ذكرى تعريب قيادة الجيش الأردني هي واحدة من أهم المحطات في تاريخ الأردن، وتعتبر من اللحظات الحاسمة التي أثرت بشكل كبير في مسيرة المملكة الأردنية الهاشمية. في الأول من آذار 1956، أخذ المغفور له جلالة الملك حسين بن طلال قرارًا تاريخيًا بتعريب قيادة الجيش الأردني، وهو القرار الذي غير الكثير من معالم الدولة الأردنية في تلك الفترة.
أنا أعتقد أن هذا القرار كان بمثابة إعلان أن الأردن لم يعد مجرد دولة مستقلة بالاسم، بل أصبح لديه القدرة الحقيقية على اتخاذ قراراته الخاصة، خصوصًا فيما يتعلق بالقضايا العسكرية. الملك حسين رحمه الله كان يدرك أهمية هذه الخطوة في بناء دولة قوية ومتماسكة، وكان يدرك أن تعريب قيادة الجيش يعني أن الأردن يمتلك جيشًا قويًا يستطيع الدفاع عن نفسه وأرضه.
من ناحية أخرى، كانت هذه الخطوة بمثابة رسالة قوية للعالم أن الأردن أصبح دولة ذات سيادة كاملة وقادرة على اتخاذ القرارات المصيرية دون أي ضغوط خارجية. كما أن تعريب قيادة الجيش كان له تأثير كبير في تعزيز مكانة الأردن في المنطقة، حيث أصبح الجيش الأردني قادرًا على التعامل مع التحديات العسكرية والسياسية التي كانت تواجه العالم العربي في تلك الفترة.
كما أن القرار كان له تأثير كبير على الاستقرار الداخلي. مع تعريب قيادة الجيش، أصبح الشعب الأردني يشعر بأن الجيش يتكون من أبناء الوطن أنفسهم، وهذا عزز من الثقة بين القيادة والشعب. أصبح الجيش الأردني، بعد هذه الخطوة، أقرب إلى الشعب وأكثر فهمًا لاحتياجاته وطموحاته.
اليوم، حينما نتذكر ذكرى تعريب قيادة الجيش الأردني، فإننا لا نرى فقط قرارًا عسكريًا، بل نرى رمزًا من رموز الاستقلال والعزّة. هو مثال على قدرة الشعوب على بناء مؤسساتها العسكرية والسياسية بشكل يحقق لها الأمن والاستقرار والكرامة.
أنا شخصيًا أشعر أن تلك اللحظة كانت محورية في مسار الدولة الأردنية. الملك حسين رحمه الله لم يكن يريد فقط تحسين وضع الجيش، بل كان يطمح إلى بناء دولة قوية، مستعدة لمواجهة تحديات المستقبل بمفردها. ما يلفت انتباهي أيضًا هو تأثير هذا القرار في استقرار الأردن الداخلي. عندما أصبح الجيش تحت القيادة الأردنية، زادت الثقة بين الشعب والجيش. كنت أسمع دائمًا الناس يتحدثون عن كيف أن الجيش أصبح أكثر قربًا للشعب، وكيف أن قيادته كانت تفهم تمامًا احتياجات الشعب الأردني وطموحاته، هذا بناءً على مبدأ أن الجيش هو من الشعب وللشعب.
بالنسبة لي، ذكرى تعريب قيادة الجيش هي ذكرى يفخر بها كل أردني، وتُذكرنا بالقوة التي يمكن أن تمتلكها الإرادة الوطنية. أن نقف بأنفسنا، ونحدد مسارنا دون خوف أو تردد. إنها لحظة تؤكد أن السيادة الحقيقية لا تأتي من الخارج، بل من الداخل، ومن قدرتنا على اتخاذ قراراتنا التي تصب في مصلحة وطننا وشعبنا.
أما اليوم وفي ذكرى تعريب قيادة الجيش، يُعد الجيش الأردني من أبرز وأقوى الجيوش في المنطقة، سواء من حيث التجهيزات أو الخبرات العسكرية. خلال السنوات الأخيرة، ظل الجيش الأردني يحافظ على قوته وصلابته، وهو ليس فقط جيشًا قويًا من الناحية العسكرية، بل أيضًا رمزًا للأمن والاستقرار في الأردن والمنطقة. وبالإضافة إلى ذلك، الجيش الأردني يتمتع بخبرة طويلة في مواجهة التحديات الأمنية المعقدة في المنطقة، مثل التعامل مع الجماعات الإرهابية أو حماية الحدود في ظل الظروف السياسية المتقلبة. هذه الخبرة تمكنه من البقاء في حالة استعداد دائم لأي طارئ. وأحد العوامل التي تميز الجيش الأردني أيضًا هو انخراطه في العمل الإنساني، سواء في الداخل أو الخارج، حيث يلعب دورًا كبيرًا في تقديم الدعم للمجتمعات المتضررة من الحروب والنزاعات، وهذا يعكس إنسانية الجيش الأردني وقيمه العميقة.
ختامًا، يمكن القول وبكل فخر واعتزاز إن الجيش الأردني يمثل اليوم ليس فقط القوة العسكرية، بل القوة النفسية والشعبية والكرامة الأردنية التي لا غنى عنها فياستقرارالأردن.