تعزيز التعاون المشترك لمكافحة مهربي المخدرات على الحدود.
توقيع معاهدة ثلاثية بين الدول الثلاث يساهم في إنشاء أُطر قانونية واضحة وموحدة للتعامل مع قضايا تهريب المخدرات. من خلال هذه المعاهدة، ويمكن تحديد التعريفات المشتركة للمخدرات وأنواعها، بالإضافة إلى تحديد الإجراءات القانونية المتبعة لملاحقة المهربين عبر الحدود. عبر هذا التنسيق، ومن خلال هذه المعاهدة، ستتمكن الأجهزة الأمنية من تنفيذ عمليات مشتركة على الحدود لمكافحة تهريب المخدرات بشكل أكثر فاعلية.
كما أنه من خلال المعاهدة، يمكن للدول الثلاث تكريس موارد مالية وتقنية مشتركة لمكافحة التهريب. قد تشمل هذه الموارد تطوير التقنيات الحديثة مثل أجهزة الكشف المتطورة، الطائرات بدون طيار (الدرونز)، والأنظمة المتقدمة للرصد والمراقبة على الحدود.
وبما أن تهريب المخدرات غالبًا ما يكون مرتبطًا بالجريمة المنظمة والعصابات المسلحة والإرهابية التي تستغل تجارة المخدرات لتمويل أنشطتها الإرهابية، فإن المعاهدة ستكون خطوة مهمة في مكافحة هذه الظواهر عبر الحدود المشتركة.
بالإضافة إلى ذلك يجب أن تتضمن المعاهدة اتفاقًا بين الدول الثلاث على تبادل المعلومات الاستخباراتية بشكل دوري حول نشاطات تهريب المخدرات. هذا يشمل تحديد أماكن تهريب المخدرات، أساليب المهربين، وطرق تهريبهم عبر الحدود.
يجب أن تشتمل المعاهدة على بند خاص بتنسيق التشريعات المحلية المتعلقة بمكافحة المخدرات وتوحيد العقوبات ضد مهربي المخدرات، مما يسهم في تعزيز الردع القضائي. ويجب أن تضمن المعاهدة كذلك تسريع إجراءات التسليم القضائي للمهربين بين الدول الثلاث.
تُعد المعاهدة الثلاثية المقترحة بين الأردن وسوريا والعراق خطوة استراتيجية هامة لمكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود المشتركة. من خلال التنسيق الأمني، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتوحيد التشريعات القانونية، يمكن للدول الثلاث تعزيز جهودها في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة. وبالرغم من وجود بعض التحديات التي قد تواجه تنفيذ المعاهدة، فإن الفوائد المتوقعة من التعاون المشترك تستحق الجهود المبذولة لضمان نجاحها.
ختاماً إن ضبط تهريب المخدرات له فوائد متعددة تتجاوز الحماية الأمنية والصحية، بل يمتد إلى تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في الدولة الأردنية ودول الجوار. ومن خلال تطوير استراتيجيات فعّالة بموجب معاهدة ثلاثية لمكافحة تهريب المخدرات، يمكن تعزيز جودة الحياة وحماية الأجيال القادمة من الآثار السلبية لهذه الآفة ومكافحة الإرهاب.