أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات برلمانيات جامعات وفيات مناسبات مجتمع رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية الموقف شهادة مستثمرون جاهات واعراس دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

ردايدة تكتب: حرق طفل على يد زملائه في المدرسة وهذا التكييف القانوني لتلك الجريمة وعقوبتها


المحاميه مرح مازن ردايده

ردايدة تكتب: حرق طفل على يد زملائه في المدرسة وهذا التكييف القانوني لتلك الجريمة وعقوبتها

مدار الساعة ـ
نشرت بعض المواقع الإخبارية، حادثة في الشارع الأردني وهي حادثة مروعة داخل إحدى مدارس منطقة الرصيفة، حيث أقدم طالبان على ارتكاب فعل خطير ضد زميل لهما البالغ من العمر 11 عامًا، حيث قام الطالبان بسكب مادة بترولية على أنحاء متفرقة من جسد الطفل، وقاموا بتقيده من يديه داخل مطبخ المدرسة وحرقه ومن ثم اغلاق الباب عليه ونتيجة الصراخ والألم، سمع المعلمون صوته وقاموا بإنقاذه وتم نقله فورًا إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم.
وقد أثارت هذه القضية الرأي العام الأردني، فالشعب الأردني غضب من هذه الجريمة البشعة وطالب كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي بمعاقبة الفاعلين باقصى العقوبات،وتابعت جلالة الملكة رانيا وولي العهد الأمر وحالياً تتابع الجهات المعنية الاهتمام بالحادثة من ادارة حماية الاسرة ومديرية الأمن العام وبدأت الفرق المختصة في التحقيق، و في المجال القانوني وتحديداً من الناحية الجزائية فإن أهم الاسئلة الأكثر شيوعاً تدور حول
- ما هي الجريمة المرتكبة؟ ما العقوبة التي يمكن الحكم بها كون مرتكبي الجريمة هم احداث ؟
لابد ابتداء من توضيح أهم مبدأ من مبادئ القانون الجنائي وهو مبدأ "شرعية الجرائم والعقوبات"، هذا المبدأ نص عليه المُشرع الأردني في المادة (3) من قانون العقوبات، ومضمون هذا المبدأ هو حصر الجرائم والعقوبات في نصوص قانونية محددة، فالقاضي لا يجوز له أن يعتبر فعلاً معيناً جريمة إلا إذا وجد نصاً قانونياً يجرم هذا الفعل بشكلٍ دقيق، فإن لم يجد القاضي نصاً قانونياً- فلا سبيل إلى اعتبار هذا الفعل جريمة.
وانطلاقاً مما تقدم، يتعيّن لمعرفة العقوبة المقررة للجريمة سالفة الذكر تحديد وتوضيح النصوص التجريمية الواردة في القانون الأردني التي تدخل ضمن نطاقها أفعال جناة "وبالاطلاع هذه النصوص يتضح أن أفعال الجناة تدخل ضمن نطاق واحد أو أكثر من النصوص التالية :
- نصت المادة (328/1) من قانون العقوبات على أنه: ( يُعاقب بالإعدام على القتل قصداً إذا اُرتكب مع سبق الإصرار، ويقال له القتل العمد).
- ونصت المادة (70/1 ) من ذات القانون على عقوبة جناية الشروع التام بالقتل القصد مع سبق الإصرار( القتل العمد) بالأشغال المؤبدة أو بالأشغال عشرين سنة.
وجاء النص كالآتي: ( إذا كانت الأفعال اللازمة لإتمام الجريمة قد تمت ولكن لحيلولة أسباب مانعة لا دخل لإرادة فاعلها فيها لم تتم الجريمة المقصودة، عوقب على الوجه التالي : - الأشغال المؤبدة أو الأشغال عشرين سنة إذا كانت عقوبة الجناية التي شُرع فيها تستلزم الإعدام.....الخ).
الأركان والعناصر الواجب توافرها لقيام جناية الشروع التام في القتل العمد
اثبات استعمال الجناة الاحداث المادة البترولية الحارقه وسكبها على انحاء متفرقة من جسده وتقيد حركة المجني عليه بربطه وحرقه في مطبخ المدرسة ومن ثم اغلاق الباب عليه والهروب وهذا الامر يطلب من النيابة العامة من خلال عملية التحقيق كون الافعال التي تمت حسب ما تم تناوله وحسب ما رواه المجني عليه حيث لولا صراخه وسماع المدرسين لادت هذه الافعال إلى وفاته، وهنا يجب الاستعانة بتقارير وأقوال الخبرة الطبية التي تفيد بهذه النتيجة المتوقعة وهي ( الوفاة) وكذلك جميع الشهود الذين سمعوا الطفل ووجوده مقيد والنار تحرقة، كما ويجب على النيابة العامة إثبات القصد الجنائي لقتل الطفل المجني عليه مع ظرف سبق الإصرار،وإذا عجزت النيابة العامة عن إثبات القصد المباشر، فلها أن تثبت القصد غير المباشر ( القصد الاحتمالي) ، وهذا القصد يتم إثباته بمجرد إثبات توقع الجناة لنتيجة القتل والقبول بها،وتستدل المحكمة على هذا القصد من ظروف الجريمة البشعة من سكب المادة البترولية وهي مادة خطرة وسريعة الاشتعال التي أُستعملت في الجريمة ومكان إصابات المجنى عليه،ونعتقد بأن هذا الأمر من السهل إثباته، فمن المنطق ان استعمال أدوات حارقة على انحاء متفرقة من الجسم واشعالها مع تقييد الطفل المجني عليه بطبيعتها تؤدي إلى الوفاه اضافة الى انه على النيابة العامة إثبات سبق الإصرار كظرف مشدد يغلظ العقوبة لتصل الى الاعدام وهذا يتبين من خلال اتفاق الجناه وتصميهم بشكل مسبق لاحضار الماده الحارقه وانتظار المجني عليه ليتواجب في مكان خالي ليتم تقييده بعيداً عن الانظار وتصميهم وهذا يحتاج الى تخطيط مسبق.
وبناءً على ماتقدم، أنه وفي حال ثبوت جناية الشروع بالقتل فإن العقوبة التي يستحقها الجناة وكونهم يبلغون من العمر ١٣ -١٤ سنه فهم من فئة المراهقين فتكون العقوبة وفقًا لما نصت عليه المادتين 25 و26 من قانون الأحداث مع مراعاة أحكام المادة 70 من قانون العقوبات كالتالي :
إذا تبين أن الفعل يشكل جناية القتل العمد ( مع سبق الإصرار ) فإن العقوبة تكون بتطبيق الفقرة أ من المادة 26 من قانون الأحداث والتي بينت ما يلي:
إذا اقترف المراهق جناية حكمها الإعدام، يحكم عليه بوضعه في دار التأهيل بين 6 إلى 10 سنوات.
وإذا تبين بأن الفعل يشكل جريمة القتل قصداً يتم تطبيق الفقرة ب من المادة 26 من قانون الأحداث
والتي وضحت ما يلي: انه إذا اقترف المراهق جناية تستوجب الأشغال المؤبدة، يحكم عليه بوضعه في دار التأهيل بين 3 إلى 8 سنوات.
إلا أنه قد يحتمل من خلال وقائع القضية وظروفها ومن خلال البينات أن يتحول تكييف الجريمة الى الايذاء البليغ وهنا يتم تطبيق نص المادة 344 مكرر من قانون العقوبات بفرقتها الثانية والتي وضحت عقوبة القاء المواد الحارقة او الكاوية أو المشوهة على وجه شخص أو عنقه بأن العقوبة تكون الاشغال المؤقتة مدة لا تقل عن سبع سنوات وبتطبيق العقوبة على الجناة وكونهم من فئة الأحداث ( المراهقين) يتم تطبيق نص المادة 26/ج من قانون الأحداث وتكون العقوبة هي وضع المراهق في دار تأهيل الاحداث مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاثة سنوات.
ولا يفوتنا الاشارة الى أن هنالك تقصير واهمال واضح من قبل المدرسة كون المادة الخطرة يجب أن لا تكون في متناول الأيدي ومتاحة الحصول عليها من قبل الطلاب فيظهر أن هناك إهمال وعدم وجود رقابة داخل المدرسة كون الجناة تمكنوا بالانفراد بالمجني عليه ولم يكن داخل مطبخ المدرسة أي شخص وهذا قد يشكل جرم تهاون الموظف بواجباته الوظيفية على الأشخاص "أصحاب السلطة في المدرسة" .
وفي الختام
اسال الله السِّلم والسلامة لأهل الوطن وحفظ بلادنا الغالية من كلّ سوء، وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان، وأن يوفق قائدنا لكلِّ ما تُحبّه وترضاه.
مدار الساعة ـ