مناسبات أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: ماكرون - رأس حربة الصراع مع روسيا


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: ماكرون - رأس حربة الصراع مع روسيا

مدار الساعة ـ
لم يكن الرئيس الفرنسي إمانويل جان – ميشال فريدريك ماكرون معاديا ومناهضا لروسيا الاتحادية بوصوله لسلطة قصر الإيليزيه في باريس العاصمة في الأعوام بين فترتين رئاسيتين 2017 و 2022 و بعد ذلك ، و بدأ حياته السياسية داعيا للحوار بين موسكو و كييف ،ولم يفلح و أخرج نفسه محبطا، فذهب يبحث وسط أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية عن أعداء لروسيا الاتحادية ، و عندما بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يغرد خارج السرب الأوروبي ، أصبح ماكرون يطالب ( بناتو) تقوده فرنسا من دون أمريكا ، و يلوح بقدرات فرنسا النووية لحماية أوروبا من هاجس العدوان الروسي حسب تفسيره ، وما يملك من خيال يشبه الفنتازيا و الخروج عن الواقع . و يدعي ماكرون انطلاقا من سعة خياله المغامر ، بأن روسيا تخطط عام 2030 لتهديد أمن أوروبا عبر زيادة تعداد جنودها إلى ثلاثة ملايين جندي و 4 الأف دبابة ، وهو الهاجس الذي عزفت عليه أمريكا – الولايات المتحدة الأمريكية عندما أسست حلف ( الناتو) عام 1949 المعادي للاتحاد السوفيتي بقيادة روسيا الاتحادية ، و الذي رد عليه الاتحاد بتأسيس حلف ( وارسو) وقتها عام 1955 و استمر في عمله ، وتفكك مع إنهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 . و روج له ( الناتو) عبر اقناع أوكرانيا – زيلينسكي بأن تكون جزءا منه ، وهو الذي حذر منه الرئيس بوتين عند حديثه عن أمن روسيا بعيدا عن تقريب (الناتو) لطرف حدودها .
وبطبيعة الحال لا تطمح روسيا بالتوسع غربا تجاه أوروبا رغم قدراتها العسكرية النووية الحالية التي تحتل فيها وسط خارطة العالم الرقم 1 ، و تتفوق و تتميز في العسكرة التقليدية ، و الفضائية ، و البحرية ، و تحتل في التجارة العسكرية الرقم 2 عالميا ، ومساحتها الجغرافية الأولى عالميا – تزيد عن 18 مليون كلم2 . و هدف روسيا المعروف للمجتمع الدولي و الثابت ، هو حماية استقلالها عن الاتحاد السوفيتي ، و حماية المنظومة السوفيتية السابقة المحيطة بها ، و التي ترتبط معها بعلاقات استراتيجية بعيدة المدى من خطر اقتراب ( الناتو ) من حدودهم . وفي الوقت الذي بدأت فيه أمريكا – ترامب تتفهم روسيا و عدالة موقفها من الحرب الأوكرانية التي لم تبدأ من طرفها ، و إنما من طرف " كييف " العاصمة ، ذهب ماكرون لتغذية الحرب الباردة ، و سباق التسلح بين الغرب من دون أمريكا مع روسيا الاتحادية الناهضة ، و الترويج لعدوانية روسيا المخادعة و المفتعلة،و تخوف أوروبي – أمريكي مشترك من نهوض الصين الشعبية اقتصاديا ، و الهند كذلك
. ولقد أسس لقاء روسيا مع أمريكا في المملكة العربية السعودية بتاريخ 17 نوفمبر 2025 ( الثلاثاء ) بحضور وزراء الخارجية لتمرير المعلومة الصحيحة للجانب الأمريكي حول الكواليس العميقة للحرب الأوكرانية ، وهو الأمر الذي جهز أرضية خصبة لمواجهة الرئيس الأوكراني ، أو رئيس دولة " كييف " فلاديمير زيلينسكي في البيت الأبيض ووجها لوجه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي طالبه حينها بتوقيع اتفاقية معادن نادرة تقدر ب 500 مليار دولار لتعويض أمريكا عن مشاركة أمريكا في الحرب الأوكرانية ب 350 مليار دولار مع الفوائد ، بينما اعتقد زيلينسكي بأن ما كان يصرفه الرئيس جو بايدن من أموال على الحرب الأوكرانية إلى جانب أوروبا سوف يستمر في عهد ترامب ، و بأنه مجاني، لكن ما راهن عليه زيلينسكي فشل في مكانه ،و أصبح أمام مأزق خسران كافة بلاده أوكرانيا التي كانت متماسكة بعد استقلالها عن الاتحاد السوفيتي عام 1991 ، و التي انفصل الشرق و الجنوب عنها بداية عن طريق صناديق الأقتراع .
تصريح جديد لرئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين ، قال فيه بأن أوكرانيا انضمت للاتحاد السوفيتي طوعا يوم لم تكن فيه تملك وطنا ، و عندما انفكت عنه عادت تحتضن وطنا هو في واقع الحال هدية الزعيمين فلاديمير لينين ، و جوزيف ستالين . وكلنا عرفنا سابقا حادثة تقديم الزعيم نيكيتا خروتشوف الأوكراني الأصل عام 1954 للقرم هدية لأوكرانيا لأسباب مائية و اقتصادية . وجدد الرئيس بوتين القول مؤخرا ،و استمعت لسيادته مباشرة باللغة الروسية ، بأن سبب الحرب الأوكرانية المباشر هو انقلاب " كييف " الحكومي عام 2014 ، و التحول من السياسة إلى العسكرة ، و التوجه لاتهام روسيا بمجريات الحرب الأوكرانية . و روسيا لمن لا يعرف تقود توجه عالم متعدد الأقطاب الذي يمثل شرق و جنوب العالم و يبقي الباب مفتوحا على الغرب . وفي المقابل الاحظ شخصيا ككاتب أردني و عربي من وسط منطقة الشرق الأوسط ، كيف يتحدث زيلينسكي في أمريكا و في لندن عن ( العدوان الروسي )، و يبحث عن ضمانات دولية لكي لا يتكرر العدوان ، بينما هو من يطالب بدخول أوكرانيا لداخل ( الناتو ) ليشعل نيران حرب عالمية ثالثة تماما كما قال له ذلك الرئيس ترامب في البيت الأبيض مؤخرا . و يطلب زيلينسكي مزيدا من المساعدات العسكرية للتفاوض مع روسيا من زاوية القوة ، و هو الذي فشل على مدى أكثر من ثلاثة سنوات على الحرب ، و أعلن رئيس وزراء بريطانيا - كير ستارمر- عن مساعدة عسكرية دفاعية لأوكرانيا – زيلينسكي زاد عن ثلاث مليارات دولار ، و كان هذا قد تزامن مع مكالمة هاتفية مع القيادة الأمريكية من طرفه لبحث السلام مع روسيا ذات الوقت .
و رسالة فلاديمير زيلينسكي الحديثة لدونالد ترامب بعد جلسة الخصام في البيت الأبيض لم تكن مفاجئة لأوروبا التي صممتها بالتنسيق مع زيلينسكي نفسه ،ووصلوا معا لنتيجة واحدة ، بأن استمرار الحرب لن تكون لصالح العاصمة " كييف " و نظامها السياسي بعد خسران مليون جندي و ضابط أوكراني قتيل ، و بعد خسران شرق و جنوب أوكرانيا ، و توجهوا لتفضيل تقديم معادن أوكرانيا الثمينة و النادرة لأمريكا – ترامب على طبق من ذهب لحماية الجناح الغربي الأوكراني من (التغول الروسي ) المحتمل حسب هاجس و تخوف الرئيس الأوكراني زيلينسكي المنتهية ولايته و برلمانه " فيرخوفنايا -رادا " ،و للمماطلة من طرفهما بإجراء انتخابات رئاسية و برلمانية حتى يبقى خادما للغرب دون غيره ، لأنه المستفيد، و هو مطلب روسي و أمريكي لشرعنة السلام المقبل بين روسيا و أوكرانيا ، وكما هو مقترح في العاصمة البيلاروسية " مينسك " وتحت الرعاية الأمريكية و بحضور الرئيس ترامب .
و خطاب الرئيس ترامب أمام الكونغرس الأمريكي بشقيه الديمقراطي و الجمهوري ، و تصفيق الجمهوري له فقط . وطبيعي القول هنا ، بأن الديمقراطيين الأميركان لم يكونوا يوما أفضل حالا من الجمهوريين في التعامل مع قضايا العالم الساخنة ، لكن الرئيس دونالد ترامب اجتهد وقلب طاولة الحرب ، و صنف بلاده العظمى- الولايات المتحدة الأمريكية بالمحايدة بين أوكرانيا و روسيا ، و رفض الاستماع لتقويلات زيلينسكي و ما عرضه عليه من صور للحرب في البيت الأبيض ، و فقط لأنه يبحث عن الحقيقة و يتمسك بها .
حرص ماكرون في الأونة الأخيرة على تحريض دونالد ترامب على روسيا – بوتين من زاوية تصفية الحسابات الشخصية ، و عشقه للحرب الباردة و سباق التسلح ، لكي تدفع روسيا تعويضا لأمريكا بسبب الحرب الأوكرانية بعد مساهمتها فيها بالمبلغ الأكبر بعد أوروبا ، و توجيه تهمة العدوانية لروسيا وهو الأمر المستغرب رغم أنها لم تبدأ الحرب. و تحدث عن ماكرون نائب الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف بسبب تصريحاته النووية الأخيرة قائلا ، بأن فرنسا سوف تنساه فور مغادرته كرسي العمل العام ، و قال عنه سيرجي لافروف وزير خارجية روسيا المخضرم و القدير بأن تهديد ماكرون النووي لروسيا يشبه سلوك نابليون و هتلر اللذان حاولا الانتصارعلى روسيا وفشل. وهو ، أي ماكرون لا ينسى استقباله في موسكو في زمن كورونا عام 2022 حول طاولة طولها أربعة أمتار ، بعد رفضه تعريض نفسه للقاح الروسي المضاد هناك ، ونسي ربما اشتراك بلاده فرنسا في اتفاقية " مينسك " عام 2015 إلى جانب ألمانيا ، و روسيا ، و بيلاروسيا لوضع حد أنذاك للحرب الدائرة بين غرب و شرق أوكرانيا بداية بعد انقلاب " كييف " وفي عهدي بيترو باراشينكا و فلاديمير زيلينسكي ، و يصر على نسيان محاولات روسيا توقيع سلام مع أوكرانيا – زيلينسكي عبر تركيا ، و لا زال ماكرون يجهل بأن نظرية السلام الأوكراني مع روسيا عبر القوة فشلت و ستفشل إلى الأمام ، و بأن حشد 50 دولة غربية ضد روسيا فشل أيضا، وها هي مؤشرات الساعة تشير لقرب عقد سلام روسي – أوكراني في بيلاروسيا برعاية أمريكية و شروط أوكرانية للعاصمة " كييف " إن وافقت عليها موسكو. و يدعو ماكرون الان لتشكيل جيش أوروبي لمواجهة أي زحف روسي عسكري مستقبلي حسب تصوره ، وما في داخله من رعب . و الواضح حتى الساعة هو بأن روسيا لن تتراجع عن الأراضي التي حررتها و تشمل ( القرم ، و لوغانسك ، دونيتسك " الدونباس " ، و زاباروجا و خيرسون ) ، وهي ماضية في تقدمها إن لم تتوقف الحرب حتى نهر الدنيبر.
ماكرون الذي انتخبه الشعب الفرنسي مرتين عامي 2017 وحصوله على أكثر من 20 مليون صوتا ، و في عام 2022 و حصوله على أكثر من 18 مليون صوتا ، هو نفسه ماكرون الذي اعتدى عليه شعبه في الشارع العام مرتين ومن مسافة قريبة ، و ثمة معلومة لوجستية تفيد بأن زوجته ( بيرجيت) يهودية الأصل و ترتبط بعلاقة عائلية وطيدة مع عائلة روتشيلد الماسونية الثرية جدا على مستوى العالم ، وهي من أوصلته لسدة الحكم في قصر الإيليزيه في باريس .
مدار الساعة ـ