أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات مناسبات مجتمع رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

القضاة يكتب: لا خوف على بلد أول صحفييها ملك


خالد القضاة

القضاة يكتب: لا خوف على بلد أول صحفييها ملك

مدار الساعة ـ
سألني أحد الأصدقاء، مستفسرًا أو مناكفًا، كيف يمكن أن نطبق ما نشرته حول "فرق صحفية للتدخل السريع" في لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الأمري كي دونالد ترامب في البيت الأبيض؟
أجبته بأنني سأتناول الموضوع في منشور جديد، ولكنني تأخرت قليلًا، منتظرًا لقاء ترامب مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي، لأثبت ما ذهبت إليه من وجود تلك الفرق الصحفية التي تتدخل بذكاء خلال المؤتمرات الصحفية لقادة الدول.
دققوا جيدًا في السؤال الذي طرحه أحد الصحفيين على زيلينسكي: "لماذا لم ترتدِ بدلة رسمية؟ ألا يُعدّ ذلك عدم احترام للشعب الأمريكي؟"
سؤال ملغوم وضع زيلينسكي في موقف محرج، ودفعه إلى مواجهة غير مباشرة مع الرأي العام الأمريكي، مانحًا ترامب فرصة ذهبية للإطاحة بضيفه، بغض النظر عن القضية الأساسية التي كانت محور اللقاء.
الآن، دعونا نعود إلى لقاء جلالة الملك عبدالله مع ترامب، وتحديدًا اللحظة التي قال فيها ترامب: "على الأردن ومصر تخصيص قطعة أرض لتهجير الفلسطينيين إليها"، ثم التفت إلى جلالة الملك.
تخيلوا لو أن صحفيًا أردنيًا مرافقًا للوفد تدخل في تلك اللحظة بذكاء وطرح السؤال التالي على ترامب:
"لماذا لم تقم الولايات المتحدة باعتقال بنيامين نتنياهو تنفيذًا لقرار المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية، باعتباره متهمًا بارتكاب جرائم حرب؟"
أيًّا كانت إجابة ترامب، فإنها ستضعه في مواجهة مباشرة مع الشرعية الدولية والمجتمع الدولي، كما ستضع القيم الأمريكية المتعلقة بالحرية والعدالة تحت المجهر. هذا السؤال وحده كان كفيلًا بتغيير مسار اللقاء، وجعل إجابة ترامب محور حديث وسائل الإعلام العالمية.
وبالنظر إلى شخصية ترامب ومواقفه السابقة، فإن هذا السؤال الملغوم كان سيدفعه إلى مهاجمة المحكمة بغضب، والتهجم على قضاتها، ما سيجعله يبدو وكأنه يدافع عن مجرمي حرب، في موقف قد لا يكون مقبولًا حتى داخل الولايات المتحدة نفسها. وربما كان ليذهب أبعد من ذلك، معلنًا – بأسلوبه الاستعراضي المعتاد – نيته الانسحاب من بعض المنظمات الدولية. كل ذلك كان سيشكل مادة دسمة للصحافة العالمية، وكان من شأنه أن يغيّر ديناميكية الأسئلة اللاحقة، ويؤثر في مخرجات المؤتمر الصحفي الذي عُقد أصلًا خارج إطار البروتوكول المتفق عليه.
لكن، وكعادته، استطاع جلالة الملك إدارة ذلك اللقاء بحكمة ودبلوماسية منقطعة النظير، بينما احتاج ترامب إلى تدخل صحفي مدروس لتهيئة الأجواء للإطاحة بزيلينسكي.
لا تخف على بلدٍ أول جنودها وصحفييها... ملك.
مدار الساعة ـ